الجمعة 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

عودة ليبرمان

الجمعة 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par عوني صادق

صادق الكنيست “الإسرائيلي”، ومن قبله الحكومة، الأسبوع الماضي، على عودة المتطرف العنصري أفيغدور ليبرمان إلى مقعد وزير الخارجية، الذي احتفظ له به بنيامين نتنياهو طول فترة غيابه التي قاربت العام، حيث كان ليبرمان اضطر لتقديم استقالته من الحكومة في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي . وبعودة ليبرمان إلى الحكومة، يضاف إلى رافضي “التسوية السياسية” صقر طالما مثل الوجه الأبشع فيها، ليزيد المفاوضات المتعثرة تعثراً، رغم أنه كان موجوداً مع غيابه المفترض .
وتأتي عودة ليبرمان ليشغل مقعد وزير الخارجية، في ظروف تعتبر سيئة، بسبب الوضع الدولي الذي يحيط بالكيان الصهيوني والصورة السيئة له على الصعيد الدولي، على نحو لا يسمح بمزيد من التعنت واللامبالاة والاستهتار . فمن العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة، إلى العلاقات الأكثر توتراً مع الاتحاد الأوروبي، إلى الأوضاع المتفجرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كل ذلك يجعل الاشتعال، ولو نظرياً، لا يحتاج لأكثر من متعصب مستهتر يرمي عود ثقاب على كومة القش اليابسة، وليس أنسب من ليبرمان لمهمة كهذه .
فبعد أكثر من 16 جلسة بين الوفدين المتفاوضين، الفلسطيني و“الإسرائيلي”، انتهت المفاوضات الجارية إلى طريق مسدود، لم يتم خلالها أي تقدم باعتراف الرئيس محمود عباس أمام المجلس الاستشاري لحركة “فتح” يوم 3-11-2013 . وقد تبين أنه خلال كل تلك الجلسات التي استغرقت ثلث المدة المخصصة للمفاوضات، ركز الوفد “الإسرائيلي” على “الترتيبات الأمنية”، ورفض مرجعية حدود ،1967 وتمسك بسيطرته على الأغوار والحدود مع الأردن، وطالب بالاعتراف ب “يهودية الدولة” وإسقاط “حق العودة” . وكانت آخر اقتراحات الوفد “الإسرائيلي” أن يكون جدار الفصل العنصري منطلقاً للمفاوضات وأساساً لها، علماً بأن 85% من الجدار يقع في الضفة الغربية ويعزل 4،9% منها بما فيها القدس المحتلة .
ومع القرارات والعطاءات الجديدة للبناء الاستيطاني التي اتخذتها الحكومة “الإسرائيلية” وأعلنت عنها، والاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى وبحث تقسيمه في الكنيست، واستمرار واتساع حملات الدهم والاعتقالات في مناطق عدة من الضفة، وهدم البيوت وإخطارات الهدم في المدينة المقدسة والأغوار، وتهديد فلسطيني “باتخاذ خطوات” إزاء ذلك، وصل وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، إلى فلسطين المحتلة في محاولة لمنع انهيار المفاوضات، حيث التقى الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، وأطلق مواقف متضاربة، لكنه تمسك ب“الأمل” بأن تستمر المفاوضات، وأن تحقق في النهاية ما هو منشود منها .
وكان أكثر ما لفت النظر في تصريحات كيري تلك التي حذر فيها “الإسرائيليين” من سياستهم الاستيطانية التي تعرقل سير المفاوضات والتوصل إلى “اتفاق سلام” مع الفلسطينيين، وتشجع على اندلاع انتفاضة جديدة! وإذا اخذ المرء في الاعتبار عودة ليبرمان إلى الحكومة بما عرف عنه من عداء للتسوية السياسية ومناداته بحل للصراع يتمثل في طرد وترحيل الفلسطينيين، واتهامه الرئيس عباس بأنه “إرهابي ديبلوماسي”، ثم اتهام نتنياهو لعباس بالتحريض وافتعال “أزمات مصطنعة”، يصبح “أمل كيري” وهماً أكثر من أي وقت مضى، وتصبح الانتفاضة ليس خارج الإمكانية .
وهنا لا بد من أن نفتح قوسين لنقول: لا يتصور أحد أن نتنياهو أقل تطرفاً من ليبرمان، فهو الذي أوصله إلى ما وصل إليه بعد أن اختاره في حكومته الأولى مديراً لمكتبه . وكل المسألة أنه لا يحتاج ليظهر بوقاحته ما دام ليبرمان مستعداً لتحمل ما يتطلبه الموقف من وقاحة وانحطاط . وهناك متطرفو “الليكود” و“إسرائيل بيتنا” يساعدون جميعاً في رسم الصورة . لقد استاء نتنياهو من تصريحات كيري المتعلقة بلا شرعية الاستيطان والتحذير من اندلاع انتفاضة جديدة، فترك لوزير دفاعه، الليكودي موشي يعلون، أن يرد على كيري، فقال: “لا يوجد هنا أي مؤشر على إمكانية التوصل إلى حل وسط، ولا حاجة إلى الخوف من التحذيرات الأمريكية من انتفاضة جديدة”! وفي الوقت الذي كثرت فيه تقارير “إسرائيلية” ترصد وتحذر من اندلاع انتفاضة ثالثة، تحدثت تقارير “إسرائيلية” أخرى عن استعداد الجيش “الإسرائيلي” لمواجهة الانتفاضة إن اندلعت فعلاً . وفي الوضع الفلسطيني المنقسم على نفسه، والتأكيدات الرسمية من السلطة الفلسطينية على رفض هذه الإمكانية، وتمسك السلطة بالمفاوضات كأسلوب وحيد للتعامل مع الاحتلال وجيشه وسلطته، وفي ظل التنسيق الأمني بين السلطة والأجهزة الأمنية “الإسرائيلية”، تبدو الانتفاضة حلماً بعيد المنال، والبعض يراها كابوساً يجب أن تخشى عواقبه .
لكنه بسبب بعض ما أتينا على ذكره، وبالرغم من بعضه الآخر، تتزايد الأصوات الفلسطينية الداعية إلى الانتفاضة الثالثة . وتشير هذه الأصوات وتنبه إلى أن الانتفاضة الجديدة إذا ما اندلعت لن تشبه الانتفاضة الأولى ولن تشبه الانتفاضة الثانية، بل ستكون مختلفة عن الاثنتين . وآخر صيحة دعت إلى الانتفاض ضد الاحتلال صدرت عن “ائتلاف شباب الانتفاضة”، في بيان حمل تاريخ 11-11-،2013 حيث دعا جماهير الشعب الفلسطيني إلى “جمعة الشباب ينتفض”، وحدد يوم 15-11 موعداً لذلك، متزامناً مع ذكرى وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات، والعدوان “الإسرائيلي” على غزة قبل عام، وإعلان وثيقة الاستقلال في الجزائر العام 1988 . وجاء في البيان، إن “خيار مواجهة الاحتلال وخيار الانتفاضة وحد الشعب الفلسطيني في السابق وسيوحده اليوم وفي أي وقت . . .” . ودعا البيان “الجماهير وخصوصاً الشباب الفلسطيني إلى الانتفاض بقوة للوقوف في وجه الغطرسة”الإسرائيلية“” .
والسؤال: هل تكون عودة ليبرمان عاملاً مساعداً من جملة أسباب اندلاع انتفاضة ثالثة؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165248

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165248 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010