السبت 3 تموز (يوليو) 2010

الغضب التركي من «إسرائيل» له ما يبرره

السبت 3 تموز (يوليو) 2010 par ناميك تان

في الحادي والثلاثين من مايو الماضي، استيقظنا على خبرٍ مأساوي من المياه الدولية في شرق البحر الأبيض المتوسط .. وكما نعرف الآن جيداً، فبدلاً من اليوم الذي ينتهي بإيصال المساعدات الإنسانية لتسهيل حياة الفسلطينيين في قطاع غزة، بدأ بقيام القوات الإسرائيلية بقتل تسعة نشطاء سلام وجرح حوالي 30 آخرين، وكلهم مدنيون.

لم يكن أسطول الحرية المتجه لغزة مبادرة من قبل الحكومة التركية. كانت قافلة مساعدات دولية مؤلفة من مواطنين من 32 دولة يجلبون الغذاء ولعب الأطفال والمعدات الطبية وماشابهها من مساعداتٍ إلى شعب غزة، الذي تم حرمانه من السلع الاساسية لسنوات. وكان بين نشطاء السفن الستمائة الفائز بجائزة نوبل للسلام مايريد كوريجان ماجاير، ومشرعون أوروبيون وصحفيون ورجال أعمال وناجٍ من «الهلوكوست» عمره 86 عاماً، وهم لا يمكن أن يكونوا أهدافاً يمكن أن تشكل خطراً أو تهديداً على القوات الخاصة «الإسرائيلية» المُدربة جيداً.

وأياً ما يمكن أن يكون حاملو المساعدات قد رددوه من شعاراتٍ معارضة لـ «إسرائيل»، فإن هذه كانت مبادرة إنسانية. وفي أي بلدٍ ديمقراطي، لدى الناس حرية التعبير ممتدة جداً طالما تجنبوا العنف.

ولأن الهجوم وقع في المياه الدولية، على بعد حوالي 72 ميلاً قبالة السواحل «الإسرائيلية»، فإنه كان غير قانوني. وفي الواقع، كان هذا هو الهجوم الأول بهذه النوعية ضد مواطنين أتراك مدنيين من قبل قوة عسكرية أجنبية في تاريخ جمهوريتنا التركية الذي عمره 87 عاماً.

وهذا الخرق للقانون الدولي، وفقدان أرواح ركاب السفن واحتجازهم غير المُبرر والطويل إنما يفسر جزئياً السبب في أن الجماهير التركية، مع المجتمع الدولي، ذاهلون وغاضبون، والسبب في أن الحكومة التركية سحبت فوراً سفيرها لدى «إسرائيل» وألغت تدريبات عسكرية مشتركة معها.

والسبب الآخر هو أن «إسرائيل» كانت صديق تركيا وشريكها منذ أصبحنا أول دولة ذات أغلبية مسلمة تقيم علاقات دبلوماسية مع «إسرائيل»، وهو ما كان بُعيد وقتٍ قصير من تأسيسها. هذا لم يكن هجوماً من قبل عدو معلن ولكن من قبل صديق عملت معه تركيا ـ لوقتٍ طويل وبجدية ـ لتطوير تعاونٍ استراتيجي واقتصادي بناء. (وأنا خدمتُ مؤخراً كسفير لتركيا لدى «إسرائيل»، حيث شاركتُ في مجالات التعاون تلك وحيث مازال لديّ أصدقاء كثيرون عظماء).

ويصدم الهجوم تركيا لأننا ـ لوقتٍ طويل ـ كنا نرى «إسرائيل» كما نرى أنفسنا: معقل للعلمانية والديمقراطية في منطقتنا..

والهجوم مؤلم، أيضاً، لأن الشعب التركي كان مضيافاً لقرونٍ لليهود. فعلى العكس من كثيرٍ من الدول، رحبت الإمبراطورية العُثمانية باليهود الذين فروا من محاكم التفتيش الأسبانية في عام 1492. وخاطر دبلوماسيونا بأرواحهم لإنقاذ اليهود الأوروبيين من التهديد النازي خلال الحرب العالمية الثانية وإحضارهم إلى مكانٍ آمن وملجأ في تركيا. وفي السنوات الأخيرة، لعبت تركيا دوراً حاسماً كوسيط سلام بين سوريا و«إسرائيل»، ودعمت عضوية «إسرائيل» في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وعملت ـ بلا كللٍ أو ملل ـ على الإفراج عن جلعاد شاليط، الجندي «الإسرائيلي» المأسور من قبل «حماس» في عام 2006.

وهذا التاريخ لا يمكن أن يمنعنا ولن يمنعنا من التعبير عن الغضب عندما ينشأ الظلم وتنعدم العدالة، حتى لو كانت المظالم يرتكبها صديق. نحن لا يمكن أن نغض الطرف عندما تُفقد أرواح مواطنينا ـ الأبرياء ـ خلال اعتداء غير قانوني دفاعاً عن حصار ظالم وغير إنساني ولا يمكن استمراره. نحن لا يمكنا أن نقف صامتين خاملين عندما تهدد التصرفات «الإسرائيلية» بإحداث نكسة في الجهود الرامية إلى جلب السلام إلى هكذا منطقة مضطربة.

سيكون الأمر متروكاً لـ «إسرائيل» لتقرير كيف تعيد تشكيل موقفها كشريكٍ ثنائي جيد وعضوٍ مسئول في المجتمع الدولي.

يمكن لـ «إسرائيل» أن تبدأ بوضع نهاية لحصارها على غزة؛ وبإنهاء أعمالها البوليسية غير المناسبة وغير المتكافئة نحو المدنيين الفلسطينيين في تلك الأرض؛ وبالسماح بتحقيقٍ دولي مستقل وشفاف وذي مصداقية وغير متحيز في الحادث. وعلاوة على ذلك، فإن «إسرائيل» يجب أن تعتذر للشعب التركي.

يجب أن تشجع الولايات المتحدة «إسرائيل» على أن تصبح شريكاً حقيقياً للسلام في الشرق الأوسط.


titre documents joints

Namik Tan - Israel owes Turkey an apology for flotilla attack

3 تموز (يوليو) 2010
info document : HTML
97.4 كيلوبايت


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2178541

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2178541 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40