الأحد 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

المفاوضات وحقوق اللاجئين

الأحد 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par عوني صادق

استؤنفت المفاوضات الجارية بين السلطة الفلسطينية والحكومة “الإسرائيلية” يوم الجمعة الماضي، بعد أن توقفت أسبوعين بسبب اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت تستمر فيه المواجهات والاقتحامات والاعتقالات للفلسطينين في أكثر من منطقة فلسطينية، كان آخرها في مخيم الفوار بمنطقة الخليل ومخيم قلندية القريبة من القدس . وفي الأمم المتحدة، ألقى كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، كلمة أظهرت بجلاء تمسك الأول بالمفاوضات كخيار استراتيجي، وتجاهل الثاني لهذه المفاوضات وزاد أن اتهم المفاوض الفلسطيني بوضع العراقيل في طريق التوصل إلى اتفاق .

وتعقد الجلسة الحالية، وهي الثامنة، بعد أن انتهت الجولات السبع الماضية إلى طريق مسدود، كما أفادت مصادر فلسطينية رسمية، بسبب رفض الجانب “الإسرائيلي” الدخول في مفاوضات جدية حول الحدود ومطالبته بالتركيز على الأمن . وفي الجلستين الأخيرتين، عرض الوفد “الإسرائيلي” التوصل إلى اتفاق انتقالي (وعادة يعني حدود مؤقتة) يبقي السيطرة “الإسرائيلية” على الحدود والمعابر بين الأردن و”الدولة الفلسطينية”، وكذلك على الأغوار التي تشكل 28% من مساحة الضفة الغربية، وبقاء محطات الإنذار المبكر “الإسرائيلية” المقامة على سفوح الجبال الشرقية من الضفة . يذكر أن نتنياهو في كلمته أعاد الأسطوانة “الإسرائيلية” المعهودة فطالب الفلسطينيين بتقديم “تنازلات جوهرية” وذلك بحجة “الدواعي الأمنية”، وبالاعتراف ب”يهودية الدولة” وجاء تركيزه على الملف النووي الإيراني مبالغاً فيه، وكأنه أراد أن يفهم العالم أن المشكلة ليست في القضية الفلسطينية بل في الملف النووي الإيراني . وفي بيان لها بعد اجتماع حضره الرئيس عباس بعد عودته من الأمم المتحدة، قالت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن الموقف “الإسرائيلي” يضع العراقيل أمام تقدم المفاوضات، وهو ما عبر عنه نتنياهو من على منبر الأمم المتحدة، وطالبت الولايات المتحدة ب”ممارسة ضغط هائل” على الحكومة “الإسرائيلية”، وإلا فإن الفشل سيكون مصير المفاوضات .

وإذا كانت نتيجة المفاوضات الجارية صفراً حتى الآن، باعتراف الناطقين باسم السلطة الفلسطينية، ومنظمة التحرير، وحركة (فتح)، فإنه حتى الجلسة الخامسة لم يكن قد تم الاتفاق بين المفاوضين على “جدول الأعمال”، لكنهم اتفقوا في الجلسة السادسة، كما يفهم من التسريبات، على بحث بند “الحدود والأمن”، إلا أن الخلاف عاد ونشب من جديد حول إن كانت الأولوية للحدود أو الأمن فانتهت الجلسة إلى “النتيجة الصفرية” نفسها، ومع أن كيري قال في الإعلان عن استئناف المفاوضات إن كل “قضايا الحل النهائي” ستوضع على الطاولة، إلا أن أحداً لم يقترب من قضية اللاجئين وحقهم في العودة .

وفي الوقت الذي يتفق فيه الجميع على أن قضية اللاجئين وعودتهم هي “الرقم الأصعب” بين “قضايا الحل النهائي”، فإن المفاوضات الجارية لا يبدو أنها توليها اهتماماً يذكر . ولعل الأسباب معروفة، وهي إما أن المتفاوضين يرون أن الموضوع “متفق عليه”، أو أنه قضية “غير واقعية”، كما يقول الجانب “الإسرائيلي”، وبالتالي هو موضوع “مفروغ منه” .

ومن حيث الأساس يتحدث الفلسطينيون دائماً، عندما يجري الحديث عن اللاجئين، عن قرار الجمعية العامة رقم ،194 وباعتبار “حق العودة” حقاً فردياً وجماعياً غير قابل للتنازل عنه، تدعمه كل المواثيق والشرائع الدولية وقرارات الأمم المتحدة . لكن لا بد من التذكير أن هذا القرار جاء استناداً إلى القرار 181 لعام 1947 الذي قضى بقيام دولتين، يهودية وعربية، في حدود فلسطين التاريخية . لكن اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية ب”دولة إسرائيل”، والتوقيع معها على “اتفاق أوسلو”، والإقرار بصيغة “حل عادل متفق عليه” ينسخ القرار 194 ويلغيه عملياً . ولا يفيد أن تضاف إلى هذه الصيغة كلمات مثل “عادل” أو “وفقاً للقرار 194”، ما دام في النهاية سيكون “حلاً متفقاً عليه”، فهذه الصيغة تعني أن ما يرفضه الجانب “الإسرائيلي” لن يوضع موضع التطبيق .

وإلى جانب الرفض “الإسرائيلي” الدائم والمتكرر لمقولة “حق العودة”، واعتبارها فكرة “غير واقعية وغير قابلة للتطبيق وعفا عليها الزمن”، تحركت الأوساط “الإسرائيلية”، مؤخراً، على المستوى الدولي لشطب هذا الحق من خلال أكثر من اقتراح، كان منها “مقايضة اللاجئين الفلسطينيين باللاجئين اليهود الذين غادروا البلدان العربية”، وكذلك محاولة “إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني” بحيث يؤخذ في الاعتبار فقط “الأحياء من الذين كانوا في فلسطين قبل 1948”، وعدم الاعتراف بأبنائهم وأحفادهم وسلالاتهم وبحيث لا يتبقى إلا بضع عشرات من الآلاف من أصل ما يقدر بسبعة ملايين لاجئ فلسطيني موجودين في الشتات .

وفي نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، عقد على أرض قرية فلسطينية هجر أهلها العام ،1948 مؤتمر نظمه أكاديميون فلسطينيون و”إسرائيليون”، يشكلون مجموعة تسمى (ذاكرات) تقول إن الحل يكون برفع الغبن الذي وقع على الفلسطينين، وإنه الحل الوحيد لقضية اللاجئين، وذلك بعودتهم إلى بيوتهم في مدنهم وقراهم، وهو ما يعني أن الحل الوحيد للصراع، بعد فشل “حل الدولتين” وتوسع الاستيطان، ليس إلا “الدولة الديمقراطية الواحدة في أرض فلسطين التاريخية يعيش فيها العرب واليهود مواطنين على قدم المساواة” . وقد نشرت الصحف “الإسرائيلية” تغطية وتعليقات على هذا المؤتمر وكتب اليشع إفرات (هآرتس - 1/10/2013)، وهو أستاذ جامعي متقاعد، مقالاً عرض فيه “حلاً” حسب فيه “القدرة الاستيعابية” للمدن والقرى العربية في أراضي ،1948 ووجد أنه يمكن عودة (16000) فلسطيني يوزعون على سنوات! وهذا أفضل عرض يمكن أن يقدمه الصهاينة للاجئين .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165272

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2165272 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 3


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010