الثلاثاء 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

فضائح أطلسية

الثلاثاء 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par كاظم الموسوي

ليس الأمر جديدا أو غير معروف. جميع الدول تمارسه. الدول الغربية على ضفتي الاطلسي، تتعاون وتتحالف وتشترك في الكثير من القضايا الخاصة والعامة ولكنها لا تثق بعضها ببعض. تتستر على ما تمارسه وتخفي ما يكشف وتواصل سيرتها. بين فترة وأخرى يرفع غطاء عن فضيحة صغيرة أو كبيرة وتتجمع فضائح وينتشر غضب اعلامي وخطابات رنانة وتعود كل دولة إلى سابق عهدها. ليست العملية الأولى ولا الاخيرة بالتأكيد. هذا ديدن الغرب بأنظمته وطبيعتها وممارساتها المغلفة بالشعارات البراقة التي تغري في احيان كثيرة حتى اعداءها.
الجديد ان وسائل الاعلام بأشكالها المختلفة رددت ما نشرته صحيفة الجارديان البريطانية يوم 25 تشرين اول/ أكتوبر 2013 عن وثيقة سرية جديدة من خزين الموظف الاميركي الاستخباري السابق إدوارد سنودن، اشارت إلى ان وكالة الأمن القومي الأميركية تجسست على المحادثات الهاتفية لخمسة وثلاثين من زعماء العالم. قدم مسؤولون بارزون في مواقع مختلفة كالبيت الأبيض والبنتاجون والوكالات الحكومية ما لديهم من أرقام هواتف تخص السياسيين البارزين حول العالم لإضافتها إلى قاعدة بياناتها. وكشفت الوثيقة أن مسؤولا لم يكشف عن هويته قد سلم للوكالة أكثر من مائتي رقم هاتف من بينها أرقام لخمسة وثلاثين من زعماء العالم. وأن موظفين بالوكالة قد تم تكليفهم على الفور بمراقبة اتصالات هذه الأرقام. وترجح الجارديان ان هذه الوثيقة التي يعود تاريخها إلى تشرين اول/ أكتوبر من عام 2006، لم تكن حدثا فرديا.
فعلها ادور سنودن في صحوة ضمير انساني وكشف المستور. غضبت الادارة الاميركية عليه وحاكمته قبل القبض عليه. عرف اين يتجه ويطلب اللجوء. موقف الاتحاد الروسي منه كان ابلغ من ادارة بلده وأجهزتها ومؤسساتها. اكرمته انسانا له ضمير ولم يستطع الصبر على انتهاك الحقوق والحريات مع الكذب والتضليل بها. التفاصيل الاخرى لا تعني كثيرا. المهم ان الفضائح اطلسية بين حكومات الغرب.. لا ثقة ولا تقدير لتحالفاتها وتعاونها ومكانتها عالميًّا إلا ما يصب في خدمة التوسع الامبريالي الصهيو اميركي. وهذا ما اتفقت عليه الحكومات ذاتها. الحكومة الأميركية لا تخجل من تصرفاتها ولا تعتذر عن ممارساتها، وكذلك كل حكومات اوروبا خصوصا. أصبحت الحالات متكررة والفضائح مقبولة رغم الخصوصيات فيها وانتهاكها للقانون والمواثيق وحقوق الانسان.
كان هذا الأمر قائما قبل تطور اجهزة الاتصالات والرقابة وثورة التقنيات الإلكترونية، فكيف يكون بعدها؟. ما كشفه سنودن هو ما توصل إليه هو نفسه، اما ما خفي عنه وعن غيره فهو الحاصل والجاري. وإذا كان المسؤولون الزعماء في اوروبا تحت التنصت والرقابة فكيف بملايين المواطنين؟. وهو ما فضح وكشف علنا. الأجهزة الاميركية تتنصت على الملايين من سكان المعمورة، ولديها ذرائع وحجج جاهزة. سبقت ذلك في قوانين داخلية لمواطنيها فكيف بغيرهم أو خارج بلدهم؟. الخلاصة ان اجهزة التجسس والرقابة والتنصت الاميركية والأوروبية لا تتوقف عن الشك بكل شيء، ما هو في داخل بلدانها أو خارجها، منها