الأحد 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

أضحوكة النفخ في “مالالا”

الأحد 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par أ.د. محمد الدعمي

هي بنت بعمر لا يتجاوز الستة عشر عامًا، كانت تذهب إلى المدرسة مع رفيقاتها، حالها حال عشرات الآلاف من المراهقات الباكستانيات، لا تختلف عنهن بأي شيء قط. شاءت الصدف أن أحمق من أعضاء طالبان باكستان أطلق النار على الطالبات، فمس رأسها شيئًا من تلك الإطلاقة على سبيل الادعاء بالتدين. حادثة عابرة وعادية بسيطة، قد تحدث بتكرار في تلك الأصقاع الرجوعية، بيد أن النتيجة كانت على ما لم يخطر ببال الطفلة مالالا ولا على بال مطلق النار، إذ صيّر الإعلام الغربي مالالا أسطورة بطولية.
ليس في مالالا ما يختلف أو تتفوق به على قريناتها من اليافعات الباكستانيات، إلا أن المصادفة فقط هي التي جرحت رأسها كي يأخذها الإعلام الغربي ذريعة لإحالتها إلى بطلة، ومقاومة، وقائدة نسوية، ومفكرة ومناضلة حريات مسلمة، كل هذا نكاية ليس فقط بطالبان ولا بالقاعدة حسب، بل كذلك بالثقافة الإسلامية وبسمعة العالم الإسلامي كذلك، كما أرى طي هذه المبالغة ومعطياتها اليوم.
وبعكسه، ما الذي يجعل الإعلام الغربي يدفع بهذه الشابة عبر المحطات المبالغ بها التالية: (1) العلاج من الجرح أعلاه في واحدة من مستشفيات لندن؛ (2) إشاعة الخرافات والأساطير حولها؛ (3) تحرير “خطاب” عن الحريات وحرية المرأة في العالم الإسلامي لتلقيه هذه البنت من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، يدًا بيد مع رؤساء وملوك من جميع أنحاء العالم. ألا ترى، عزيزي القارئ، ثمة مبالغة كبيرة في هذا الاحتفاء والنفخ في “بالون” هذه الطفلة التي، ربما لم تكن تحلم بمغادرة قريتها إلى قرية أخرى قبل سنتين؟
بل إن الأكثر مدعاة للتندر على الإعلام الغربي الذي ينجرف بتيار الدعاية السياسية بعيدًا في بعض الأحيان إلى حدود اللامعقول؛ وبعكسه كيف نفسر ترشيح هذه البنت لجائزة نوبل كي تقف إلى جوار عبقريات وإرادات قدمت أعظم الإنجازات للبشرية وللعلوم والآداب. هل تستحق هذه الطفلة جائزة نوبل بالفعل، أيها القارئ الكريم، أم أن هناك ثمة دوافع سياسية ودعائية ترشحها للجائزة، على عكس رفيقاتها اللائي يتناولن الرز الملوث بشيء من الكاري في أكواخهن كل يوم، هناك في باكستان.
تشيع ثمة شكوك حول العالم، وخاصة في العالم العربي حول الدوافع والمعايير غير المحايدة التي تلعب أدوارًا قوية في تسميات المرشحين لجائزة نوبل، ولعل أن ما يحدث مع أختنا الباكستانية، المسلمة، مالالا، التي لم تقدم أي إنجاز يذكر سوى الرقود في المستشفيات، دليل على الاستخدام المنحاز للجائزة على نحو يشوه صورة هذا الدين الحنيف، بامتطاء قصة إعلامية مبالغ بها وشخصية انتفخت حتى التفجر! لجنة جائزة نوبل لا تختار علماء أو كتابا أو مفكرين اقتصاديين مسلمين، لأنها تنتقي مالالا فقط، من ملايين المسلمين عبر العالم، لتسفيه العلوم والفنون والآداب الإسلامية. هل جف منبع العبقريات في العالم الإسلامي لتحوم جائزة نوبل بلا هدف كي تحط على رأس مالالا الجريح؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2165488

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165488 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010