الأحد 22 أيلول (سبتمبر) 2013

الأمم المتحدة والتأشيرات

الأحد 22 أيلول (سبتمبر) 2013 par أمجد عرار

سنة ،1988 كانت الانتفاضة الشعبية الفلسطينية في ذروة توهّجها وجماهيريتها، وكان التحرّك السياسي للقيادة الفلسطينية اقل سقفاً ولا يرقى إلى عظمة تلك الانتفاضة التي أجهضها اتفاق أوسلو البائس . ورغم أن عنوانها كان التمسّك بالحجر ووسائل النضال الشعبي السلمي بلا رصاص أو قذائف، وبالقطع بلا سلاح كيماوي أو نووي، إلا أن الديمقراطية الأمريكية لم تتسع لرأي القائد الراحل ياسر عرفات، فرفضت واشنطن إعطاءه تأشيرة دخول إلى أراضيها للتحدّث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لأسباب “إسرائيلية” واضحة ومعلنة، ما حدا بالأمم المتحدة لنقل اجتماعها إلى جنيف مؤقّتاً ليتسنى لممثّل أعدل قضية في العصر الحديث التحدّث أمام برلمان العالم عن قضيته .

الآن يتكرر المشهد مع رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو حيث رفضت الولايات المتحدة إعطاءه تأشيرة دخول للمشاركة في جلسة الجمعية العامة في نيويورك، وقد جاء هذا الموقف متزامناً مع رفض واشنطن السماح لطائرة مادورو بالمرور في الأجواء الأمريكية في طريقها إلى الصين . هذا مع العلم أن الأعراف والقوانين الدولية لا تسمح لأي دولة بأن تمنع طائرة تقل رئيساً يقوم بزيارة دولية من عبور مجالها الجوي، طالما أنه رئيس دولة عضو في الأمم المتحدة، وليس مداناً بأي جرم من المحاكم الدولية .

قبل ذلك وبعده، لا تملك الولايات المتحدة حجة مقنعة، ولا حتى ذريعة تستند إليها في منع السفر فوق مجالها الجوي . ليس من سبب غير أن رئيس فنزويلا لا يروق لأمريكا، رغم أن الرئيس الراحل هوغو شافيز كان أكثر حدة في تعامله مع واشنطن، ومع ذلك كان مواظباً على حضور جلسة الجمعية العامة سنوياً .

من المؤسف أن تصر أمريكا على منع غير الراضين عن سياساتها من إعادة النظر في موقفهم . كلما حاول هؤلاء إقناع أنفسهم بتبديل مشاعرهم أو تلطيفها تجاه دولة عظمى مهمة وقوية ومؤثّرة .

أمريكا تعلم أن وجود مقر لأي منظّمة دولية على الأراضي الأمريكية لا يمنحها الحق في منع ممثل أي دولة من المشاركة في الاجتماعات الدولية، لأن مثل هذا السلوك لا يخرج عن دائرة الاستعلاء وإهانة الآخرين وهذا بحد ذاته سلوك عنصري . والغريب أنها تدرك أن هكذا مواقف تجاه رؤساء دول من شأنها أن توسّع دائرة الغضب إزاء واشنطن لدى الشعوب التي تعتبر إهانة زعمائها إهانة لها، ويستوي في هذا المؤيّد والمعارض .

نتذكّر أن العالم العربي لم تهتز له قصبة حين منع عرفات من الذهاب إلى نيويورك، لكن دعوات بعض الدول اللاتينية ل “لتحالف البوليفاري لشعوب القارة الأمريكية” (ألبا)، إلى مقاطعة الجلسة العامة المقبلة ستجد صدى لدى بقية دول القارة التي لا تقبل باستمرار الولايات المتحدة في سياسة الترهيب وإهانة حكومات وشعوب لا تروق لها . بل بات من الواجب على كل الدول المستضعفة أن ترفع صوتها صوناً للشبح المتبقي من الأمم المتحدة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2177513

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2177513 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40