الأربعاء 25 أيلول (سبتمبر) 2013

هل يسعى نتنياهو إلى انتفاضة ثالثة؟

الأربعاء 25 أيلول (سبتمبر) 2013 par عوني صادق

تتسارع ممارسات الحكومة “الإسرائيلية”، العنصرية والتوسعية، في الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل يدفع الفلسطينيين إلى دوائر المواجهة مع المستوطنين وقوات الاحتلال، ما يطرح على الذهن سؤالاً مستحقاً: هل يسعى نتنياهو إلى إشعال انتفاضة ثالثة؟

في تقرير جديد له، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن قلقه البالغ إزاء حالة حقوق الإنسان في الضفة الغربية، وبخاصة ما يتعلق بسياسات الإخلاء والتهجير القسري، والاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن “الإسرائيلية”، إضافة إلى العنف الذي يمارسه المستوطنون بحق أبناء الشعب الفلسطيني .

الغريب واللافت أن هذه الممارسات “الإسرائيلية” زادت شراسة وعدوانية وتوسعية في ظل مفاوضات يفترض، إن لم تحقق تقدماً على مستوى حلّ القضايا الأساسية، أن تهدئ من تلك السياسات الفاشية، لكن ما يحدث هو العكس تماماً . فبينما سجلت آخر جلسات المفاوضات التي عقدت يوم 16/9/2013 تأكيداً جديداً لعقمها وفشلها الحتمي، صادقت الحكومة “الإسرائيلية” على إقامة أول مستوطنة (ليشيم) في منطقة القدس في ظل هذه المفاوضات . وطالب عدد من أعضاء الكنيست نتنياهو برفض أي انسحاب من المناطق المحتلة، فيما كشف مسؤول فلسطيني النقاب عن أنه “حتى الآن لم يتم الاتفاق على جدول أعمال للتفاوض عليه، رغم عقد أكثر من ثماني جلسات تفاوضية”!

لقد نفذ الجيش “الإسرائيلي”، منذ بداية العام وحتى 27 أغسطس/ آب الماضي، (3565) اقتحاماً لقرى ومدن ومخيمات فلسطينية . وفي 26/8 اقتحمت قواته مخيم قلنديا ووقعت اشتباكات في المخيم استشهد فيها ثلاثة من الفلسطينيين، وأعقبتها عمليات دهم واعتقال واسعة .

وذكرت صحيفة (هآرتس- 26/8/2013) أن (19) فلسطينياً قتلوا بالرصاص منذ بداية العام . وتم اعتقال ما يقرب من (1400) فلسطيني في أربعة أشهر من هذا العام . وقبل أيام فقط، هدمت قوات الجيش “الإسرائيلي” (خربة كحلون) في الغور وشردت أهلها، كما تفعل منذ سنين مع بدو النقب . وقد جاء في افتتاحية لصحيفة (هآرتس- 22/9/2013) تعليقاً على هدم الخربة، قولها: “فعلة الهدم هذه هي جزء من سياسة عامة لطرد سكان الغور الفلسطينيين . ومنذ بداية السنة، هدمت القوات “الإسرائيلية” (182) مبنى سكنياً وعدداً آخر من المباني الزراعية في المنطقة . وعلى طول طرق الغور أقيمت كثبان رملية بهدف خنق حرية حركة السكان الفلسطينيين . . . والقانون هو قانون الاحتلال”!

وفي الأسبوع الماضي، تواصلت المواجهات في مدينة الخليل ومنطقتها، وقتل جراء ذلك جندي “إسرائيلي” بالقرب من الحرم الإبراهيمي يوم 22/،8 كما أعلن الجيش العثور قبل ذلك بيوم واحد، على جثة جندي “إسرائيلي” بعد اختفائه لساعات بالقرب من قلقيلية . واستغل المستوطنون وقوات الجيش “الإسرائيلي” الحادثتين للتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين في المنطقتين . يحدث ذلك ولا جديد في مواقف السلطة سوى الصمت، أو الاحتجاج الباهت، والتبرؤ مما يضطر المواطن الفلسطيني لمواجهته في حالات الدفاع عن النفس، بل إن قوات الأمن الفلسطيني جاهزة للتعاون والتنسيق مع “الشاباك” لملاحقة وإلقاء القبض على المشتبه فيهم من الفلسطينيين، ما دفع هؤلاء إلى الخروج في تظاهرات مطالبين بوقف المفاوضات وضد عمليات القمع التي تلجأ إليها قوات الأمن الفلسطيني ضدهم، وما جعل صحيفة تعلق في افتتاحية لها وتقول: “الاحتلال يتغول وتستفحل ممارساته في القدس والضفة الغربية، وبالطبع في قطاع غزة، وهذه طبيعة الاحتلال . لكن الغريب والمدان في الوقت نفسه هو الصمت تجاه هذه الممارسات “الإسرائيلية””!

أما مواقف الفصائل الفلسطينية، فهي لا تختلف كثيراً عن السلطة . وعندما يتحدث أحد القياديين، يكون أقرب ما يكون إلى “المعلق السياسي”، وليس إلى القائد السياسي! ففي حديث له مع صحيفة، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس)، موسى أبو مرزوق: “إن المتابع لحصاد الفترة القريبة الماضية في الضفة الغربية للشهر الماضي فقط، يجد أن الاحتلال كثف من اجتياحاته لمخيمات الضفة” التي “شهدت أيضاً احتجاجات ضد الأجهزة الأمنية للسلطة وأخرى ضد المفاوضات المرفوضة”! وبينما تحلف حكومة الحمد الله الجديدة اليمين، إشارة إلى وضع ملف المصالحة مرة أخرى في الدرج، تبقى المنظمتان (فتح وحماس) متفرغتين لاتهام كل منهما الأخرى بالمسؤولية عن الانقسام الفلسطيني المزمن !

وفي ظل هذا التغول “الإسرائيلي” من جهة، وغياب السلطة والفصائل من جهة أخرى، يتعرض المواطن الفلسطيني في الضفة وفي القطاع لمزيد من الضغوط تدفعه إلى دوائر المواجهة دون حسابات . وبين حين وآخر، يطرح تساؤل حول ما إذا كانت الأمور تتجه إلى اندلاع انتفاضة ثالثة . وبشكل مريب، يحذر “إسرائيليون” كثر من حدوث ذلك . وفي الأثناء، يجري حديث عن حملة (قاوم) التي تدعو إلى انتفاضة ثالثة، ويتم تشكيل “ائتلاف شباب الانتفاضة” في الخليل الذي يدعو أيضاً إلى “انتفاضة سلمية” في ذكرى الانتفاضة الثانية لمواجهة ممارسات المستوطنين وقوات الاحتلال .

إن حساباً عقلانياً للمعطيات والظروف الموضوعية في الضفة الغربية قد لا يشجع على انتفاضة ثالثة، لكن من قال إن الانتفاضات الشعبية تندلع وفقاً للحسابات العقلانية؟ من جهة أخرى، إن المعطيات والظروف الموضوعية السائدة ذاتها، تطرح تساؤلاً عما إذا كان نتنياهو يسعى إلى إشعال انتفاضة كهذه ! لقد كانت الانتفاضة الثانية حجة المجرم أرييل شارون لإلغاء اتفاق أوسلو عملياً وإعادة احتلال الضفة . . . فهل تراه يفكر نتنياهو بالطريقة ذاتها لاستكمال مخططات الاستيطان والتهويد؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2180839

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2180839 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40