السبت 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

بين المأمول والممكن

السبت 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par أمجد عرار

لا يمكن لعاقلين أن يختلفا بأن صخرة تدحرجت من على جبل واستقرت في منتصف الطريق، ينبغي إزالتها على الفور، ذلك أن وجودها يهدد حياة العابرين، إن سمح وجودها لأحد بالمرور . لكن شخصاً أو اثنين أو أكثر، ربما يجدون أن من الصعوبة التعامل مع صخرة كبيرة، ومن هنا يتولد السؤال التاريخي: ما العمل؟ ثم تتولد منه مئات وربما آلاف التفاصيل . الخلل، سواء كان كبيراً أو صغيراً يجب إصلاحه، والمبنى المتصدّع يجب ترميمه، وإذا كان آيلاً للسقوط ينبغي إزالته، ثم تنظيف المكان قبل البدء ببناء جديد .
السياسة أمر يشبه هذه الأمثلة المبسّطة . لو كانت الأهداف تتحقق بالرغبات والأمنيات والشعارات والنضالات التي لا تتفوّق على مكامن قوة العدو، لكان الفلسطينيون يعيشون في دولة مستقلة منذ سنوات، أو على الأقل منذ قال الراحل ياسر عرفات عام 1988 “الدولة على مرمى حجر”، ودعا أكثر من قائد عربي ودولي للصلاة معه في المسجد الأقصى، وتناول الغداء في القدس . لقد حلم، ومعه أبناء الشعب الفلسطيني، وناضل في مقدّمتهم لتحقيق هذا الهدف وغيره، لكن الاحتلال ما زال جاثماً على أرض فلسطين ويفعل ما يحلو له من استيطان وسرقة أرض وقتل وتهجير واعتقال وانتهاك مقدّسات .
الشعوب العربية تحمل همومها وآلامها وآمالها، وترنو عيونها لرؤية أوطانها أفضل، ولتنسّم عبير الكرامة الوطنية والحرية والديمقراطية الأصيلة . وما إن هبّت نسائم الأمل من تونس، حتى وإن كانت بجسد محترق، حتى استبشر أبناء الأمة العربية بهذه النسائم التي انتقلت إلى دول أخرى . بعد مرور الوقت بدا أن ما كان موضوع إجماع يأخذ منحنى آخر، وأصبح المشهد جديراً بتباين التقييم واختلاف الرؤى والتحليل، مع استثناء المتحجّرين والزواحف وأصحاب الآراء المسبقة وحملة ثقافة القطيع .
للسياسيين الرسميين أن يبنوا مواقفهم على الحسابات والتوازنات، فهذا شأنهم . لكن المثقفين المتحررين من أعباء سوى المسؤولية الأخلاقية والضميرية، يرون ما ينبغي أن يرى، ويستخدمون عقولهم لفلترة ما يسقط على حواسهم من سيل الصور والتقارير وشهادات شهود العيان من حزب “شاهد مشفش حاجة”، حيث بات الكثير من وسائل الغبار الفضائي جزءاً من الصراع وصانع أحداث لا ناقلها .
مهما احتدم الصراع بين قطبي ال “مع” وال “ضد”، وفي كثير من الاحيان كلاهما خطأ، فإن صخرة الظلم والاستبداد والفساد وبقية القائمة، تبقى جاثمة على صدر الطريق وتلقي بثقلها على عابري الطريق، إذا لم يدر محرك العقل السياسي بكامل طاقته وعلميته وواقعيته بحثاً عن حل له عجلات . الشعارات الكبرى المفتقدة للآليات العملية تصلح فقط كأرقى أنواع العلكة، والغايات المشروعة بلا وسائل مدروسة جيداً تبقى قصائد جميلة أو متوسطة أو ما دون، لكنّها لن تقترب قيد أنملة لمجرد لوكها على الشاشات، والأحلام الوردية تستوطن المخيلات لكنّها لن تبرح دائرة “خير اللهم اجعله خيراً” .
لم نسمع مثقّفاً أو نخبة يجري مراجعة جريئة لحصاد تجربة يلازمها التراجع والفشل، والأنكى أن بعض الأبواق ما زالت تحقق ارباحاً من بيع الإنجازات الوهمية والمواعيد المتدرجة . خلاصة القول إن البيض لا يقلى سوى بالزيت . نريد “خطوة عملية واحدة خير من دزينة برامج” .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2181914

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2181914 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40