الأحد 8 كانون الأول (ديسمبر) 2013

تركيا تتراجع.. وسورية تنتصر

الأحد 8 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par د.نسيب حطيط

بعدما تراجعت قطر عن قيادة الهجوم التكفيري على سورية، ودفعت “مهر الطلاق” بإبعاد الحمَدَيْن، وأعادت التواصل غير المباشر مع سورية والمباشر مع إيران، هاهو الثنائي التركي أردوغان - أوغلو يستدير إلى الخلف ويتراجع، لعله يستفيد من التسوية السياسية القادمة في سورية، ويقلل من خسائره المقبلة إلى ساحته عندما تصل جحافل التكفيريين من “داعش” و“القاعدة” التي ستتهمه بالكفر والخيانة.
التراجع التركي ليس خيالياً أو وهماً، لكنه بالواقع ظهر عبر الخطوات الآتية:
- تراجَع الأتراك عن الحل العسكري ورحّبوا بانعقاد مؤتمر “جنيف-2” وفق ماصرح أحمد داوود أوغلو في طهران.
- تطبيع التركي - عراقي وزيارات متبادلة، وأردوغان يتراجع عن اتهام المالكي وحكومته بالمذهبية.
- ترحيب تركي بالاتفاق النووي بين إيران ومجموعة “5+1”؛ بما يتناقض مع الموقف والغضب السعودييْن.
- تصريحات تركية ضد الإرهاب، واستعداد للمساهمة في مقاومته والقضاء عليه.
- بناء جدار عازل على الحدود السورية، ما يعني أن تركيا لا تعتبر المناطق السورية التي يسيطر عليها حلفاؤها من “المعارضة السورية” مناطق آمنة، محذرة من تسلل بعض التكفيرين إلى الداخل التركي بعدما أدخلتهم ليقتلوا وينهبوا في سورية.
والسؤال: لماذا تراجعت تركيا؟
عندما دعمت تركيا وتبنّت قوى الإرهاب من “المعارضة السورية”، ظن التركي أنه ثعلب عظيم وكبير يستطيع ابتلاع سورية بعدما شاهد ظله التكفيري ينتشر في الجغرافيا السورية، فبدأ بالإملاءات والتهديد وتحديد المواقيت لرحيل الرئيس الأسد.. انتفخ غروراً بعدما سرق “الإخوان المسلمون” الثورة في مصر، فازدادت طموحات أردوغان - أوغلو، وبدأوا بغسل ثياب السلاطين العثمانيين لارتدائها مجدداً، علّهم يحكمون 400 عام جديدة بعدما طُردوا من بلاد العرب.
فشل الأتراك والقطريون في سورية بعدما صمدت الأخيرة مع حلفائها ثلاث سنوات، وبدأت تركيا بالارتباك بعدما خسرت مصر، وفشلت في سورية ولم تهزم العراق، وبدأت مظاهر الانقسام المذهبي والقومي تغلي في ساحات تركيا مع العلويين الأتراك والأكراد والمعارضة في ساحة تقسيم وغيرها، ما أصاب المركب التركي بالثقوب من الداخل، فتحطّمت واجهته على صخرة الصمود السوري، فسارع القبطان أردوغان للسباحة نحو الشاطئ الإيراني، معلناً أن “إيران ضامنة لأمن واستقرار المنطقة”، واستعداده للشراكة الاقتصادية والسياسية معها، ما أغاظ السعودية، بل ولوّح باستعداده لشراء الصواريخ الصينية وهو عضو في حلف الناتو.. ومن يزور إيران ويشتري من الصين لابد أنه سيحط رحاله في روسيا.
رفع أردوغان أصابعه الأربعة تأييداً لـ“الإخوان المسلمين” في رابعة العدوية لكنه طوى إبهامه ليعلن امتناعه عن “بصم” وتوقيع فشله وهزيمته، فمن يخسر إبهامه يخسر نصف يده.
تركيا تاجر متلوّن بامتياز، فالمبادئ خاضعة لمقاييس الربح والخسارة؛ فإذا كان الربح يعتمد على العلاقة مع العدو “الإسرائيلي” الذي يحتل فلسطين والمسجد الأقصى فتركيا حليف استرتيجي له، وإذا كان الربح أن تكون عضواً في حلف الناتو فهذا مستحب، لعلها تدخل الاتحاد الأوروبي، وتستقبل الدرع الصاروخية ضد إيران وروسيا، وإذا كان الربح عبر التحالف مع “الإخوان” و“القاعدة” فلا بأس بالتطرف والعصبية المذهبييْن، وإذا كان الربح باتفاقات نفطية مع أكراد العراق بالتوازن مع قتل الأكراد الأتراك فكله جائز، وإذا كان الربح بالتحالف مع إيران ضد السعودية للشراكة في قيادة المنطقة والتعاون الاقتصادي لصالح تركيا، فلا بأس بمصالحة الإيرانيين حلفاء الأسد والمالكي..
السياسة التركية بإدارة “شركة أردوغان - أوغلو التجارية والإسلامية” استراتيجيتها ترتكز على أن كل شي للبيع (المبادئ والسيادة والكرامة والتراجع..) مادام الثمن سلطة ومالاً، حتى في “الفقه الأردوغاني” لا بأس ببيع الكحول من السادسة صباحاً حتى العاشرة مساء وبعدها البيع ممنوع، واحتساء الشراب الذي تم شراؤه نهاراً مسموح، ولا بأس بتعديل النص القرآني، فالسلطان الافتراضي أردوغان يستطيع فعل أي شي يريده.. لكن ستشرق شمس الحقيقة والحق عما قريب ويعود الثعلب التركي إلى حجمه الطبيعي، وسيُطرد أردوغان - أوغلو من القيادة التركية، فالوحش التكفيري لا يفرّق بالحدود.
وتبقى الأسئلة الخطيرة التي تطرحها المعارضة التركية وغيرها:
- ماذا سيفعل أردوغان حين ترتد موجات التكفيريين إلى الداخل التركي وتبدأ بقتل العلويين ثم السنة العلمانيين، وبعدهما الأكراد المناوئين، ويهدمون أضرحة السلاطين والأولياء ويمنعون الفكر الغربي في تركيا؟
- ماذا سيفعل أردوغان و“حزب العدالة والتنمية” في حال أثيرت مجدداً إبادة الأرمن قبل وبعد الحرب العالمية الأولى، والتي تستمر الآن في سورية ضد المسيحيين عبر دعم التكفيريين و“داعش” و“النصرة”؟
- ماذا لو تصاعد التوتر المصري التركي وأُقفل السوق المصري في وجه البضائع التركية؟
- ماذا سيفعل الأتراك وهم يعادون سورية ومصر والعراق والسعودية ويتحالفون مع العدو “الإسرائيلي”؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2165821

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165821 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010