الأربعاء 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

الدبلوماسية بدلاً من المجابهة

الأربعاء 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par عبد الزهرة الركابي

خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأخير في الأمم المتحدة، هو أهمّ المبادرات العلنية الجدّية الأمريكية لحلّ الخلاف مع إيران منذ عام ،1979 لاسيما أنه اعترف فيه، بأن واشنطن ارتكبت أخطاءً في الماضي .

لذا أصبح من السهل إنهاء ترسبات وذيول العداوات بين الأمم والشعوب والدول، بفعل تعاقب الحقب وزوال آثار هذه العداوات بشكل أو بآخر، خصوصاً إذا ما تبدّلت الظروف والحسابات والمصالح، حتى لو كانت هذه العداوات تاريخية، الأمر الذي يعزز المقولة الشائعة، (لا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة بل مصالح دائمة)، وليس مهماً من قالها سواء كان تشرشل أو غيره، فالعداوات الدفينة والعميقة من الممكن في هذا العصر أن تصبح صداقات حتى لو كان هذا الأمر من باب التقية .

وعلى هذا المنحى نشرت صحيفة “نيويورك بوست” الأمريكية، مقالاً للرئيس الإيراني حسن روحاني في الفترة الأخيرة قال فيه، “انتهى عصر العداوات الدموية، وحري بزعماء العالم أن يحوّلوا التهديدات إلى فرص . . أناشد نظرائي اغتنام الفرصة التي أتاحتها الانتخابات التي أجريت حديثاً في إيران، أناشدهم تحقيق أكبر استفادة من التفويض الذي منحه لي شعبي بالدخول في حوار متعقّل والرد بصدق على جهود حكومتي للانخراط في حوار بنّاء” .

يأتي مقال الرئيس الإيراني في سياق السياسة الإيرانية “الجديدة”، حتى إن المحللين اعتبروا هذه المرحلة بداية لشهر العسل بين طهران وواشنطن، على الرغم من حالة العداء بينهما التي امتدت طوال 34 عاماً، عندما رحبت الأوساط السياسية والإعلامية في طهران، بالخطاب الأخير للرئيس الأمريكي أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وتحدثت هذه الأوساط عن النبرة المعتدلة والمحترمة للرئيس أوباما .

كما أن الرئيس الإيراني وخلال حديثه لمحطة التلفاز الأمريكية “سي إن إن” أرجع عدم إجتماعه بنظيره الأمريكي، إلى الوقت الذي لم يكن كافياً، مضيفاً أن الولايات المتحدة الأمريكية أظهرت اهتماماً بمثل هذا اللقاء، مشيراً إلى أن الجليد بدأ ينكسر بين واشنطن وطهران، لأن المناخ تغيّر بسبب رغبة الشعب الإيراني في إقامة علاقات جديدة .

وعلى الجانب الأمريكي رأت وزارة الخارجية الأمريكية في التصريحات الإيرانية فرصة للدبلوماسية، حيث رحب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بالتصريحات “الإيجابية جداً” للرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني الذي أدلى بها، واصفاً إياها بالتصالحية الموجهة إلى نظيره الأمريكي باراك أوباما .

وعلى هذا المنوال، تكون العلاقات الأمريكية - الإيرانية قد دخلت في طور التصالح والعمل الدبلوماسي بين الجانبين، نظراً لتصريحات المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين . وواضح أن الحكومة الإيرانية الجديدة تبنت مقاربة جديدة، حسبما صرح الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني .

طريق الدبلوماسية الذي أكّده أوباما، هو السعي إلى حل دبلوماسي لإنهاء الخلاف مع إيران بشأن برنامجها النووي، وفي الوقت نفسه العمل للتوصل إلى حل بين الفلسطينيين والدولة العبرية، وذلك بإقامة دولة فلسطينية لا تهدد “أمن إسرائيل”، وفي ما يخص سوريا فقد التزم أوباما بالتوافق مع روسيا في هذا الجانب، بيد أنه أبقى تصريحاً، على تهديداته قائمة بالنسبة للسلاح الكيماوي السوري، والملف النووي الإيراني .

لا شك أن العلاقات الأمريكية - الإيرانية، ومن خلال التطور الإيجابي الظاهر في تصريحات الجانبين، بدت متأثرة بما حصل على الصعيد الدبلوماسي، بعدما وافقت واشنطن على المبادرة الروسية بشأن السلاح الكيماوي السوري، وكذلك قيام واشنطن بمراجعة سياستها حيال طهران بل والمحور الإيراني - السوري، وتبني سياسة أمريكية جديدة تتسم بالمرونة والاعتماد على الحل الدبلوماسي .

إن إعادة هيكلة حكيمة للسياسة الخارجية الأمريكية، إنما هي متأتية من الأحداث المشتعلة في سوريا بما في ذلك إلغاء أو تجميد العمل العسكري ضد سوريا، بعدما تيقنت واشنطن، أن ردود الفعل الصاروخية من المحور المذكور، ستهدد بشكل كبير “أمن إسرائيل”، وربما ستؤدي هذه الضربة إلى إشعال حرب مفتوحة، إقليمياً وعالمياً .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 50 / 2181724

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2181724 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40