الأحد 22 أيلول (سبتمبر) 2013

عشرون عاماً على أوسلو

الأحد 22 أيلول (سبتمبر) 2013 par هاشم عبد العزيز

“ما أشبه الليلة بالبارحة”، هذا مثل عربي قديم لكنه فلسطينياً حاضر هذه الأيام، فقبل عشرين عاماً جرت مفاوضات أوسلو التي أفضت إلى اتفاق بين منظمة التحرير وبين “إسرائيل” بتكتم شديد وسرية فاجأت الجميع في النتيجة .

الآن وبعد انقطاع دام قرابة ثلاثة أعوام تعود المفاوضات بين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل”، ومن بين الشروط التي وضعتها الإدارة الأمريكية التي ترعى كما هو معروف هذه العملية منذ سنين طويلة أن تبقى “سرية”، وهذا ما كرره وزير خارجيتها جون كيري في زيارته “الخاطفة” إلى “إسرائيل” منذ أيام قليلة .

لقد أثار الإعلان المفاجئ لاتفاق أوسلو أسئلة كثيرة وردود أفعال عديدة، وظل محل خلاف في الساحة الفلسطينية، ومن بين الأسئلة التي أثارها المهتمون والمراقبون والمحللون في شأن ما يعرف بالأزمة شرق أوسطية أو القضية الفلسطينية ومازال يُذكر أحياناً قليلة بالصراع العربي الصهيوني: هل بادر أحد الطرفين إلى فتح هذه النافذة؟ أم أن طرفاً ثالثاً لعب هذا الدور ولقي تجاوباً من الطرفين؟

دافِعُ الفلسطينيين: ما كان ترتب من أثر الخروج من بيروت وما تداعى عربياً من انحسار في شأن القضية الفلسطينية وما قابله من نهوض فلسطيني في الداخل توج بما بات يعرف بالانتفاضة الفلسطينية والتي تكررت، وكانت قابلة لأن تتحول إلى حالة فلسطينية في وجه الاحتلال وسياساته الإجرامية .

أما دافع “الإسرائيليين” فقد كان الدافع ذاته لأي قوى استعمارية ذهبت باتجاه احتواء أزمة الاحتلال من خلال الدفع باتجاه خلق أوضاع فلسطينية عديدة، هي لا تتنوع ولكنها تتصادم، ومن بين أبرز نتائج هذه السياسة حالة الانقسام السياسي الساقطة راهناً على الأرض بين الضفة الغربية وقطاع غزة .

لقد أتاح اتفاق أوسلو لأعداد كثيرة من القيادات والكوادر الفلسطينية التي كانت ناشطة في الشتات وبالذات تلك التابعة لمنظمة التحرير وفي أبرز قواها حركة “فتح” من العودة إلى داخل الوطن . ويمكن القول إن تجربة السلطة الفلسطينية قابلة للإفادة غير القليلة لبناء الدولة المستقبلية .

لكن هذه الإيجابية ربما صارت يتيمة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن السلطة من لحظة وجودها بقيت أقرب إلى “اسمية” بالنظر إلى أن الاحتلال عابث ومعربد في الأراضي الفلسطينية .

لسنا بصدد الإحاطة بكل ما جرى منذ 13 سبتمبر/أيلول 1993 حين وقعت منظمة التحرير الفلسطينية و”إسرائيل” على إعلان مبادئ حول الحكم الذاتي بعد ستة أشهر من المفاوضات السرية في أوسلو، فقد جرت مياه كثيرة لكنها صبت في مجرى كشف الحقيقة وهي على أية حال ماثلة في نكران “إسرائيل” لحقوق الفلسطينيين التاريخية والسياسية والإنسانية .

إن السياسة التي كرسها الاحتلال الصهيوني خلال سنوات ما بعد أوسلو وبدعم وحماية أمريكية تجافي وتناهض ما يرتبط بالحل العادل والسلام الدائم، بداية أثار “الإسرائيليون” الخلاف حول تفسير الاتفاق، ومن ثم كان الدخول في دوامة العودة إلى اتفاقات على الاتفاقات لتبدأ لعبة الخلافات “الإسرائيلية” التي يراد من خلالها ربط مصير قضايا الشعب الفلسطيني وهي ناجمة عن العدوان والاحتلال والاستيطان برغبات جماعات “إسرائيلية”، مرة بواجهة سياسية يمينية، كما يقال، ومرات بجماعات دينية لا أحد يعرف من أي نوع هي لأن الحق والعدل جوهر الديانات السماوية .

على أن كارثية هذه السنوات على الشعب الفلسطيني لم تكن قاصرة على حرب الإبادة العنصرية الصهيونية المفتوحة، حيث الاغتيالات الوحشية والقتل العشوائي والمطاردات والاعتقالات والتشريد والحرمان من الغذاء والدواء وجرف المزروعات واقتلاع الأشجار وهدم البيوت على رؤوس سكانها فقط، ولا في القاطرة الاستيطانية الكاسحة للأراضي الفلسطينية والتي تضاعفت منذ أوسلو مرات ومرات وحسب، بل إلى تلك الكارثة وهي في الوضع الفلسطيني المحكوم بتأثير الانقسام السياسي أولاً، وفي هروب المنقسمين لا من مواجهة مسؤولياتهم إزاء ما حدث من أضرار فادحة، بل وفي عجزهم استيعاب متطلبات النهوض من هذه الأوضاع المفتوحة على تصفية القضية الفلسطينية وهذا ما تجريه أمريكا سراً وباتجاه قضايا واضحة للعيان وجلية أمام البصر والبصيرة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165424

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165424 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010