ومن غيرها. فتراقب وتتجسس على المؤتمرات الرسمية وغيرها. وتتنصت على الفعاليات والنشطاء والشخصيات داخل بلدها وخارجه. وشكلت لها اجهزة ومؤسسات ورصدت لها اموالا وحسابات ووضعت تحت تصرفها امكانات وقابليات وطاقات، وبالتأكيد خطط تآمر واغتيال وتخريب وتدمير، فهذه طبيعتها وجوهرها. (ارتفعت ميزانية وكالة السي آي اي وحدها من 4,8 مليار دولار إلى 14,7 مليار دولار منها 2,6 مليار دولار “لبرنامج العمليات السرّية”).
في اجتماع قمة الاتحاد الاوروبي الاخير في بروكسل (24- 25 تشرين الاول/ اكتوبر 2013) خيمت عليه فضيحة اطلسية. فضيحة تجسس الاستخبارات الأميركية على الهاتف المحمول للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وكذلك على اتصالات ملايين المواطنين الفرنسيين. وبلا شك توجد ارقام اخرى عن باقي المواطنين الاوروبيين. وبالعكس ايضا. ملايين البشر أو مؤتمرات عقدت في اوروبا تعرضت للتجسس والرقابة والتنصت من الحكومات الأوروبية ذاتها.
طلبت ميركل إيضاحات بشأن التقارير التي تحدثت عن التنصت على هاتفها من الرئيس الاميركي بارك اوباما في اتصال هاتفي. وقالت إن هذه“الممارسات غير مقبولة”. وفي تصريحاتها، اضافت إن بلادها وفرنسا أطلقتا مبادرة تستهدف إجراء مباحثات مع الولايات المتحدة بشأن التجسس، وتحديد ما يمكن وما لا يمكن أن تفعله أجهزة الاستخبارات. وكذلك مع المكسيك وتعرضها على مجلس الأمن.
فزع الاوروبيون وهم يعرفون هذه الوقائع.. وصلت إلى زعمائهم.. أشار رئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبي إلى أن طلب برلين وباريس “هدفه التوصل قبل نهاية العام الحالي إلى تفاهم بشأن علاقات متبادلة في هذا المجال”. وفي بيان لاحق، أكد رؤساء دول الاتحاد الأوروبي “على العلاقة الوثيقة بين أوروبا وأميركا وقيم الشراكة بينهما”. وعبّر البيان عن قناعة الزعماء بأن هذه الشراكة “يجب أن تقوم على الاحترام والثقة بما في ذلك القلق بشأن عمل وتعاون الأجهزة السرية”. وحذر القادة من أن “ضعف الثقة يمكن أن يقوض التعاون اللازم في مجال أنشطة الاستخبارات”.
زادت صحيفة “لوموند” الفرنسية في تقريرها بأن وكالة الأمن القومي الأميركية تجسست على دبلوماسيين فرنسيين في واشنطن وفي الأمم المتحدة، عبر وثائق تثبت استخدام برنامج مراقبة متطور يعرف باسم جيني. وذكرت أن جواسيس أميركيين والموساد يخترقون شبكات أجنبية، باستخدام برنامج مراقبة وتجسس متطور، يخترق ملايين الأجهزة. وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة خصصت في عام 2011 ميزانية قيمتها 652 مليون دولار لتوفير برامج التجسس، وشملت العملية عشرات الملايين من الأجهزة، في ذلك العام. وتبيّن وثيقة مؤرخة في 2010 أن معلومات سرقت من أجهزة حاسوب لسفارات أجنبية سمحت لواشنطن بمعرفة مواقف أعضاء في مجلس الأمن من العقوبات على إيران قبل الإعلان عنها.(!)
فضائح اطلسية بامتياز.. تعري اخلاق حكومات الغرب أو تكشف جوانب أخرى من طبيعتها وعدوانيتها وتناقضاتها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2176543

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2176543 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40