الثلاثاء 17 أيلول (سبتمبر) 2013

قراءة في أوراق المستقبل

الثلاثاء 17 أيلول (سبتمبر) 2013 par مصطفى الفقي

يثور تساؤل في جميع الأوساط المحلية والإقليمية والدولية حول المستقبل القريب لمصر، من هو الرئيس القادم؟ ما هي النسبة المنتظرة للقوى السياسية المختلفة في الانتخابات البرلمانية القادمة؟ كيف سيكون شكل الدستور التوافقي بعد تعديل دستور 2012؟

وسوف نجتهد في اجتراء وتجرد أيضًا وبشكل مباشر للإجابة عن هذه الأسئلة من خلال النقاط التالية:

* أولاً: لا يجادل أحد في أن شعبية الفريق أول عبد الفتاح السيسي كاسحة، فالرجل يجمع بين الصفات العظيمة لدى الرئيسين الراحلين عبد الناصر والسادات فلديه من الأول الكبرياء الوطني ومن الثاني الدهاء السياسي فضلاً عن إقدام وشجاعة تحسب له في ما قام به في 3 يوليو/تموز 2013 انعكاساً لشخصية جسورة قدمت المصلحة الوطنية على الأمان الشخصي، فقد كان الرجل يستطيع أن يمضي مع حكم الإخوان ويحقق دوراً كبيراً ويحتل منصباً رفيعاً ولو على حساب مستقبل مصر وهويتها وهذه نقطة تحسب للسيسي في تاريخنا الوطني، وإذا تقدم الرجل للمنصب الأول في البلاد فسوف ترتفع أصوات من الداخل والخارج تصيح “ألم نقل لكم أن ما جرى كان انقلاباً عسكرياً وها هو قائده يطل علينا متجهاً إلى القصر الجمهوري”؟ من هنا فإنني أتمنى على ذلك القائد العسكري أن يترك قيادة الجيش فور إعلان نتيجة الانتخابات البرلمانية بفرض أننا سوف نمضي بشكل طبيعي من دستور إلى برلمان إلى رئيس دولة وأن يتقدم نحو الساحة السياسية حيث جماهير الشعب التي سوف تستقبله باحترام وتقدير وفي خلفية ذلك أسماء عظيمة في تاريخ الدول الكبرى مثل الجنرال دوايت إيزنهاور في الولايات المتحدة الأمريكية والجنرال شارل ديغول في فرنسا، فليس كل من جاء من خلفية عسكرية يكون سلطويا مستبداً، ويجب ألا ننسى أن صدام حسين كان مدنياً بكل ما فعله، ولم يكن عسكريًا برغم الزي الذي اغتصبه، إنني لا أروج للسيسي ولكنني أعطيه حقه وجماهير 30 يونيو و 26 يوليو/تموز هي الحكم الفيصل، ونتذكر هنا أن حول الفريق أول عبد الفتاح السيسي مجموعة متميزة من القيادات العسكرية من أبناء المدرسة الوطنية المصرية التي تمضي بالجيش المصري على طريقه في صيانة الأمن القومي والمصالح العليا للشعب .

ثانياً: إن هناك أسماء مصرية شريفة في مجالات القضاء والدبلوماسية والجامعات ومن الضباط السابقين وغيرهم، بل إنني أعترف أنه أثناء مشاهدتي للحوار الذي جرى مع الرئيس المؤقت عدلي منصور شعرت أن الرجل يملأ مكانه ويمتلك من مقومات الحكم وهيبة الرئاسة ما يجعله هو وأمثاله من القضاة العظام أو الدبلوماسيين السابقين، أو الضباط المتقاعدين نماذج يمكن التفكير فيها وأضيف أن متابعتي للدكتور مصطفى حجازي مستشار الرئيس تضعه أيضًا في عداد الشخصيات الشابة المؤهلة لدورٍ أكبر، كما أن منصب الرئاسة في مصر ليس حكراً على فئة ولا حقًا لجماعة إنما هو لإرادة الشعب المصري مهما حاولت الولايات المتحدة الأمريكية، بطلبٍ من “إسرائيل”، التدخل في الشأن المصري كما قلت في عام 2009 حيث هاجمني الجميع عندما ذكرت ذلك في عبارة وصفية مجردة ولا تمثل رأيًا شخصياً، ولقد طرح المصريون أخيرا أسماء أخرى في هذا السياق من أمثال اللواء مراد موافي رئيس المخابرات الأسبق والفريق سامي عنان رئيس الأركان الأسبق للقوات المسلحة وغيرهما من رموز العسكرية المصرية يتقدمهما المرشح السابق للرئاسة والذي تتواتر المعلومات عن أنه كان فائزاً بالمنصب وأعني به الفريق طيار أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق بخبرته الإدارية الواسعة واهتمامه الدائم بالشأن الوطني في السنوات الأخيرة، ويبقى اسم المناضل حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق أيضاً بتاريخه السياسي الحافل وانحيازه للطبقات الكادحة وحرصه على العدالة الاجتماعية، ولعلي أرتفع عن مشاعري الشخصية لكي أقول إن عمرو موسى لو كان أصغر سنًا لكان الأجدر والأكفأ والأسرع وصولاً للمنصب وتحقيقاً لأهدافه .

