السبت 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

الاستيطان علناً وسراً

السبت 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par أمجد عرار

بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد بين نظام السادات والكيان الصهيوني عام ،1979 دافع نفر قليل من الفلسطينيين عنها على أمل أن توقف جشع الصهاينة وسرقتهم للأرض وإطعامها للاستيطان . لكن سرقة الأرض استفحلت أكثر، والاستيطان ارتفعت وتيرته بعد إخراج مصر من معادلة الصراع . والأنكى من ذلك أن شهية الصهاينة انفتحت أكثر، فاجتاحوا لبنان عام 1982 وسيطروا على معظم الجنوب اللبناني، ثم على شريط منه بعدما هجّروا معظم أهله وغيّروا بنيته التحتية وأنشأوا معتقل أنصار ثم الخيام، واستولوا على مياه نهر الوزاني وظلوا يعربدون حتى تكللت عمليات المقاومة بطردهم في مايو/أيار 2000 من معظم الأراضي المحتلة، وبقيت مزارع شبعا وكفار شوبا والغجر محتلة .

عندما وقعت القيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق أوسلو سنة ،1993 ردّد البعض الأسطوانة ذاتها حول وضع حد للمشروع الصهيوني وسرقة الأرض، ورفع شعار مغال في التضليل هو “إنقاذ ما يمكن إنقاذه”، رغم أن البعض تبناها عن قناعة، وعاد يعض أصابع الندم بعدما مرت الشهور والسنوات، وتبيّن أن المراهنة على الخيار التفاوضي والتسووي ليست سوى وهم وسراب، حيث أظهرت التجربة النوايا الكامنة لدى قادة “إسرائيل” وراء موقفهم الرافض لأي التزام بوقف الاستيطان، أو وضع مواصفات لحل أي من القضايا الرئيسة التي أرجئ “البت” بها إلى ما سمّيت المرحلة النهائية وتبين أنها لا نهائية .

قبل شهر فوجئ من اعتادوا على المفاجآت بنجاح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بإقناع الجانب الفلسطيني بالعودة إلى المفاوضات من دون التزام “إسرائيل” بوقف الاستيطان، ولا بأي من مشتقات الموقف مثل التعليق والتجميد . وكانت النتيجة أن القيادة “الإسرائيلية”، ولكي تبقي على التفاف الجناح الأشد يمينية في الحكومة والمجتمع الاستيطاني، زادت من وتيرة الإعلان والمصادقة على مشاريع استيطانية متتالية . وقد رمت من هذه الإعلانات المترافقة مع تصعيد استيطاني على الأرض، لهدفين أولهما تكتيكي متمثل برسالة للداخل “الإسرائيلي” بأن المفاوضات لن تمس الاستيطان، وثانيهما استراتيجي يرمي لتكريس الاستيطان، باعتباره جوهر المشروع الصهيوني، كأمر واقع على الفلسطينيين والعرب والعالم، وبموافقة عملية من الطرف الفلسطيني “الرسمي”، حتى وإن أعلن مواقف منتقدة أو منددة .

الآن تتحدّث منظمات الماكياج “الإسرائيلية” عن زيادة بنسبة 70% في ورش البناء في مستوطنات الضفة الفلسطينية، بما فيها الشطر الشرقي من القدس المحتلة، خلال النصف الأول من هذه السنة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية . بالأرقام، يجري الحديث عن البدء ببناء 1708 وحدات استيطانية من مطلع السنة حتى منتصفها . تضاف إلى هذا العدد مئات الوحدات الاستيطانية الجاري بناؤها، وقد بدأ العمل بها قبل مطلع السنة .

أحد مستشاري بنيامين نتنياهو لشؤون الاستيطان، يكشف خطاً موازياً لما يجري، ويشير إلى مخطط يقضي بتنفيذ أعمال بناء في المستوطنات على نحو سري، لإرضاء المستوطنين والأجنحة الأشد تطرفاً، وللالتفاف على المنسوب المخزي والخجول للانتقادات الدولية .

عندما تهتز العقائد، يصبح المطلوب “أضعف الإيمان”، وهو هنا في ملعب الجانب الفلسطيني المطالب بشكل فوري بأن يعلن وقف كل أشكال التفاوض مع “إسرائيل”، وأن يسعى لاستعادة الوحدة الفلسطينية، لتكون مظلّة لموجة كفاحية جديدة ضد الاستيطان تحت شعار اقتلاعه وكنس الاحتلال .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2166006

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2166006 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010