الأحد 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

قوة اللوبي اليهودي في أميركا بين الحقيقة والوهم

الأحد 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par نبيل السهلي

المساندة الأميركية لإسرائيل تتجاوز حدود مجموعات اللـوبي، وهذا ما أكده رابين، حيث قال: «أعتقد أن ارتباط الشعب الأميركي وإدارته بإسرائيل يفوق وزن الجالية اليهودية ونفوذها». تعرف الموسوعة البريطانية كلمة «اللوبي» بأنها مجموعة من العملاء النشطاء، الذين لهم مصالح خاصة، ويمارسون الضغوط على الموظفين الرسميين خصوصا المشــرعين، وذلك للتأثير عليهم.
أما الطبعة الدولية من قاموس «ويبستر»، فتذكر التعريف التالي: أشخاص يترددون على ردهات المجلس، أو أشخاص ليسوا أعضاء في المجلس التشريعي ولا يحملون صفة رسمية، أو يشغلون مناصب حكومية، يحاولون التأثير على المشتركين أو الشخصيات العامة من خلال الصلات الخاصة، وذلك بهدف تشريع معين أو اتخاذ قرارات محددة.

قد يكون هذا مدخلا لمعرفة مستوى نفوذ اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأميركيــة وبالتحديد في مواقع القرار، وكذلك حقيقة المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، آليات عملها لاستمالة العلاقات الأميركية الإسرائيلية لصالح إسرائيل، في إطار المصالح الأميركية الشرق أوسطية.

وفي حين كان التوجه الصهيوني لبريطانيا قبل عام 1948، أصبح فيما بعد للقطب الأميركي بعد التاريخ المذكور؛ نظرا للنفوذ والقوة الأميركية في إطار العلاقات الدولية. وتجلى النهج الصهيوني من أجل تحقيق الهدف المذكور في أنماط متعددة، بعضها رئيسي وبعضها فرعي، وأهم هذه الأنماط وأشدها سيطرة على النهج بأكمله، هو النمط المرحلي، فالمرحلية هي اللون السائد في لوحة الصهيونية أو النغم السائد في معزوفتها، أو الخيط المتصل في نسيجها، والحديث عن النهج الصهيوني أو البرنامج الصهيوني هو في أصدق معانيه، الحديث عن النمط المرحلي الذي يتخلله بأكمله ويتجلى في كل لحظة من لحظاته وفي كل حركة من حركاته، وقوام فكرة المرحلية في نظرية العمل الصهيوني، تفاعل أربعة مبادئ:

أولا: الواقعية، التي تعين الحد الأقصى لما تطالب به الحركة الصهيونية في كل ظرف، طبقا لأوضاعه وإمكانياته.

ثانيا: المرونة، التي تقوم بتكييف الأشكال والوسائل.

ثالثا: مبدأ اللاتراجع، الذي يعين الحد الأدنى للمطالب الصهيونية في كل ظرف.

رابعا: التصاعد أو الانتقال، بعد استنفاذ مكاسب ذلك الظرف إلى مرحلة جديدة، تفصح فيها الحركة الصهيونية عن مطالب جديدة، يكون حدها الأدنى ما كان في المرحلة السابقة حدا أقصى ومطلبا كاملا مدعوما. وتبعا لتلك المبادئ يمكن فهم العلاقات الصهيونية مع دول العالم.

وقد استفادت الحركة الصهيونية من وجود غالبية اليهود في العالم في الولايات المتحدة، حيث وصل عددهم إلى نحو 5.7 مليون يهودي. واستطاعت الاستفادة من إنشاء لوبي يهودي ضاغط في الولايات المتحدة الأميركية، بالاعتماد على القانون الأميركي الصادر عام 1946 والذي أعطى الحق للجماعات المختلفة بتشكيل مجموعة ضغط، بهدف ضمان مصالحها من خلال استراتيجيات وتكتيكات متعددة منها:

أولا: التأثير المباشر، مثل الاتصال بكل من السلطة التنفيذية والتشريعية.

ثانيا: التأثير غير المباشر، مثل تعبئة الرأي العام، وخلق اتجاه عام يؤثر على صانعي السياسة، لإقناعهم بقرار يحقق مصلحة مثل هذه الجماعات.

وتبعا للقانون المذكور استطاعت الجماعات اليهودية بدعم من الحركة الصهيونية تشكيل لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك) عام 1959، وسجلت لدى الدوائر الأميركية باعتبارها لوبيا صهيونيا.

وتتألف لجنة إيباك من رئيــس ومدير تنفيذي، ويقوم مجلس الاتحاد الفيدرالي اليهودي، ومنظمة بناي بريث، بدعم لجنة إيباك لخدمة الحركة الصهيونيــة وإسرائيل، وذلك من خلال دعم اللوبي اليهودي، وزحف نفوذه في الكونغرس الأميركي ومواقع القرار الأخرى في الولايات المتحدة الأميركية.

وتحرص لجنة إيباك على أن يحضر ممثلها كل اجتماع مفتوح في الكونغرس الأميركي، ليوزع البطاقات، ويتصل بكل موظف من أعلاهم درجة إلى أدناهم.

أما الاجتماعات المغلقة فيحضرها دائما، عضو من التجمع المؤيد لإسرائيل ويطالع سجل الكونغرس بانتظام، وكل ملاحظة تدعو إلى القلق تستتبع زيارات من قبل اللجنة.

ويتضح من هذه الأمثلة مدى قوة اللوبي الصهيوني في تأثيره على الكونغرس. إلا أنه من الواضح تماما، أن المساندة الأميركية لإسرائيل تتجاوز حدود مجموعات اللـوبي، وهذا ما أكده رئيس الوزراء المقتول إسحاق رابين، أثناء عمله كسفير لإسرائيل في واشنطن، حيث قال: «أعتقد أن ارتباط الشعب الأميركي وإدارته بإسرائيل يفوق وزن الجالية اليهودية ونفوذها».

واستطاع اللوبي اليهودي في أميركا على مدار السنوات السابقة، محاربة أعضاء الكونغرس الأميركيين الذين حاولوا الوقوف إلى جانب الحق العربي في فلسطين، ويتهمون الكونغرس الذي يقف إلى جانب الحق الفلسطيني بمعاداته للسامية، وكذلك بمناهضة إسرائيل، ونجح اللوبي اليهودي في إبعاد المشرعين الأميركيين عن زيارة البلدان العربية، بقدر نجاحه في عرض وجهات نظر إسرائيل دون سواها، ويستخدم اللوبي اليهودي عبر منظماته العديدة في الولايات المتحدة، المال لاستمالة بعض أعضاء الكونغرس إلى جانب إسرائيل.

واستطاع هذا اللوبي الضغط على الإدارات الأميركية للإبقاء على المساعدات الأميركية التي بلغت قيمتها التراكمية خلال الفترة (1951-2013) نحو 136 مليار دولار، منها 61 بالمئة كانت على شكل مساعدات عسكرية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2165619

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2165619 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010