الثلاثاء 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

المتعوس الباريسي وخايب الرجا الصهيوني

الثلاثاء 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par معن بشور

لم يخرج الرئيس الفرنسي “الاشتراكي” فرنسوا هولاند في زيارته للقدس المحتلة عن تقاليد اسلافه من “المدرسة الاشتراكية” الاستعمارية الفرنسية، لا سيّما رئيس الوزراء الفرنسي الراحل غي موليه أحد ثلاثي العدوان على مصر في مثل هذه الايام من عام 1956، وهو عدوان أخرج الامبراطورية الاستعمارية الفرنسية من معادلة القوى الكبرى عالمياً، وأخرج الحزب “الاشتراكي” الفرنسي نفسه من معادلة السياسة الفرنسية داخلياً، قبل ان يأتي فرنسوا ميتران في الثمانينات ململماً لأشلائه وباعثاً الحياة فيه.
ولا يغيب عن متابعي تاريخ الحزب الاشتراكي الفرنسي انزلاقه إلى حروب استعمارية أبرزها دون شك حربه على الشعب الجزائري ورفضه استقلال هذا البلد العربي الثائر، وهو انزلاق تسبب في حصوله نفوذ الجناح الصهيوني الكبير في حزب يفترض، وحسب مبادئه، ان يكون أول القوى العالمية المكافحة للعنصرية والصهيونية.
ومن سخرية القدر ان يطلق هولاند في الكيان العنصري الغاصب تصريحات نارية ضد البرنامج النووي الايراني، فيما لا يبعد عن مكان تصريحاته مفاعل ديمونه النووي الصهيوني، الذي قدمته باريس لتل أبيب بعد العدوان الثلاثي ووقعه آنذاك عن الجانب الاسرائيلي مدير وزارة الدفاع شمعون بيريز الذي كان في طليعة المستقبلين، وبحفاوة، لنظيره الفرنسي، وقد بات اليوم رئيساً لدولة الكيان الغاصب.
ومن سخرية القدر أيضاً ان تترافق زيارة هولاند “العدوانية” للكيان الغاصب مع استطلاعات نشرت بعضها صحف اسرائيلية تشير إلى ان شعبية “هولاند” في بلاده قد بلغت 22% وهو ادنى نسبة من الشعبية يصل اليها رئيس فرنسي يبدو انه يرفض التعلّم من دروس “رفاقه” السابقين، ومن أخطاء أسلافه الذين تعاقبوا على سدة الرئاسة في بلاده واخرهم ساركوزي، وأصر ان يواصل سياسة الامعان في تحدي شعوب منطقتنا وحقوقها المنهوبة وقضاياها العادلة.
وحين يصر الرئيس “الاشتراكي” الفرنسي، ومعه الرئيس “الاشتراكي” الاسرائيلي، على زيارة القدس المحتلة معترفاً بها كعاصمة للكيان العنصري الارهابي الغاصب، فانما ينتهك بوضوح مبادئ القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، كما يسيء بفجور إلى مبادئ الاشتراكية الحقيقية نفسها التي ما قامت كفكرة، ثم كحركة إلا للانتصار للمظلوم على الظالم، ولاصحاب الحقوق على مغتصبيها.
لذلك لم يكن غريباً على هولاند ان يتوّج تحريضه المدوّي على تدمير سوريا وقتل أبنائها، وهو تحريض ذو طابع انتقامي من كفاح شعبها البطولي ضد الاستعمار الفرنسي، وأن يستكمل دوره المعرقل لحل سلمي لأزمة المفاعل النووي الايراني، بتكريس يهودية القدس، عاصمة المقدسات الاسلامية والمسيحية، لأن هولاند في زيارته لا يكشف الحنين الاستعماري المشين الذي يغلّف هذه الزيارة فحسب، بل يكشف طبيعة المعركة الدائرة في منطقتنا وهي معركة من أجل فلسطين والاستقلال أولاً وأخيراً.
ومع هذا كله، فلن يغير من الامور كثيراً ان “يتلّم المتعوس” القادم من عاصمة الحرية والاخوة والمساواة، على “خايب الرجا” المقيم بقوة الاغتصاب في فلسطين المحتلة، فالمنطقة كلها، بل والعالم بأسره، قد دخل مرحلة جديدة.. ينجح من يدرك قوانين حركتها، أما الجاهل بها فأمره متروك للايام .. ومن يعش يرى...



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2178165

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2178165 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40