الأربعاء 25 أيلول (سبتمبر) 2013

أوسلو بعد عقدين.. وويلات فلسطين

الأربعاء 25 أيلول (سبتمبر) 2013 par رامز مصطفى

في العودة إلى ما قبل عقدين من الزمن حيث كان السيد محمود عباس يركب الطائرة التي أقلته إلى واشنطن للتوقيع على اتفاق أوسلو تساءل «هل أنا ذاهب للتوقيع على بداية عودة وطن.. أم على بداية ضياعه؟» سؤال كبير آنذاك طرحه رئيس السلطة الفلسطينية على نفسه ومن ثم على جمهور قراء كتابه «طريق أوسلو» وهي التي وضعت الشعب الفلسطيني وقضيته في مأزق تاريخي بعد مرور عشرين عاماً على هذا الاتفاق هل لا يزال السيد أبو مازن عند سؤاله المفصلي؟ أجزم ومن خلال متابعة تصريحاته والمسؤولين الفلسطينيين ما عدا التصريحات والمواقف «الإسرائيلية» حول هذه الاتفاقات بأن الجواب المفجع والمؤلم هو أن قضية فلسطين الأرض والشعب قد أصبحت في مهب الريح.
إن السيد محمود عباس ومن خلفه كل طاقمه المفاوض في السر والعلن لم يتركوا مناسبة إلاّ وأكدوا فيها على كارثية الاتفاق من خلال اتهامهم الجانب «الإسرائيلي» بعدم الالتزام والإيفاء بما هو مطلوب منه بموجب الاتفاق بل واتهامه بأنه يقوّضُ العملية السلمية ويقتل فرص السلام بين الشعبين الفلسطيني «والإسرائيلي». والأغرب من كل ذلك هناك من يخرج على الشعب الذي دفع ويدفع الفاتورة الأغلى في هذا السياق ليقول اتفاق أوسلو مات منذ زمنٍ بعيد ولم يعد له أي وجود وهذا ما أكده رئيس السلطة في اجتماعات لجنة المتابعة العربية والقمتين العربية والعربية ـ الأفريقية في سرت الليبية عام 2010 حين أبلغ المجتمعين إن «إسرائيل» قامت فعلياً بإلغاء اتفاق أوسلو وباقي الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية وأضاف إن «إسرائيل» سحبت ولاية السلطة على الأراضي الفلسطينية وبالتالي ما هو الداعي لبقاء السلطة الفلسطينية؟. بالإضافة إلى عشرات التصريحات لصائب عريقات ونبيل شعث وحنان عشراوي وياسر عبد ربه وأحمد قريع وغيرهم. على ماذا تدل كل هذه التصريحات والمواقف؟ أليست هي الدلالة على أن المبدأ الذي أعلنه «المقبور» إسحاق شامير عندما ذهب لمؤتمر مدريد عام 1991 مضطراً لا قانعاً «سأبقى أفاوض الفلسطينيين عشرين عاماً من دون تقديم أية تنازلات وحتى لا يجدون شيئاً يفاوضوننا عليه». ألا يفي شامير وبعد مرور عشرين عاماً بوعده؟ فلا يكاد يجد مفاوض السلطة شيئاً حتى ما سمي بعناوين الحل النهائي:
1 - اللاجئون الذين يهيمون في الأرض بحثاً عن الأمن والأمان في أحضان دول ما وراء البحار بعد أن كثرت الخطط والمشاريع التي تبحث عن حلول عادلة في كل شيء ما عدا عودتهم إلى وطنهم فلسطين وفق القرار 194 .
2 - القدس التي تُستباح من فوقها وتحتها تهويداً ليس للأرض وحسب بل ولمناهج التدريس والمدارس إضافة إلى طرد أهلها المقدسيين ليصبح أقصاها مرتعاً لمشعوذي العصر من قطعان المستوطنين وغُلاتهم.
3 - الاستيطان حكايات في تقطيع أوصال الوطن وابتلاعه التدريجي من عمق الضفة والأغوار «وعلى عينك يا تاجر» الجولات الست الآتية من الإدارة الأميركية وثمة ثقة بأن هناك من يتلهف ليوافق على مطلب استئناف المفاوضات.
4 - الحدود جدارٌ يتلوى فوق أراضي الضفة كما الأفعى ليعزل بيوت القرية عن بعضها والأخ عن أخيه والأب عن أبنائه والمدرسة عن طلابها وتلاميذها والعيادة عن مرضاها ولربما طبيبها وقد اعترفت منظمة «بيتسليم الإسرائيلية» لحقوق الإنسان بأن الجدار يعزل نصف مليون فلسطيني عن باقي الضفة الغربية. مشكلاً الحدود الأمنية للكيان وقد صدر رأي محكمة العدل الدولية بتاريخ 9 تموز 2004 بعدم شرعية الجدار وضرورة تفكيكه والتعويض على المتضررين.
5 - المياه التي يحرمنا منها الكيان وقادته الذين يستولون على 90 من المياه فلا نستخدم سوى 18 من أصل مواردنا المائية لأنها لا تزال تخضع لسيطرتهم. فالمليون والنصف مليون فلسطيني يستهلكون ما مقداره 16 مليون متر مكعب بينما المستوطنون الموجودون على أرض الضفة الغربية يستهلكون ما مقداره 55 مليون متر مكعب. وقد بلغت حصة الفرد «الإسرائيلي» من المياه 400 لتر يومياً مقابل حوالى 70 لتراً للفرد الفلسطيني. وحسب منظمة الصحة العالمية فإن الحد الأدنى للفرد من المياه يومياً يجب ألا يقل عن 150 لتراً.
