الأحد 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

تنازلوا عن وجودكم

الأحد 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par هاشم عبد العزيز

عشية لقائه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في العاصمة الإيطالية روما الأسبوع قبل الماضي، عدّد بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء “الإسرائيلي” طائفة من الشروط والمطالب على الفلسطينيين قبولها وتلبيتها ل”نجاح المفاوضات”، ومن بين ما أعاد نتنياهو ترديده، الاعتراف الفلسطيني المسبق بيهودية دولة “إسرائيل” وعدم عودة اللاجئين واستمرار السيطرة العسكرية “الإسرائيلية” على الحدود الفلسطينية - الأردنية في غور الأردن لما اعتبره دواعي أمنية “إسرائيل” لن تتخلى عنها لهذه الأهمية على حد زعمه .

تزامن ذلك مع إطلاق “إسرائيل” الدفعة الثانية من الأسرى الفلسطينيين وعددهم 26 أسيراً من أصل ال 104 أسرى اتفق على إطلاقهم في سياق عودة المفاوضات، اشترطت “إسرائيل” على تقسيمهم إلى دفعات مرهونة بسير المفاوضات جرت في الضفة الغربية مع حملة اعتقالات لطلاب وقيادات سياسية ونواب في البرلمان الفلسطيني .

وأطلقت سلطات الاحتلال في الوقت نفسه أحد أكبر المشاريع الاستيطانية لبناء 1700 وحدة سكنية بين القدس ب 1500 وحدة وبين الضفة 200 وحدة سكنية، وأعلن نتنياهو أن هذا الأمر المتعلق بالاستيطان طرح على وزير الخارجية الأمريكية في روما .

وبين هذا وذاك كان رئيس الوزراء “الإسرائيلي” وبعد عودته من لقاء كيري طالب الفلسطينيين ب”التنازل عن حقوقهم القومية” وهي دعوة تقوم على نزعة صهيونية استعمارية لتصفية القضية الفلسطينية .

متابعون ومهتمون في شأن هذه الأزمة أعادوا العربدة الصهيونية على هذا النحو أيضاً إلى غياب الردع، وهذا ناجم عن الانقسام السياسي الفلسطيني الذي مازال مشدوداً بحساب المصالح السياسية الضيقة وحالة العجز عن مواجهة المسؤولية الوطنية في مقاومة الاحتلال ومواجهة العدوان وإزالة الاستيطان والانتصار للشعب الفلسطيني في حقوقه وإرادته ومسيرة تضحية أجياله، إضافة إلى الوضع العربي المتداعي وغياب الموقف الدولي الذي بات يتعامل مع ما يجري كشأن أمريكي يعتبر الاحتلال شأناً “إسرائيلياً” مفتوحاً لا على حقوق الشعب الفلسطيني ووجوده .

السؤال الآن: ما الذي تطرحه هذه العربدة الصهيونية؟

المؤكد أن الكثير مما يطرحه نتنياهو يعود إلى قناعاته التصفوية العنصرية الصهيونية، غير أن هذه الوقاحة ما كان لها أن تكون لولا حوافزها وهي: عبثية المفاوضات الجارية إذ من غير المعقول أن تكون المفاوضات سالكة في خطها الصحيح ولها نتائج إيجابية وتأتي هذه المواقف الرافضة للنوايا قبل أي شيء آخر في اتجاه الحل العادل والسلام الدائم .

إلى ذلك تطرح هذه المواقف مجدداً حقيقة الخداع الأمريكي، إذ إن مجريات ما يجري على الأرض تضع وعود أوباما بنفس ما كانت عليه عهود بوش التي أفضت إلى لا حل للأزمة وإحلال للسلام بل إلى تعهد أمريكي لحماية “إسرائيل” بما هي عليه من عدوان واحتلال واستيطان واستهداف للشعب الفلسطيني في وجوده قبل حقوقه، على أن ما هو لافت من تصريحات نتنياهو بعد لقائه كيري أن الشأن الفلسطيني بات بالمطلق شأناً “إسرائيلياً” وإن الأمريكيين الذين يعطون أولويات للأزمة السورية والملف النووي الإيراني لن يتخلوا عن حماية “إسرائيل” ودعمها .

ومن هذه الحقيقة التي يجاهر بها الأمريكيون بالأعمال قبل الأقوال جاء إعلان نتنياهو عن أن المشروع الاستيطاني الذي سيجري تنفيذ وحداته ال 1500 في القدس والضفة جرى طرحه على كيري في لقاء روما، ما يفهم أن الوزير الأمريكي بارك هذا المشروع وهو ما شجع نتنياهو لا على إعلان المشروع، ولكنه تشجع بالإشارة إلى طرحه على كيري لا إحراجاً وإنما إعادة لوضع المشروعات الاستيطانية في سياق الدعم والمباركة والمساعدة الأمريكية .

المؤكد أن أمام نتنياهو وأركان إدارته فسحة زمنية لا يستطيع أحد تقديرها وظروف مواتية للعربدة على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وقضايا السلام المنشود في هذه المنطقة، غير أن القول بأن استمرار هذه الحال بات محالاً يصير الآن أكثر جدية لسبب بسيط هو أن عالمنا بأسره مفتوح على متغيرات ستكون ل”الإسرائيليين” في غير حسبان إلا بعد أن تصير الواقعة ناطقة بأن قوة “إسرائيل” الحقيقية عدم ردع تطاولها وغياب عقاب جرائمها، ومن تلك دعوة نتنياهو الفلسطينيين التنازل عن وجودهم المتجذر والمتجدد في هذه الأرض السليبة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2166019

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2166019 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 28


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010