الخميس 19 أيلول (سبتمبر) 2013

“إسرائيل” ومقدمات التحديات والمخاطر الكامنة

الخميس 19 أيلول (سبتمبر) 2013 par مأمون الحسيني

من بين رزمة الدول والكيانات العربية والإقليمية المرشحة للتأثر بتداعيات المشهد السوري المستجد بعد توصل موسكو وواشنطن إلى اتفاق على آلية التخلص من أسلحة سوريا الكيماوية، وانضمام دمشق إلى معاهدة حظر هذه الأسلحة، وارتفاع منسوب الطموح الدولي لعقد “جنيف2”، وإمكانية توظيف كل ذلك لحل الموضوع النووي الإيراني كجزء من الصفقة الأمريكية- الروسية التي يرى كثيرون أنها بصدد التبلور، رغم حالة الضبابية التي تلف طبيعتها، ينفرد الكيان الصهيوني بوضع استثنائي خاص له علاقة بطبيعة هذا الكيان العنصرية التوسعية واحتلاله الأراضي الفلسطينية والعربية، وعلاقته “العدائية” مع الجوار، وكذلك بوظيفته التاريخية التقليدية المتمثلة في الحفاظ على مصالح الغرب الرأسمالي، وبخاصة الولايات المتحدة، في المنطقة العربية التي ينبغي أن تبقى مقسمة وخارج سياق التنمية الحقيقية المستدامة التي تشكل الشرط الأساس لبلورة سياسة وطنية وقومية مستقلة .

ما طفا على سطح الساحة السياسية والشعبية في الكيان، سواء خلال فترة التحضير للتدخل العسكري الأمريكي في سوريا، أو بعد تذبذب توجهات الرئيس أوباما وجنوحه لطلب موافقة الكونغرس، ومن ثم التقاطه المبادرة الروسية للنزول عن الشجرة، كان مفعماً بالتناقض والالتباس وعدم اليقين . ففي مقابل التحريض الرسمي المتوتر على شن الحرب على سوريا، كون ذلك فرصة تاريخية لإسقاط النظام السوري، وإضعاف “حزب الله”، وتقليم أظفار الإيرانيين ومنعهم من المضي قدماً في برنامجهم النووي وفق ذات القاعدة الخاصة ب “الخطوط الحمر”، لم تستطع القيادة الصهيونية التي تقر بعدم جهوزية الجبهة الداخلية، من إخفاء قلقها وخشيتها من تداعيات الضربة الأمريكية، كما لم تتمكن من خفض منسوب الخوف والخشية لدى الجمهور الذي اندفع للتزود بكمامات الغاز .

ولذا لم يكن مفاجئاً أن يفتح المسؤولون الصهاينة، وبعد أن تنفسوا الصعداء بعد إلغاء الضربة، أو تأجيلها، النار على الرئيس أوباما الذي وصفوه ب “الجبان والمتردد والمفتقر للقدرة القيادية”، والذي “ارتعدت فرائصه” بعد خسارته تأييد بريطانيا، وبعدما أظهرت استطلاعات الرأي الأمريكية معارضة الغالبية لهذا الهجوم . وهو ما أحبط الهجوم على سوريا، ومنح الرئيس الأسد الوقت للتحصن، وجعل الإيرانيين يضحكون وهم في طريقهم لامتلاك القنبلة .

إنّ خلفيات الخشية الصهيونية المرشحة للتصاعد على إيقاع صفير قطار “جنيف2” وإمكانية امتداد “المسار السياسي” نحو الملفات الإقليمية الأخرى، بما في ذلك الملف النووي الإيراني والأوضاع المتوترة في مصر، وملف المفاوضات الفلسطينية- “الإسرائيلية”، عديدة ومتنوعة وذات طابع إشكالي .

ولأن الصهاينة، بمستوياتهم السياسية والعسكرية والاستخباراتية، يدركون أكثر من غيرهم، وبخلاف خطابهم المعلن، أن الضعف في الموقف الأمريكي لا يمكن إحالته إلى تخبط الرئيس أوباما أو تردده في اتخاذ المواقف الصارمة والحازمة، وإنما إلى تراجع قوة الولايات المتحدة وقدرتها في مقابل تنامي قوة خصومها فإن ثمة هلعا حقيقيا من تبعات المرحلة المقبلة التي ستفقد الدولة العبرية، ليس فقط وظيفتها في إطار الصراع الدولي والإقليمي وتوازناته التقليدية السابقة، وإنما كذلك وضعها الاستثنائي الخاص الذي تمتعت به طوال العقود الماضية كدولة احتلال وتوسع فوق القانون، وربما أسلحتها النووية والكيماوية التي ما زالت حتى اليوم خارج إطار المساءلة والتحقق . أي بكلام آخر، لا يمكن ل “إسرائيل” التي كان مشروع إقامتها في قلب المنطقة العربية الحيوية لمصالح الدول الرأسمالية الأوروبية وليد عملية تحول هذه الدول إلى مرحلة الاستعمار والتمدد خارج حدودها القومية، إلا أن يتملكها العصاب وتنتابها أعراض الخشية على الوجود والمصير من النظام العالمي المتعدد الأقطاب الذي بدأت ملامحه بالتشكل على أرض الواقع، لا سيما أن عنوان عملية الانتقال إلى هذا النمط الدولي الجديد الذي يشهره الروس والصينيون وحلفاؤهم في دول البريكس” وبعض المنظومات الدولية الأخرى، هو إعادة الاعتبار للشرعية الدولية وقوانينها التي ينبغي أن تنطبق على الجميع، ما يضع الدولة العبرية العنصرية وشرعية احتلالها، لا بل ووجودها حتى، في مأزق عميق من شأنه تفجير جميع أنواع التناقضات التي تعتمل في قلب هذا الكيان وجنباته .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 43 / 2165265

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165265 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010