العدو ينكّل والانتفاضة تدق الأجراس

الخليل المحتل

نكَّلت قوات الاحتلال “الإسرائيلي”، أمس، بالفلسطينيين في مدينة الخليل جنوب الضفة العربية المحتلة، في أعقاب مقتل جندي “إسرائيلي” خلال مواجهات اندلعت ليل الأحد الاثنين في المدينة، أصيب خلالها عشرات الفلسطينيين جراء الأعيرة النارية والغازات المسيلة للدموع، واعتقل العشرات أيضاً، وفرضت قوات الاحتلال عقاباً جماعياً على الأهالي، ونصبت الحواجز العسكرية داخل المدينة وفي محيطها بذريعة البحث عن منفذي العملية، وذلك بعد أيام قليلة على مقتل جندي “إسرائيلي” آخر على يد فلسطيني أيضاً شمال الضفة .

واستغل رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو مقتل الجندي في الخليل لتعزيز الاستيطان في المدينة، وسمح للمستوطنين باحتلال منزل قرب الحرم الإبراهيمي كان طرد منه 15 مستوطناً يهودياً العام الماضي، مدعياً أنه سيضرب ما يسميه “الإرهاب” بيد ويعزز المستوطنات باليد الأخرى . وفيما سارعت واشنطن إلى إدانة مقتل الجنديين “الإسرائيليين” مؤخراً باعتبار ذلك تقويضاً لعملية التسوية، باركت حركة حماس وجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام عملية الخليل، باعتبارها تأكيداً على خيار “المقاومة في وجه المحتل” .

التهجير المستمر

أعرب تقرير للأمين العام للأمم المتحدة حول حالة حقوق الإنسان في فلسطين والأراضي العربية المحتلة عن القلق البالغ إزاء حالة حقوق الإنسان في الضفة الغربية وبخاصة ما يتعلق بالسياسات الإسرائيلية للإخلاء والتهجير القسري والاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن “الإسرائيلية” وأيضا وضع الفلسطينيين بما في ذلك الأطفال الذين تحتجزهم “إسرائيل” إضافة إلى العنف الذي يمارسه المستوطنون “الإسرائيليون” بحق أبناء الشعب الفلسطيني .

في ذات الصدد أكد إبراهيم خريشي سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة في جنيف إن “إسرائيل” مازالت مستمرة في نهجها الذي تضرب فيه عرض الحائط بكل القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة وهيئاتها المعنية وأيضاً في انتهاك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة وذلك وفق نهج منظم .

معبر ينهي معرض

ألغت وزارة الثقافة في غزة، أمس، معرض فلسطين الدولي للكتاب للعام الحالي، بسبب اشتداد حدة الحصار وإغلاق معبر رفح، على أن تتم إقامة معرض محلي بدلاً منه .

وقال مدير عام الإدارة العامة للمعارض والمكتبات بوزارة الثقافة في غزة محمد الشريف، إن الأوضاع الجارية في مصر، وما ترتّب عليها من إغلاق معبر رفح، وعدم السماح لدور النشر والشخصيات المدعوة بالدخول إلى القطاع، تسبّب بإلغاء المعرض الدولي الذي كان يفترض إقامته خلال الشهر الجاري . وأشار إلى أنه تم دعوة ما يقارب 60 دار نشر عربية بمختلف الدول العربية منها مصر والأردن، والإمارات ولبنان والسعودية، وغيرها من الدول العربية، لكن إغلاق المعبر حال دون اكتمال ذلك

الانتفاضة على الابواب

تفاوتت آراء خبراء ومحللين فلسطينيين، حول أفق ودلالات ارتفاع عمليات إطلاق النار ضد قوات الاحتلال “الإسرائيلي” والمستوطنين في الضفة، بالتوازي مع تنامي حركة الاحتجاجات والمواجهات الشعبية قرب الحواجز “الإسرائيلية” وخلال عمليات اقتحام المدن والمخيمات الفلسطينية والمسجد الأقصى في القدس .

ورأى المحلل السياسي ناجي البطة أن الحراك الفلسطيني بكل أشكاله “يأتي تبعاً لحالة اليأس التي تسربت للطيف الفلسطيني من المفاوضات بين الجانب الفلسطيني المفاوض والجانب الإسرائيلي من دون فائدة، في ظل مراوغة الجانب الإسرائيلي ورفضه تقديم شيء للفلسطينيين” . وقال البطة إن “الجانب الإسرائيلي يحاول أن يضفي شرعية على وجوده في فلسطين، ولاسيما بعد تكشف العديد من أوراقه وزيفه أمام العالم، وذلك بمحاولة إظهار طرف فلسطيني مفاوض على أنه العقبة أمام السلام” . واعتبر أن الاستهدافين للجنود “الإسرائيليين” في قلقيلية والخليل “يزاوج بين خياري العمل الفردي النابع من الشعب والعمل التنظيمي المدروس أمام تنكر إسرائيل لكل حق فلسطيني” .

ويتفق المحلل السياسي هاني حبيب مع البطة، في ترجيح خيار الأعمال الفردية خلف الحدثين الأخيرين، مبيناً أن “الفصائل لا يوجد لديها قرار سياسي بالمواجهة العسكرية في الضفة” . وذهب حبيب إلى أبعد من ذلك في تشخيصه للأحداث الأخيرة “بأنها بدايات هبة شعبية قد تقود لانتفاضة جديدة ولاسيما بعد ميل “إسرائيل” للاستمرار في استفزاز الفلسطينيين واستمرارها في تهويد القدس” . ورأى أن “أمر أي انتفاضة فلسطينية جديدة لن يكون بالأمر اليسير، ولاسيما بعد دعم الجيش “الإسرائيلي” لانتفاضة المستوطنين وتخريبهم للممتلكات الفلسطينية وهو ما يدعو إلى وقفة ودراسة جادة أمام أي تحرك” . واعتبر أن خطوة تشكيل ائتلاف شباب الانتفاضة أمر إعلامي كغرف العمليات المشتركة التي كانت تتم في أوقات سابقة، غير أنها لا ترقى لإحداث تغير جذري في الحال الفلسطينية بشكل عام . وكان الائتلاف أعلن عن نفسه قبل أيام في الضفة وغزة داعياً إلى تظاهرات كبيرة في وجه “إسرائيل” يوم الجمعة المقبل بالتزامن مع ذكرى اندلاع انتفاضة الأقصى .

وامتنع أستاذ الإعلام في جامعة النجاح الوطنية رائد نعيرات عن وضع رؤية وتأطير الأحداث الأخيرة وقال “لا أستطيع أن أجزم بالأعمال هل هي فردية أم فصائلية وهل هي حوادث ما تلبث أن تتلاشى أم مقدمة هبة، فالصورة لازالت بحاجة لدراسة معمقة والأيام ستكشف التفاصيل” . وتبقى الأيام المقبلة كفيلة بحسم الموقف لمصلحة التصعيد أو الهدوء، غير أن مؤشرات الأفعال المتسارعة من اعتقالات واقتحامات القوات “الإسرائيلية” للبيوت والمقدسات، ستقود بشكل طبيعي لردات فعل تتفاوت في حجمها .