الجمعة 6 كانون الأول (ديسمبر) 2013

المشرق.. إما يتوحد أو يتبدّد

الجمعة 6 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par صالح عوض

حسين اليزدي، مثقف مغربي متخصص في فلسفة القانون، كتب معقّبا على مقال لي سابق ناقشت فيه موضوع النهضة والوحدة في منطقة المغرب العربي بالأساس، والجزائر في قلبه، وكما رأى الدكتور حسين، فإن النهضة ممكنة تماما ولكن لا ضامن لها إلا الوحدة، ففي الوحدة تتكامل الأهداف وتتنامى القدرات وتتعاضد القوى، وتفتح الأسواق والمجالات الحيوية للشعب الواحد رغم الحدود المصطنعة والثقافات القطرية المشوهة.
وفي مقابل نهضة المغرب العربي ووحدته، وهي مطلب أساسي للثوار المغاربة والجزائريين في منتصف القرن السابق، حيث المكتب المغربي بقيادة عبد الكريم الخطابي، والبشير الإبراهيمي، وحيث ثورة نوفمبر المجيدة التي جعلت من استقلال بلاد المغرب ووحدته هدفها البارز، في مقابل هذه النهضة والوحدة المنشودة يقف المشرق الإسلامي العربي في مرحلة خطيرة تستدعي الوحدة والنهضة معا، وإن كانت الضرورة ملحة جدا الآن على المشرق للاتجاه نحو التنسيق والتكامل والتعاون، فإن المغرب العربي لن يخرج من القلق والاحتقان بين الحين والآخر، مدعو الآن لخطة تتجاوز المشكلات التي هي تركة استعمارية ينبغي أن تُستوعب في إطار تعاون وتكامل وتآلف بين أقطاره.
نريد هنا الإشارة لما يمكن أن يجري في المشرق، بعد أن تأكد للجميع أن أمريكا لا تعير اهتماما إلا لمصالحها، وهي جاهزة لأن تخون أقرب حلفائها، ثم إن هناك إدراكا مكثّفا في المشرق بأن اللغة الوحيدة مع الإدارات الغربية هي القوة والذكاء، وإنه بالإمكان انتزاع الاعتراف من الغرب بحقوقنا أو بعضها دونما الإقرار له بتنازلات مشينة.
المشرق العربي الإسلامي يقوم على ثلاثة قوائم أساسية: إيران وتركيا ومصر، ومن الواضح أن تركيا وإيران لم تتخلّفا عن دوريهما في المشرق الإسلامي والعربي بالتخصيص منذ مئات السنين، فلقد كانت إيران الشاه ذات دور واضح في قضايا العرب لاسيما في الموضوع الفلسطيني، ولا يمكن أن نتجاهل ذلك التاريخ الأسود، حيث كان نظام الشاه حليفا أساسيا لإسرائيل، وبنفس الكيفية كان النظام التركي خلال عشرات السنين حليفا قويا لإسرائيل ومتعاونا معها في كل المجالات الاستراتيجية..
لقد كان الشاه يخدم إسرائيل على أكثر من مستوى، وكان الموساد يتصرف في إيران كيفما شاء، كما أن الموساد جعل من تركيا عاصمة لتنقلاته في الإقليم..
هذا فضلا عن الروح العدائية التي اكتنزها كلا النظامين العلمانيين المرتبطين بالإدارات الغربية.
الآن تغيرت الأمور.. أصبحت إيران دولة مواجهة مباشرة وفي خندق القتال الأول في مواجهة إسرائيل، كما أن الأتراك لا يخفون تعاطفهم مع فلسطين وشعبها، ورغم أن موقف تركيا لم يرتق بعد لما هو مطلوب إلا أن الأتراك سائرون نحو تركيا مختلفة بعض الشيء عن رغبات الأمريكان والغربيين، وهذا يعني ضرورة أان يبحثوا عن ضمانات الوقوف أمام خطط غربية تستهدف استقرار تركيا واقتصادها، وهنا أدرك الأتراك ضرورة الشراكة مع إيران وتنسيق المواقف، ولعل تسليم تركيا إيران عملاء الموساد الإيرانيين قبل شهر، يعبّر عن مستوى درجة التنسيق..
لكن لا يمكن أن يتوازن المشرق الإسلامي إلا بمصر وبلاد الشام والعراق، ومن الواضح أن الدوار أصاب العرب لما فقدت مصر دورها، وكذلك ستظل عملية النهضة وبناء الكتلة المستقلة رهينة بوجود مصر. الأمر الذي يعني أن هذه الكتلة ستنتظر حتى يستقر أمر مصر. وتستطيع أن تخرج من مأزقها معافاة ستجد نفسها حينذاك أحد الأضلاع الثلاثة في بناء مشرق عربي إسلامي يستطيع إنقاذ الأمة، وان يتكامل مع المغرب العربي تجارة وسياحة وتبادل خبرات، وتعاونا ونصرة وولاء.. والله يتولانا برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165851

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165851 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010