الخميس 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

“إسرائيل” ومنهج الابتزاز

الخميس 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par أمجد عرار

قرار نتنياهو تجميد بناء عشرين ألف وحدة استيطانية في الضفة الغربية لا يعني بأي حال من الأحوال أنه عدل عنها . ففي كل مرّة يحصل التجميد تكون هناك مساومة وابتزاز للحصول على مكاسب جديدة، وبعد حين تخرج حكومة “إسرائيل” القرارات المجمّدة إلى حيز التذويب التنفيذي، وتحقّق المكسبين، ثم لماذا لا تعلن قرارات جديدة سعياً وراء ابتزاز جديد، ما دام الأسلوب مربحاً إلى هذا الحد؟ .
في الحقيقة لم يكن هذا الأسلوب مربحاً مؤخّراً فحسب، ولا يقتصر استخدامه على صعيد الاستيطان، فلقد اتبع الصهاينة هذا الأسلوب منذ بداية مشروعهم في فلسطين . كانوا وما زالوا، يأخذون ثم يطالبون، يستولون ثم يبكون، يضربون ثم يشتكون . ومن يستعرض التاريخ الطازج ل “إسرائيل” يعرف أنها تهدد أمن العالم كلّه، في حين أنها الأكثر حديثاً عن الأمن في العالم، حتى أن وزير جيشها تسمّيه، تضليلاً وابتزازاً وزير الأمن، أما جيشها المتسلّق على أكتاف العصابات، فهو الوحيد في العالم كله الذي يحمل اسم “جيش الدفاع”، مع أنه احتل بقية فلسطين والجولان وسيناء وجنوب لبنان وأراضي أردنية، ودمّر مفاعل تموز في بغداد سنة 1981 بعدما انتهك أجواء عدد من دول المنطقة، وقصف مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس عام ،1986 وشن غارات على مناطق في سوريا أكثر من مرة، ودمّر لبنان مرات عديدة، هذا بالإضافة إلى “جهاز الموساد” الاستخباري الذي أحضر كاشف أسرار مفاعل ديمونا النووي مردخاي فعنونو من إيطاليا في صندوق خشبي سنة ،1986 والذي اغتال العديد من المناضلين الفلسطينيين والكفاءات العلمية العربية .
كان على الفريق الفلسطيني الذي ذهب في الظلام إلى أوسلو للتفاوض مع هذا الكيان، أن يدرك من البداية لماذا يصر على سرية التفاوض، فمن يطلب تنازلات لا يحتاج للسرية، أما من يقدّم التنازلات فهو الذي يجد نفسه في موقف حرج، ويحتاج للسرية . كان على ذلك الفريق أن يدرك لماذا تصر “إسرائيل” على تأجيل البحث في القضايا الرئيسية . فهي تعرف أن الوقت لصالحها طالما لم يلزمها أي شيء بوقف إجراءاتها على الأرض . عندما يمر الوقت ويستمر الاستيطان على الأرض والتهويد في القدس، لن يجد الطرف الفلسطيني شيئاً يتحدّث عنه، لأن ما يجري على الأرض يكتسب صفة الأمر الواقع، ول “إسرائيل” تجربة ناجحة مع العرب جميعاً، فهل يتحدّث سوى القليلين عن حيفا ويافا واللد والرملة وصفد والناصرة؟ . أصبحت هذه جزءاً من الكيان بلا تفاوض وبلا ثمن . حتى القدس التي تعلن “إسرائيل” باستمرار أنها عاصمتها الموحّدة والأبدية، يقسمها الرسميون الفلسطينيون والعرب إلى شرقية وغربية، وتنازلوا عن الغربية من دون تفاوض، علماً بأن كل الأقمار الصناعية في الشرق والغرب لا تستطيع وضع حدود بين شرق وغرب وشمال وجنوب في القدس .
هذه المرة يريد أن يبيع الغرب الذي يتدثّر بعباءة المجتمع الدولي تجميداً لفظياً للاستيطان مقابل التسخين على جبهة ملف إيران النووي، وبعد تجاوز هذه الجولة، فربما يصدر قراراً استيطانياً جديداً في الجولان، ثم يبيع الغرب تجميده مقابل تدمير مسدسات “التوتو - عيار 7” في سوريا .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2165458

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165458 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010