الجمعة 13 أيلول (سبتمبر) 2013

مبررات سقيمة لمفاوضات عقيمة

الجمعة 13 أيلول (سبتمبر) 2013 par عوني صادق

وصف ياسر عبد ربه، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، المفاوضات الجارية بين السلطة الفلسطينية والحكومة “الإسرائيلية” بأنها “عقيمة”، مؤكداً أنه “حتى الآن لم يتحقق أي تقدم” ومستبعداً أن يتحقق “ما لم تكن هناك قوة ضغط هائلة أمريكية . . .” . وأضاف عبد ربه: “ورغم أننا اتخذنا قراراً بالمشاركة فيها، لكن نحن نرى الآن أن ما كنا نتوقعه من أمل في أن نتقدم هو ضعيف للغاية بل هو أمل معدوم في هذه اللحظة”، وأن “البقاء في الإطار الحالي هو دوران في الفراغ لا يقود ولا يؤدي إلى أي نتائج”!

وكانت الجولة السابعة من المفاوضات، التي استؤنفت في 29 يوليو/تموز، قد ألغيت بسبب اجتياح قوات الاحتلال لمخيم قلنديا وقتل ثلاثة فلسطينيين وجرح العشرات في المواجهات التي جرت فيه . أما الجولة السادسة التي عقدت يوم 3-9-،2013 فقال بعدها “مسؤول فلسطيني” للإذاعة “الإسرائيلية” إنه “لم يتم التوصل إلى أية اتفاقات حتى الآن” . ويظهر من تسريبات بعض المسؤولين الفلسطينيين، أن هذه المفاوضات لم تتوصل إلى اتفاق حول “جدول الأعمال” . ففي الوقت الذي طالب الجانب الفلسطيني بالبدء بمسألة الحدود، أصر الجانب “الإسرائيلي” على البدء بمسألة الترتيبات الأمنية . وبينما ذكرت مصادر “إسرائيلية” أن الجانب “الإسرائيلي” عرض “دولة فلسطينية في حدود مؤقتة”، خرج نائب وزير الأمن “الإسرائيلي”، داني دانون، ليعلن أن “الليكود لن يقبل بتسوية الحل المرحلي التي تتنازل فيه “إسرائيل” عن أملاكها للفلسطينيين”، في حين أصدر “المجلس الثوري” لحركة (فتح) بياناً يوم 5/9 أكد فيه رفضه كلياً “أي حلول انتقالية أو مؤقتة، ومنها الدولة ذات الحدود المؤقتة” .

في هذا الوقت، خرج كبير المفاوضين، الدكتور صائب عريقات، مفسراً ومبرراً موافقة السلطة الفلسطينية على العودة إلى المفاوضات، فحدد تسعة أسباب لهذه العودة، مشدداً على أن “إمكانية استمرار المفاوضات مع استمرار النشاطات الاستيطانية سوف يكون أمراً مستحيلاً! لكن، وبإلقاء نظرة سريعة ومن دون تدقيق شديد في تلك الأسباب، يكتشف المراقب هشاشتها وزيفها، إن لم يكن تفاهتها .

فأول الأسباب التسعة التي عددها كبير المفاوضين، هو “مرجعية عملية السلام” العائدة إلى تحقيق “حول الدولتين على حدود ،1967 مع تبادل أراضٍ متفق عليه” . فهل هناك من يأخذ هذا السبب بجدية؟ إنه بعد ست جولات من المفاوضات على أساس هذه المرجعية المزعومة، نسبت مصادر “إسرائيلية” إلى “مسؤول فلسطيني رفيع المستوى” قوله: إن المفاوضات مع الجانب الفلسطيني تنصب حالياً حول “إقامة دولة فلسطينية مؤقتة، على أساس الإبقاء على المستوطنات والقواعد العسكرية “الإسرائيلية” في الضفة كما هي”! وهو ما يسقط، إضافة إلى سبب “المرجعية”، السبب الثالث الذي حدده عريقات بأنه “نبذ الحلول المرحلة والانتقالية والمؤقتة”، علماً بأن عدم الاتفاق على “جدول الأعمال” يسقط السبب الثاني في قائمة أسباب عريقات .

السببان الرابع والخامس، الأول يتعلق بالسقف الزمني للمفاوضات، وحدد ب 6- 9 أشهر، لا تعني للجانب “الإسرائيلي” مشكلة بل كسباً للوقت المغطى بالمفاوضات، في حين أنه يشكل مأزقاً للجانب الفلسطيني الذي لن يجرؤ على وقف المفاوضات حتى لا يتهم بأنه سبب فشلها . والثاني يتعلق بموضوع الإفراج عن 104 أسرى، وهو أصلاً مرهون بسير المفاوضات، بمعنى أن عدم التزام الحكومة “الإسرائيلية” به إذا انسحب الجانب الفلسطيني من المفاوضات مبرر ومنصوص عليه في اتفاق استئناف المفاوضات . ومن دون ذلك كله، ألا يردد أنصار المفاوضات أنه لا خيار إلا المفاوضات، فلو فعلوها وانسحبوا فماذا يبقى لهم؟! ذلك الهراء المتعلق بالعودة إلى الأمم المتحدة؟! أما السبب السادس في قائمة عريقات، وهو المتعلق بتأكيد الإدارة الأمريكية أنها “تعتبر الاستيطان غير شرعي”، فلا يعني شيئاً، لأن الإدارة الأمريكية دائماً كانت على المستوى اللفظي تعتبره غير شرعي بينما هي في الواقع العملي وعلى مستوى الموقف الفعلي لا تفعل شيئاً إزاءه بل تؤيده وتدافع عنه بكل السبل أقلها التجاهل . وآخر المواقف في هذا المجال ما كشفته صحيفة (يديعوت أحرونوت- 8-9-2013) من أن وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، مارس ضغوطا كبيرة في الآونة الأخيرة على الاتحاد الأوروبي لتخفيف نطاق ودرجة المقاطعة المفروضة على المستوطنات “الإسرائيلية” والمصانع العاملة فيها، بما في ذلك مراكز الأبحاث العلمية وجامعة مستوطنة أرييل . وأضافت الصحيفة “الإسرائيلية” أن كيري اجتمع إلى 28 وزير خارجية أوروبياً على هامش قمة العشرين التي عقدت مؤخراً في سان بطرسبرغ الروسية، وأن وزراء الخارجية للاتحاد الأوروبي قرروا الاستجابة لطلب كيري . وفي أعقاب ذلك أعلنت المفوضة الأوروبية كاترين أشتون أن وفداً أوروبياً سيذهب إلى تل أبيب لبحث هذا الموضوع . إن ذلك لا يسقط السبب السادس في قائمة عريقات، بل وأيضا السبب السابع المتعلق ب”صدور توجهات الاتحاد الأوروبي بشأن الاستيطان والمستوطنات”!

ولا يبقى في قائمة عريقات إلا الثامن والتاسع من الأسباب، الأول، يتعلق ب”دعم الدول العربية”، والثاني يتعلق بدعم دول العالم والأمم المتحدة، لاستئناف المفاوضات ! وكلا الدعمين لم يخدم، حتى الآن، ولن يخدما إلا السياسة “الإسرائيلية” ومخططاتها .

إن أكبر أنصار المفاوضات على الجانب الفلسطيني يعترفون بعقمها، ويرون أنها “دوران في الفراغ”، وكبير المفاوضين نفسه يرى استمرارها أمراً مستحيلاً، وهو ما يجعل تبريراته سقيمة إلى حد يجعل من الأفضل له لو كان سكت .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2165404

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165404 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010