الجمعة 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

مطرقة الاحتلال وسندان السلطتين

الجمعة 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par عوني صادق

لا يستطيع المراقب للأوضاع في فلسطين المحتلة، بجناحيها في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أن يتساءل: إلى متى يستطيع المواطن الفلسطيني أن يتحمل ما يتلقاه من ضربات على الجانبين، ويبقى ساكناً، قابعاً بين مطرقة الاحتلال وسندان السلطتين في رام الله وغزة؟

الناظر إلى المشهد الفلسطيني الراهن، يبدو له سريالياً بامتياز! ففي اثنتين وسبعين ساعة (أيام السادس والسابع والثامن من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري)، أمكن رصد الأحداث التالية:

ألقى رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو خطابه الثاني في جامعة (بار إيلان)، وفيه بدد مخاوف اليمين “الإسرائيلي” المتشدد من أنه يخطط لاتفاق سلام دائم، أو لاتفاق مرحلي، مع السلطة الفلسطينية، حيث اشترط “للتوصل إلى اتفاق” اعتراف الفلسطينيين ب”يهودية الدولة”، والتنازل المطلق عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين . وقد اعتبر رئيس “مجلس المستوطنات في يهودا والسامرة” السابق، إيلي دايان، الخطاب أنه “الأفضل لنتنياهو كرئيس للوزراء”، بينما اعتبره المعلق السياسي في صحيفة (هارتس) باراك رابيد “أكثر صقرية من خطاب “باران 1” الذي قبل فيه “حل الدولتين” .

في اليوم التالي (7-10)، استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وفداً من أعضاء في الكنيست للمرة الثانية، في رام الله، وأبلغهم أن المفاوضات الجارية “جادة، والتسعة أشهر تعتبر مدة كافية للتوصل إلى اتفاق شامل”!

في اليوم التالي (8-10)، اقتحمت قوات من الجيش “الإسرائيلي” بمشاركة مجندات وعناصر مخابرات، ساحات المسجد الأقصى، تمهيداً لتنفيذ دعوات وجهتها جماعات يهودية متطرفة (7-10) لاحتلال المسجد والبقاء فيه أسبوعاً، اعتباراً من يوم الخميس (10-10)، لإقامة صلوات وطقوس دينية في ذكرى ما يسمى “الصعود إلى جبل الهيكل”! بينما توغلت آليات وجرافات الجيش “الإسرائيلي” شرق بيت حانون شمال قطاع غزة!

في اليوم نفسه، أقدم مستوطنون على إحراق سيارتين، واعتدوا على مسجد قرية بيت إكسا، قرب القدس . وتم اقتحام قرية (التوانة)، وتواصل الحصار لقرية (عزون) . وأبلغت 6 عائلات من المنطار بوقف وهدم البناء فيها . وتوغلت قوات الاحتلال شمال القطاع في أراضي بيت لاهيا . وتم اعتقال عدد من الفلسطينيين في مناطق بيت لحم وجنين والخليل وبيت جالا، ومخيمي بلاطة وعسكر قرب نابلس!

ورداً على اتهام كانت وجهته الحكومة “الإسرائيلية” للسلطة في رام الله، قالت فيه إنها “لا تحارب الإرهاب” واتهمتها ب “العجز المطلق”، قامت الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالهجوم على مخيم جنين حيث وقعت مواجهات، ونفذت فيه حملة دهم واعتقال لمن وصفوا بالخارجين على القانون، وباسم المحافظة على الأمن ومنع الفلتان! وفي لقائه مع أعضاء الكنيست، أوضح الرئيس عباس حول التنسيق الأمني: “التعاون الأمني بدأ منذ 7 سنوات، وهناك تنسيق على كل المستويات وبشكل يومي، لأننا حريصون على أن تكون الأجواء طبيعية وهادئة بين “إسرائيل” وفلسطين .

ما أوردناه أعلاه ليس إلا جزءاً صغيراً من الصورة على الجانبين، السياسي والأمني، لكنه يكفي ليظهر أنه لا أمن ولا أمان للفلسطيني المعرض في كل لحظة للقتل أو على الأقل للاعتقال، إن لم يكن من قبل الأجهزة “الإسرائيلية”، فمن قبل الأجهزة التابعة للسلطة الفلسطينية . ويبقى الجانب الثالث الذي لا يقل ثقلاً على المواطن الفلسطيني، وهو الجانب الاقتصادي الذي يرزح تحت وطأته .

فمع مصادرات الأرض المستمرة، ومع تقلص الرقعة الزراعية التي تحت يده، يواجه المزارع الفلسطيني محاولات تخريب موسمه الزراعي الأهم، وهو موسم الزيتون، لاقتلاعه وتهجم قطعان المستوطنين على شجر الزيتون لخلعة وتدمير محصوله .

وعن الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية، جاء في تقرير حديث للبنك الدولي أن “إسرائيل” تتحكم في قطاعات واسعة من أراضي الضفة الغربية، وهو ما يحمل الفلسطينيين أعباء اقتصادية تقدر ب 3،4 مليار دولار سنوياً، أو ما يعادل 35% من الناتج الإجمالي . من ناحية أخرى، جاء في دراسة صادرة عن ورشة عمل أقيمت في “معهد الأبحاث والسياسات الاقتصادية” مؤخراً، أن نسبة البطالة بين الشباب المقدسي بلغت أكثر من 31% خلال النصف الأول من العام الحالي، بينما لامست نسبة الفقر بين العائلات المقدسية ما نسبته 50% خلال الفترة نفسها!

أما في قطاع غزة، فقد حذر محمد الفرا، وزير الحكم المحلي في حكومة (حماس)، في مؤتمر صحفي عقده قبل أيام، من أن القطاع “على وشك أن يقع في كارثة بيئية، لعدم قدرة البلديات على تشغيل محطات الصرف الصحي، الأمر الذي قد ينتج عنه دخول المياه العادمة إلى البيوت”! وعزا الفرا ما يعانيه القطاع من مشكلات إلى هدم الأنفاق وعدم دخول مواد البناء والمحروقات إليه ما سبب توقف المشاريع التي تنفذها البلديات، ومنع تشغيل المحطات .

من جانبه، قال المستشار الإعلامي ل “الأونروا” في القطاع، عدنان أبو حسنة، إن عدد من يحصلون على مساعدات حالياً من “أونروا” يقدر بنحو (830) ألف لاجيء، مشيراً إلى أن هذا العدد لم يسبق له مثيل منذ إنشاء الوكالة الدولية . بالرغم من ذلك، فإن احتجاجات خرجت في القطاع متهمة الوكالة بتخفيض مساعداتها للاجئين، علماً بأن المحتاجين للمساعدات يزداد عددهم .

فإلى متى سيتحمل المواطن الفلسطيني كل ذلك؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165804

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165804 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010