الخميس 26 أيلول (سبتمبر) 2013

المفاوضات والابتزاز الصهيوني

الخميس 26 أيلول (سبتمبر) 2013 par أسامة عبد الرحمن

قرر الكيان الصهيوني إطلاق سراح نحو مئة أسير فلسطيني على دفعات خلال مرحلة تقدم المفاوضات، واعتبر ذلك قراراً مؤلماً وبادرة حسن نية . ومعروف أن هناك أكثر من أربعة آلاف وخمس مئة أسير فلسطيني في السجون الصهيونية .

لقد كان إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين ممن اعتقلوا قبل اتفاق أوسلو مطلباً فلسطينياً، ولكنه ليس المطلب الرئيس . إذ إن المطلب الرئيس يتركز حول بندين محوريين وهما وقف الاستيطان ومرجعية حدود العام ،1967 وقد اعتبر الكيان الصهيوني أن قراره إطلاق سراح أسرى فلسطينيين خطوة كبيرة أقدم عليها في سبيل إحياء مفاوضات السلام، وتجاهل آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجونه، كما تجاهل نهجه في ممارسة الاعتقال يومياً على الساحة الفلسطينية، وقد يعيد اعتقال من تم إطلاق سراحه .

صحيح أن إطلاق أسير فلسطيني واحد يبهج الفلسطينيين، وقد ابتهج الفلسطينيون فعلاً لإطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين، ولكن ما قام به الكيان يمثل ابتزازاً للطرف الفلسطيني الذي ابتهج لهذه المحصلة وتخلى عن الشروط المبدئية المتمثلة في وقف الاستيطان ومرجعية حدود العام 1967 . بل إنه في الوقت الذي أعلن فيه إطلاق سراح عدد من الأسرى قرر الكيان بناء أكثر من ألف وحدة استعمارية في القدس الشرقية والضفة الغربية، الأمر الذي يكشف بجلاء أن الكيان الصهيوني يصر على مواصلة نهجه الاستعماري في بناء المستعمرات على الأرض الفلسطينية، والتهام المزيد من الأرض لكي يقضي على فكرة الدولة الفلسطينية، وكذلك القضاء على حل الدولتين الذي تتبناه الإدارة الأمريكية . وقد أعلن جون كيري وزير الخارجية الأمريكية أن قرار الكيان الصهيوني بناء وحدات استعمارية لن يعرقل محادثات السلام وأنه كان أمراً متوقعاً مع تأكيده على أن الاستيطان غير قانوني . ولكن هذا الموقف الأمريكي يبدو متناقضاً، إذ يترك الحبل على الغارب للكيان الصهيوني لممارسة نهجه الاستعماري العنصري ومواصلة بناء المستعمرات وانتهاك الحق الفلسطيني، في وقت يعتبر فيه الاستيطان غير قانوني . وهذا الاعتبار ليس إلا إعلاناً شكلياً لا يغير من واقع الأمر شيئاً . فالواقع على الأرض تباركه سياسة الولايات المتحدة والإعلان الشكلي ليس إلا ذراً للرماد في العيون .

ولعل ما أعلنه كيري من أن بناء المستعمرات على الأرض الفلسطينية أمر متوقع وأنه لن يعرقل محادثات السلام، يؤكد أن الإدارة الأمريكية تتخندق مع الكيان الصهيوني وتنظر إلى القضية الفلسطينية بعيون صهيونية، وقد مارست ضغطاً كبيراً على الطرف الفلسطيني للانخراط في المفاوضات متجاوزاً شروطه المبدئية المتمثلة في وقف الاستيطان ومرجعية حدود العام 1967 .

إن من حق الفلسطينيين أن يبتهجوا لإطلاق سراح أسرى فلسطينيين . . ولكن ما قام الكيان الصهيوني هو ابتزاز للطرف الفلسطيني، واستثمار ذلك في زخم إعلامي يضخم الحدث ويعتبره تنازلاً كبيراً في وقت تمتلئ فيه السجون الصهيونية بآلاف الأسرى، واعتقال الفلسطينيين منهجية يمارسها الاحتلال الصهيوني يومياً من دون وسيلة فعالة لتحرير جميع الأسرى الفلسطينيين .

ومع أن موضوع الأسرى من الموضوعات المهمة، فإنه لم ينل ما يستحقه من اهتمام على الصعيد الفلسطيني . صحيح أن هناك وزيراً لشؤون الأسرى لمتابعة الموضوع الأسري لكن هذا الأمر لا يعدو كونه شكلياً ليس له أثر على صعيد الواقع . ويبدو وكأنه إبراء ذمة تجاه الأسرى الفلسطينيين .

وعلى صعيد الجامعة العربية، فإن موضوع الأسرى الفلسطينيين لم ينل ما يستحقه من اهتمام أيضاً . صحيح أنه تم في مايو/أيار ،2012 عقد اجتماع على مستوى المندوبين في الجامعة العربية طالب المجتمع الدولي بحل قضية الأسرى مع أن المسألة تستحق اجتماعاً على مستوى أعلى، وقرارات أكثر جدية . وقد أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس حينها أنه سيأخذ القضية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية في لاهاي . لإصدار فتوى بوضع الأسير الفلسطيني كأسير حرب وفق القانون الدولي ولكن شيئاً من ذلك لم يتم .

إن الطرف الفلسطيني هو الذي قدم الكثير من التنازلات منذ اتفاق أوسلو وما انبثق عنه أو ألحق به من اتفاقات والتزم بكل استحقاقاته بما في ذلك التنسيق الأمني الذي تتولى فيه السلطة الفلسطينية تحقيق الأمن للاحتلال الصهيوني في وقت يعيث فيه هذا الاحتلال بالأمن الفلسطيني، ويصادر الحريات وينتهك الحقوق ويمارس الاعتقال وكل أنواع العدوان المتمثلة في القمع والتشريد والتهويد والحصار والمجازر .

إن إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى مع ما فيه من إيجابية مبهجة للفلسطينيين ليس قراراً مؤلماً ولا خطوة جريئة، ولا بادرة حسن نية من قبل الكيان الصهيوني وهو لا يتجاوز كونه ابتزازاً إذ لم يقدم الكيان الصهيوني أي مبادرة ملزمة بوقف الاستيطان، أو اعتماد مرجعية حدود ،1967 بل إنه استمر في التأكيد على نهجه في مواصلة بناء المستعمرات وانتهاك الحق الفلسطيني والقضاء على فكرة الدولة الفلسطينية وكذلك حل الدولتين .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2165542

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2165542 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010