6 - الأمن فحدث ولا حرج فالجنرال الأميركي دايتون تمكن من إعادة صياغة الأمن على المقاس والمعيار «الإسرائيلي» حتى أصبح الاطمئنان لدى الجنود والمستوطنين في مستوى غدا محط شكر وثناء من قبل القيادات العسكرية والأمنية «الإسرائيلية» للأداء والتنسيق الأمني. حيث صرف على الأمن أكثر مما يصرف على التنمية سواء البشرية أم الاقتصادية. والدكتور نبيل شعث اعترف بأن السلطة تصرف على أمن المستوطنين وحمايتهم وعلى أمن الدولة الجارة أي «إسرائيل» حسب توصيفه أكثر من صرفها على العملية التعليمية وهو محق بدليل ما تعانيه الجامعات الفلسطينية في مناطق السلطة. بينما أمن الفلسطينيين مستباح في المدن والقرى والحقول والممتلكات وحتى دور العبادة. ورغم استئناف المفاوضات اعتدى الاحتلال على مخيم قلنديا فسقط ثلاثة شهداء وقبل أيام هاجم جنين فسقط شهيد بعد أن أعدمه جنود الاحتلال.
7 - الاقتصاد فهو ملحق تماماً بالاقتصاد «الإسرائيلي» مضافاً لذلك وقوع السلطة تحت ابتزاز الدول المانحة المترافق مع ما يشبه التخلي العربي عن التمويل والذي من شأنه أن يحرر السلطة من سيف الضغوط والابتزاز المُصلت عليها بحيث أصبحت المعادلة كلما خطت السلطة خطوة باتجاه المفاوضات والامتناع على انجاز المصالحة الداخلية الفلسطينية تتقدم المساعدات والتحويلات التي ينتظرها الموظفون بفارغ الصبر.
8 - الأسرى الذين يعدون بالآلاف داخل سجون الاحتلال وهم يعانون من كل صنوف التعذيب الجسدي والنفسي والأخلاقي ولا أفق لحل قضيتهم. ومع استئناف المفاوضات لا يزال الاعتقال سمة ملازمة للاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني. وهو يمارس الابتزاز بشأن أسرى ما قبل أوسلو.
9 - منظمة التحرير الفلسطينية وتهميش دورها وثم اغتيالها في ميثاقها حين تم شطبه كشرط أميركي «إسرائيلي». واليوم يراد للمنظمة من جديد حصان طروادة في المفاوضات الدائرة بين الجانبين الفلسطيني ـ «الإسرائيلي» .
10 - تقسيم أرض السلطة لحكومتين في كل من غزة والضفة وانسداد أفق المصالحة حيث الانقسام سيد المشهد الفلسطيني.
11 - تراجع مكانة القضية الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو وإصرار قيادات السلطة والمنظمة على مقولة القرار الفلسطيني المستقل قد دفع الكثيرين في الواقع الرسمي العربي والإسلامي إلى القول «ما يرضاه الفلسطيني نرضى به». ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل فتح الاتفاق الأبواب من أوسعها أمام التطبيع مع الكيان وبكل العناوين وأشكاله. واليوم الموضوع الفلسطيني وفي ظل ما يسمى « الربيع العربي» أصبح وراء ظهر الرسميات العربية على اعتبار أن الأولويات قد تم استبدالها فالعدو لم يعد «إسرائيل» بل دول وقوى المقاومة والممانعة وسورية نموذجاً.
وفي المقلب الآخر «الإسرائيلي» ومن دون الغوص عميقاً هناك ثلاث قضايا أولها تجميل وجه «إسرائيل» أمام المجتمع الدولي وثانيها رفع تكاليف احتلال الأراضي الفلسطينية عن كاهل اقتصادها ليتكفل به المجتمع الدولي حيث وفرت على ميزانية الكيان أكثر من 40 مليار دولار في السنوات الأخيرة وثالثهاً تحقيق التنسيق الأمني مع الفلسطينيين. وقد اقرّ الوزير «الإسرائيلي» السابق يوسي بيلين أن «إسرائيل» والفلسطينيين ينسقون اليوم العمليات في جميع الميادين وخصوصاً في مجال الأمن انه التغيير المهم الذي حمله اتفاق أوسلو.
وبعد كل هذه الجردة لهذه الإخفاقات والمأزق والويلات الخطيرة لاتفاق أوسلو هناك من يصر على أن لا بديل عن المفاوضات إلاّ المفاوضات ويطلب الشهادة بالسياسة ليعود من جديد لزراعة الوهم الذي يراد له ألاّ يتحول لمتبدد. فما عساه أن يقول في قتل الجنديين «الإسرائيليين» خلال الأيام القليلة الماضية «عمل إجرامي .. ومرتكبوه قتلة وإرهابيون» بينما أوسلو وما استجره من ويلات «بطولي وأخلاقي».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 53 / 2176503

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2176503 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40