الثلاثاء 3 كانون الأول (ديسمبر) 2013

لبنان ونيران الفتنة

الثلاثاء 3 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par أمجد عرار

صوت الرصاص والقذائف وأنين القتلى في مدينة طرابلس عاصمة شمال لبنان صدى “عربي” مجلجل للصوت ذاته في شقيقتها وحاملة اسمها في دولة عربية تسمى ليبيا وأصبحت مضماراً لسباق الموت . في طرابلس ابنة لبنان، الأخضر خلقة ربانية بلا ربيع، يقتل الناس في اشتباكات طائفية، وما زال الحبل على الجرار، طالما أنه متروك على الغارب لأمراء الحرب والفتنة وسرطان التجسّس والعبث والتوجيه “الإسرائيلي” .
جبل محسن الذي بات مرتعاً لكل مسيء للبنان ووحدته، مشتبك مع درب التبانة، وهو اسم منتزع من مجموعة فلكية تمثّل الشمس فيها ما تمثّله ذرة رمل بالنسبة للأرض . لكن الأسماء مجانية ولا يدفع أحد ضرائب لأجلها . القتال شديد والقتلى والجرحى بالعشرات، بل إن شدّته بلغت مستوى تنهار معه بنايات متعددة الطوابق . وعلى نحو متكرّر منذ ثلاث سنوات يصدر إطلاق نار من سبطانة مصنوعة خصيصاً للفتنة، يرد عليه إطلاق نار من سبطانة من نفس المصنع والمصدر، ثم تسخن الاشتباكات بالقنابل والأسلحة المتوسّطة، والدولة تسمع الخبر من الفضائيات .
تنجح دول في تحقيق إنجازات تجذب إليها أنظار العالم واستثماراته وسياحه، فلا تنتقل العدوى إلى لبنان، لكن عدوى القتل الأسود في سوريا تنتقل إلى “بلد الكرامة والشعب العنيد” بأسرع من ذوبان أكياس الشاي في ثكنة مرجعيون . بعض الأطراف اللبنانية كانت تشكو من “عهد الوصاية” السوري، والآن هي ذاتها تستورد الوصاية الدموية والفتنوية، وتقول تفضّل يا “لبنان قطعة من السما” . كان اللبناني ينشد “يا سنديانة تحت فيّاتك ياما تلاقينا”، أصبح اللقاء الآن بالسلاح والافتراق إلى المقابر حيث يشيّع كل طرف قتلاه .
كان الجنوب “إسوارة العروس مجبولة بالذهب”، صار الشمال مقصلة الرؤوس موشومة بالغضب . المفخّخات كانت تعد لاستقبال الغزاة الصهاينة، أصبحت تنشر الموت بين اللبنانيين . وما زال أمراء الحرب يستثمرون بدماء الفقراء المضللين باسم القطيع الطائفي والمذهبي . الدماء تروي شجيرات الحرب، وأمراء الفتنة يحصدون الثمار تضخيماً لأرصدتهم، والموت أسرع من المهرولين تزلّجاً من على قمم جبال الألب .
أين كان هذا السلاح عندما كانت “إسرائيل” تصب على لبنان حمم “عناقيد الغضب” وتصفي حسابها مع كل من يؤمن بعروبة لبنان؟ . تتوالى تصريحات منسوبة ل “زعامات” لم نسمع بأسمائها منذ مسح الصهاينة قوى لبنانية عن وجه الأرض في الأربعينات والخمسينات . لم يكن لهم وجود أو حضور أو حناجر خطابية طيلة ربع قرن حين كان جيش الاحتلال يسرح ويمرح في ثلث أراضي لبنان . بعضهم سنّ سكين الطائفية والقتل على الهوية .
لم تبق في لبنان اليوم دائرة سلمت من جواسيس “إسرائيل” . حتى الصخور زرعوا فراغاتها بأجهزة التنصّت . لبنان الذي سمعنا اسمه منذ نعومة أظفارنا مقترنا بلقب “سويسرا الشرق”، يريده هذا البعض الموتور وتاجر الدماء مزيجاً ميليشيوياً من الصومال والعراق وسوريا وليبيا ومالي، لأن لبنان العروبي الذي توحّد ذات حقبة مشرقة على حب عبدالناصر، لا يبقي مكاناً ولا مقعد زعامة لأمراء الفتنة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2178175

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2178175 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40