الحراك الشعبي العراقي الذي دخل أسبوعه الحادي عشر حفز قوى وفعاليات كانت تنتظر هذه اللحظة لتأكيد حضورها في الميدان على الرغم من أنه قد فاجأ الجميع؛ ليس لأنه كان ردة فعل على موقف محدد، وإنما كان تعبيرا عن موقف شعبي كان يغلي ويختمر ونضجت شروط انطلاقته ليكون عنوانا لمرحلة جديدة قد تغير المشهد السياسي.
فأصبح الحراك الشعبي يعبر عن إرادة شعبية متصاعدة رغم رفض الحكومة الاستجابة للمطالب المشروعة للمشاركين بالاعتصامات الشعبية.
وطبقا للراشح فإن مسار الحراك الشعبي تخطى حاجز الاستقطاب الطائفي الذي حاول البعض التمترس خلفه ليسقط أي ذريعة قد توصمه بهذا اللون؛ لأننا ليس أمام حراك مجرد من محتواه السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وإنما أمام انتفاضة شعبية على ما يبدو استكملت شروط انطلاقتها وديمومتها من فرط ما أصاب أصحابها من غبن وظلم وتهميش، وقبل ذلك تجريدها من حق المشاركة في بناء الوطن والمحافظة على وحدته.
وهذا التوصيف لأفق الحراك في المحافظات العراقية الست المنتفضة العابر للتخندق الطائفي والمناطقي ينبغي أن لا يسمح للانتهازيين أن يركبوا الموجة ويحرفوه عن مساره من خلال غلق منافذ تسللهم إلى شواغل وهموم المشاركين بحركة الاحتجاجات الشعبية.
ويقتضي من قيادات الحراك الشعبي أن يوحدوا خطابهم السياسي بموقف يعبر عن إرادة المتظاهرين وتطلعاتهم من خلال إلغاء أو إعادة النظر بالقوانين الجائرة التي أصدرتها سلطة الاحتلال الأميركي؛ لأنها أسست للنظام السياسي على وفق رؤيتها التقسيمية وأدت إلى بقاء العراق ضعيفا وفي خانق من الصعوبة الخروج منه.
إن تصحيح المسار السياسي وتوفير مستلزمات المعالجة الحقيقية لوقف انهياره تتطلب الانفتاح على قوى وفعاليات سياسية لها نفس الشواغل والتطلعات وتعاني من تداعيات الاحتلال ونظام المحاصصة الطائفية والعرقية وقوانينه الإقصائية ليكون الحراك جامعا ومعبرا عن إرادة الجميع.
إن الرهان الحكومي على تراجع الحراك الشعبي وتلاشيه فشل أمام امتداده إلى مدن عراقية أخرى واتساع دائرته وإبراز هويته الوطنية وتردد السلطات الأمنية في مواجهة وتيرته المتصاعدة كل ذلك يؤكد استمراره وعدم توقفه حتى تحقيق أهدافه.
إن وأد الحراك الشعبي وتطويق تداعياته على مجمل الأوضاع في العراق يتطلب الحذر من الخديعة والوعود بتلبية مطالب المحتجين وقبل ذلك توحيد الخطاب الوطني والتنسيق بين قيادات ومنسقي الحراك الشعبي في المحافظات الست.
إن وقود الحراك الشعبي وديمومته وتصاعده هو محصلة نتائج تداعيات الأزمة السياسية والإخفاق الحكومي وفشل الطبقة السياسية في توفير مستلزمات الأمن والاستقرار وتراجع دور البرلمان والحكومة في معالجة الفساد والحفاظ على ثروته العراقيين وانهيار نظام الخدمات كل هذه العوامل هي من تعطي قوة الدفع للحراك الشعبي.
وكل هذه العوامل أعطت الأرجحية للحراك الشعبي ليتحول إلى حراك وطني جامع ومعبرعن إرادة جميع العراقيين وليس يعكس مطالب عدة محافظات؛ لأن عنوانه واسع وكبير يستوعب آمال العراقيين بالتغيير المطلوب لتصحيح المسار ومعالجة تركة الاحتلال ونظام المحاصصة الطائفية.
الجمعة 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013
حراك شعبي عابر للاستقطاب الطائفي
الجمعة 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013
par
أحمد صبري
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
23 /
2165694
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
11 من الزوار الآن
2165694 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 11