الأحد 1 كانون الأول (ديسمبر) 2013

هيرتسوج والخارطة الحزبية “الإسرائيلية”

الأحد 1 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par د. فايز رشيد

فاز عضو الكنيست إسحق هيرتسوج برئاسة حزب العمل، وهو أكبر الأحزاب المعارضة في إسرائيل. كان ذلك في انتخابات الحزب التي جرت (الجمعة 22 نوفمبر الماضي) مؤخراً. حصل على 58% من الأصوات مقابل 41% لصالح الرئيسة السابقة شيلي يحميتوفيتش التي أطاح بها هيرتسوج.الأخير هو نجل الرئيس الإسرائيلي الأسبق في الثمانينيات حاييم هيرتسوج.استلم منصب وزير في حكومات إسرائيلية متعددة ,وهو من المنادين في الحزب بضرورة تبني موافقه السياسية والاقتصادية السابقة. هللت الصحافة الإسرائيلية لنجاح هيرتسوج باعتباره أطاح بالرئيسة السابقة التي يصفها الشارع الإسرائيلي بالمتغطرسة. حزب العمل كان هو الحزب الأكبر في إسرائيل, وهو الذي تولى غالبية الحكومات الإسرائيلية منذ إنشاء الدولة حتى نهاية السبعينيات.
بالنسبة للحظ السياسي للحزب, هيرتسوج يطرح ضرورة التقيد بالبرنامج الأساسي له: الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني, وتبني حل الصراع على أساس مشروع الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون, لكنه يرفض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين. إذ أن مشروع كلينتون يدعو لعودة رمزية إلى مناطق عام 1948. الحزب بالمعنى السياسي يمارس ديماجوجية كبيرة بين المواقف النظرية التي يتبناها وبين الممارسة العملية, فأثناء تسلمه للحكومات الإسرائيلية فإنه بالمعنى الفعلي كان يقف بالمعنى العملي على يمين الليكود. حالياً هو يحتل المركز الثالث بين الأحزاب الإسرائيلية بعد“الليكود” وحزب“يوجد مستقبل”. والأخير هو حزب جديد أنشأه يائير ليبيد واستطاع هذا الحزب تحقيق المركز الثاني في انتخابات الكنيست الأخيرة ,التي جرت في مطلع العام الحالي.
خاب ظن الإسرائيليين الذي انتخبوا حزب“يوجد مستقبل”(معروف أن الحزب أخذ أصواتاً كثيرة من حزب العمل في الشارع الإسرائيلي) فعملياً لم يحقق الحزب أية تغييرات جديدة, بغض النظر عن السياسات الاقتصادية والسياسية التي يطرحها. يرى الإسرائيليون الآن في“العمل” برئاسة هيرتسوج بديلاً لحزب “يوجد مستقبل”, ففي استطلاعات الرأي التي أجريت في إسرائيل ومنها استطلاع أجرته صحيفة“هآرتس”دّلت النتائج: على أن 55% من المصوتين للحزب“يوجد مستقبل” ليسوا راضين عن تصويتهم السابق, بسبب سياسات الحزب في الكنيست. كذلك فإن نتائج الاستطلاع أشارت إلى أن أكثر من 75% من الذين صوتوا له يرفضون تقديم امتيازات مالية للمستوطنين. بينما قال 61% منهم إنهم يوافقون على مبادرة كلينتون التي تدعو إلى اقتسام القدس بين العرب وإسرائيل, وتدعو إلى عودة للاجئين تكون رمزية ومحدودة.
الإسرائيليون المنزعجون من مواقف حزب“يوجد مستقبل” يرون في“حزب العمل” برئاسة هيرتسوج: بديلاً للحزب الأول فهيرتسوج وفقاً لوجهات نظرهم: قادر بتاريخه وبمسلكيته على استعادة مكانة الحزب السابقة, والذي تلقى ضربات كثيرة في انتخابات الكنيست وبخاصة في الأعوام2013،2006،2003. هيرتسوج يملك من الكاريزما السياسية ( يساعد في ذلك تاريخ والده) بحيث (وفقاً لوجهات نظر العديد من المراقبين السياسيين) يؤهله لأن يكون زعيماً سياسياً جديداً يراهن عليه الإسرائيليون، ولذلك سيلعب دوراً في إعادة ترتيب الخارطة الحزبية الإسرائيلية. لكن ليس من المنتظر أن يشكل الحزب ولا حتى رئيسه علامة فارقة في الحياة السياسية الإسرائيلية, فهو مع الاستيطان جملةً وتفصيلاً, وهو( وكما ذكرنا) ضد عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم، وسبق له أن اتخذ موقف“القدس هي العاصمة الأبدية والموحدة لإسرائيل”.أما بالنسبة لاقتسامها فحزب العمل يقف مع إشراف فلسطيني على الأماكن الدينية, ولكن شريطة أن تظل القدس“عاصمة أبدية وموحدة لإسرائيل”.
أثناء تولي الحزب للحكومات الإسرائيلية, اقترفت إسرائيل مذابح عديدة ضد الفلسطينيين والعرب, وشاركت إسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956, وحرب عام 1967. والحزب هو الذي كان وراء المشروع النووي الإسرائيلي.
هذا غيض من فيض السياسات التي انتهجها الحزب! الفروق بين الأحزاب الإسرائيلية بالنسبة لرؤية التسوية مع الفلسطينيين هي فروق ثانوية,لا تطال الجوهر أو المضمون. غير أن الحزب يحرص على الأطروحات السياسية الأكثر سلاسة، والتي لا يبدو من خلالها حزب متطرف كطرح الليكود أو حزب شاس على سبيل المثال وليس الحصر.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس قام بتهنئة هيرتسوج بعد انتخابه رئيساً لحزب“العمل”. الخشية كل الخشية أن تراهن السلطة الفلسطينية عليه باعتباره من سيحقق السلام مع الفلسطينيين والعرب؟!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2165513

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2165513 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010