ثالثاً: إنني أتصور أن يحصل “التيار الإسلامي” في الانتخابات البرلمانية القادمة إذا شارك فيها على نسبة قد تصل إلى ثلاثين بالمائة رغم كل ما جرى، لأن حشود الشارع المصري في 30 يونيو/حزيران 2013 ليست هي بالضرورة طوابير المواطنين أمام لجان الاقتراع وهذه ظاهرة تستحق التأمل وتدعو التيارات الليبرالية والقومية واليسارية أن تراجع حساباتها حتى لا يأخذها بريق الثورة الشعبية نحو أوهام لا تتحقق! فالدولة المدنية التي تقوم على الوطنية المصرية لا تعادي التعددية ولا يمكن أن ترفض الهوية العربية الإسلامية لمصر التي تمثل بعداً ثقافياً يقبله المسيحيون المصريون مادام يحمي حقوقهم ويصون معتقداتهم ويحافظ على كنائسهم، فالمشكلة ليست مع الإسلام ذلك الدين الحنيف الذي يقوم على التسامح ورحابة التفكير وسعة الأفق ولكن المشكلة تأتي من جماعة من المسلمين احتكروا تفسير الشريعة وتأويل الفقه وإصدار الفتاوى والأحكام، لذلك فإننا نأمل في برلمان يعتبر التعددية إضافة لقيمته وليست انتقاصاً من قدره واضعين في الاعتبار أن الأخذ “بالنظام الفردي” لا يزال ضرورة هذه المرة حتى يكون لدينا نظام حزبي قوي يجعلنا نفكر في “الانتخاب بالقائمة” وربما أيضا في الأخذ بالنظام البرلماني الذي يحمي الفئات المهمشة ويفتت ظاهرة “الفرعون” .

* رابعاً: إنني متفائل بلجنة الخمسين لتعديل الدستور ويدعوني إلى الارتياح وجود أسماء في قيادتها مثل الدبلوماسي عمرو موسى والفقيه الدستوري د . جابر جاد نصار والكاتب الروائي محمد سلماوي وغيرهم من رموز الحياة العامة المصرية، وأرجو أن يأتي الدستور المعدل توافقياً يرضي القوى المدنية ولا يغضب التيارات الإسلامية في ذات الوقت! قد تكون المعادلة صعبة ولكنها ليست مستحيلة خصوصاً وأن الدستور للدولة “كالنوتة الموسيقية” التي يقرأ منها العازف الأول وهو “رئيس البلاد” وتمضي وراءه الفرقة الموسيقية بأدواتها المختلفة وهي بمثابة “البرلمان” حتى تكتمل معزوفة وطنية قامت على “النوتة” و”الفرقة” و”المايسترو” فترتاح الشعوب وتستقر الحريات وتنتصر العدالة الاجتماعية .

. . هذه جولة سريعة في قضايا شائكة رأيت أن أطرحها في تجرد وموضوعية، مؤكداً مرة أخرى أن أبواب القصر الجمهوري يجب أن تكون مفتوحة لرئيس جديد يعبر عن إرادة الشعب ولا يبتعد عن آماله وأمانيه، ينظر إلى المهمشين من أقباط ونساء وشباب حتى تصل الأجيال الجديدة إلى قاعات قصر الحكم تشارك في صنع القرار السياسي وصياغة المستقبل لا أن يكونوا في مقاعد المتفرجين . . إن مصر لكل أبنائها من دون تهميش أو استثناء أو إقصاء .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165493

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165493 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010