الخميس 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

ما الذي يجري في المفاوضات؟

الخميس 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par أسامة عبد الرحمن

تم حتى الآن عقد عدد من جولات المفاوضات بين الطرف الفلسطيني والطرف الصهيوني ولم يصدر أي شيء عنها، ولم يتم الإفصاح عما إذا كان هناك أي تقدم تم إحرازه، أو عوائق قادت إلى إخفاق . ويرى البعض أنه لم يتم إحراز أي تقدم، وأنه لو كان هناك أي تقدم لبادرت الإدارة الأمريكية إلى الإعلان عنه للتدليل على نجاح المفاوضات، وأن الإخفاق هو سيد الموقف في ظل الصلف الصهيوني . ومعروف أن الكيان الصهيوني حاول أن يفرض شروطه منذ البداية مصراً على مواصلة بناء المستعمرات على الأرض الفلسطينية ورافضاً مرجعية حدود عام ،1967 في وقت مارست فيه الإدارة الأمريكية الضغط على الطرف الفلسطيني للقفز على مطالبه بضرورة وقف الاستيطان والالتزام بمرجعية حدود عام ،1967 وهما مرتكزان محوريان لأي مفاوضات جادة .

ولذلك فإن البداية لانطلاق المفاوضات لا تنبئ بحدوث تقدم، خصوصاً أن الإدارة الأمريكية لم تستطع أن تحدث أي اختراق في الموقف الصهيوني، أو بمعنى آخر لم تشأ أن تستخدم أياً من أوراق الضغط لديها لإلزام الكيان الصهيوني بتجميد الاستيطان خلال أمد المفاوضات على الأقل، وكذلك الالتزام بمرجعية حدود عام 1967 . ومن البديهي أن انطلاق المفاوضات بهذه الصورة لا يعطي دلالة على إمكانية الوصول إلى حلول موضوعية، وخصوصاً في القضايا المعقدة مثل القدس والحدود واللاجئين خلال أمد المفاوضات وهو تسعة أشهر .

ويرى البعض أن أي تقدم يتم إحرازه سيكون تقدماً من وجهة نظر الكيان الصهيوني ولحساب مصالحه، وأنه لن يكون تقدماً لحساب الطرف الفلسطيني . ذلك أن الطرف الفلسطيني هو الحلقة الأضعف في المعادلة، والإدارة الأمريكية تمارس الضغط عليه لا على الطرف الصهيوني . وهذا يعني أن الطرف الفلسطيني سيكون هو المغلوب على أمره، فيما يتمترس الطرف الطهيوني خلف شروطه ويواصل بناء المستعمرات على الأرض الفلسطينية ليلتهم المزيد منها ويقضي على فكرة الدولة الفلسطينية، وكذلك على حل الدولتين الذي تتبناه الإدارة الأمريكية .

إن الطرف الفلسطيني يواجه تحديات جمة، فهو لا يريد أن يظهر بمظهر الطرف الذي أفشل المفاوضات، وفي الوقت نفسه فإنه لا يستطيع مواجهة الضغط الأمريكي مع أنه يدرك تمام الإدراك أن الإدارة الأمريكية ليست راعياً محايداً للسلام، وأنها تتخندق مع الكيان الصهيوني، وأن منظورها للقضية الفلسطينية هو منظور صهيوني، وأن الإدارة الأمريكية لو كانت جادة فعلاً في تبنيها لفكرة حل الدولتين لألزمت الكيان الصهيوني بوقف بناء المستعمرات على الأرض الفلسطينية .

من غير المتوقع أن يحدث أي تقدم يحسب لمصلحة الطرف الفلسطيني والقضية الفلسطينية ما دام الوضع بهذه الصورة، وأن المفاوضات منذ بدء انطلاقها لم تحمل أي مؤشرات تدل على أن هناك اختراقاً في الموقف الصهيوني المتصلب .

لقد حرص جون كيري وزير الخارجية الأمريكي على الالتزام بالسرية لضمان نجاح المفاوضات . ومعروف أن السرية ليست بالضرورة ضماناً لنجاح المفاوضات، وإنما المرتكزات الموضوعية المتمثلة في وقف الاستيطان والالتزام بمرجعية حدود عام 1967 . لأن ذلك هو الذي يمهد لتحقيق فكرة حل الدولتين الذي تتبناه الولايات المتحدة الأمريكية .

إن التشديد على التزام السرية يبعث على الريبة في المآل الذي ستؤول إليه المفاوضات والذي قد يؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية في الردهات المغلقة . وإذا كان الالتزام بالسرية مفروضاً، فإن معنى ذلك الانتظار حتى نهاية أمد المفاوضات وانتظار النتيجة التي ربما تكون صادمة للشعب الفلسطيني لأن الطرف الفلسطيني سيدور في هذه الردهات المغلقة مستضعفاً أمام صلف صهيوني تسنده إرادة أمريكية .

لعل التشديد على التزام السرية مرده أن أي إفصاح عن سير جولات المفاوضات قد يثير ردود فعل رافضة وغاضبة على الصعيد الفلسطيني، الأمر الذي قد يؤثر في سيرها أو قد يؤدي إلى انهيارها إن كانت ردة الفعل الشعبي الفلسطيني عارمة ضد أي مساومة أو تسوية تختزل من حقوق الشعب الفلسطيني .

ولذلك فإن على الطرف الفلسطيني أن يلجأ إلى استفتاء الشعب على أي نتائج ربما فرضت عليه بحكم كونه الحلقة الأضعف في المعادلة . وفي هذه الحالة سيأتي رد الشعب الفلسطيني . . رافضاً لمثل هذه النتائج المجحفة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2165371

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165371 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010