السبت 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

عودة الاخ الاكبر!

السبت 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par د.سليم نزال

في العام 1984 اهدتني كريستين وهي صديقة من مدينة مونبلييه الفرنسية كتاب جورج اورويل 1984. كان الامر محض مصادفة اني حصلت على هذا الكتاب في العام الذي يحمل ذات العنوان. اخبرتني كريستين انها امضت ستة اشهر في كيبوتز اسرائيلي مقام على قرية عربية. وذات مرة سالت احد الاسرائيليين عن بقايا واثار البيوت العربية التي لم تزل واضحة فقال لها انها اثار رومانية!

“عرفت حينها انه يكذب.” قالت لي وهي تبتسم!

ومن هناك بدأت رحلتها بالتعرف على عدالة القضية الفلسطينية. والمعروف ان الذهاب إلى الكيبوتزات الصهيونية كانت موضة منتشرة في صفوف الشباب والشابات خاصة ذوو النزعة الاشتراكية واليسارية في غربي اوروبا وكم دخلنا في تلك الفترة في نقاشات حادة مع اليساريين الاوروبيين المؤيدين لاسرائيل!

كتاب اورويل 1984 كان بمثابة دش بارد جعلني اعيد التفكير بالكثير من الافكار الجاهزة التي لم نكن نشك في صحتها. كان الفكر الماركسي لاسباب يمكن تفهمها يقدم اغراء فكريا كبيرا لشباب العالم الثالث عموما خاصة في ظل الدعم الاميركي للنظم الديكتاتورية في العالم.

عرفت فيما بعد عندما اتسعت مداركي في الحياة انه كان من الصعب ان ترى شابا خاصة من طلبة الجامعات من العالم الثالث قد نجا من تأثير هذا الفكر في تلك المرحلة. كتاب اورويل 1984 كان ممنوعا تداوله في دول الكتلة الاشتراكية باعتباره كتابا مفسدا!

الكتاب كما هو معروف لمن قرأه نقد موجه لفكرة الحزب الشمولي حيث يتوقع اورويل ظهور انظمة شمولية في المستقبل تراقب سكنات وتحركات كل فرد. وحتى من اسماء الوزارات مثل وزارة الحقيقة ووزارة الحب الخ نعرف طغيان الفكر الشمولي على كل مناحي الحياة العامة والخاصة وكذلك من خلال حياة سميث بطل الرواية الذي يعاني من الحكم الشمولي الذي يهيمن على كل شيء ويسعى لتزيف كل شيء لمصلحة الاخ الاكبر!

افكر هذه الايام بكتاب 1984 على ضوء ما نسمع ونقرا من مراقبة الكترونية سواء من طرف اميركا او سواها للاخرين سواء داخل اميركا او خارجها حيث قرانا مؤخرا انهم يراقبون الفرنسيين في بلادهم. بل حتى اهم حلفاؤهم مثل انجيلا ميركل لم ينجو تلفونها من المراقبة. هذا طبعا عدا مراقبة الايميلات.

و نحن نعيش في عصر ثورة اتصالات بات فيه من الممكن لشخص في البرازيل مثلا ان يسمع ما تقوله في داخل كوخ في غابات الكونغو!

والنكتة الاميركية ان ولدا قال لاوباما ان والده هو الذي اشترى له الهدية فقال له اوباما لا الذي اشتراها هو عمك تعكس إلى اين نحن سائرون! يبدو اننا ماضون نحو عصر الدولة الشمولية ذات القشرة الديموقراطية. انه عصر الاخ الاكبر بامتياز وعصر انتهاك الخصوصيات والحريات الشخصية!

لا بد من مقاومة الشمولية الجديدة!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 86 / 2178964

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

44 من الزوار الآن

2178964 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 33


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40