الخميس 12 أيلول (سبتمبر) 2013

“الجامعة” أكثر حماسة للعدوان من الاتحاد الأوروبي

الخميس 12 أيلول (سبتمبر) 2013 par نافذ أبو حسنة

تواصل الإدارة الأميركية حشد الأساطيل في البحر المتوسط، وتجهيز آلتها الحربية في القواعد القريبة من سورية، أي القواعد في قطر والإمارات المتحدة والسعودية والأردن وتركيا، فضلاً عن استنفار قاعدتها الضخمة، أي دولة الاحتلال الصهيوني.

وبموازاة الحشد العسكري، يتحرك الرئيس الأميركي، وأركان إدارته باتجاه الكونغرس الأميركي بمجلسيه (النواب والشيوخ) للحصول على تفويض بش العدوان، وهو التفويض الذي طلبه أوباما، رغم امتلاكه صلاحيات تخوله شن الحرب، الأمر الذي كان له تفسيران: الأول يتحدث عن تردد الرئيس الأميركي في اتخاذ قرار الشروع في الحرب، والثاني يذهب نحو رغبة أوباما في الحصول على تفويض أوسع نطاقاً، ويعطيه صلاحية القيام بعدوان مفتوح، مسلحاً بموافقة الكونغرس.

على كل حال، ينبغي الانتظار لبعض الوقت لمعرفة المسار، الذي سيسلكه الشيوخ والنواب، في الولايات المتحدة، بوجود حالة اعتراض شعبية متنامية، بدأت تعبر عن نفسها في مختلف الولايات الأميركية، وأيضاً بوجود حملة إعلامية، وضغوط هائلة على النواب، من قبل الإدارة واللوبيات اليهودية، حتى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أجرى اتصالات مباشرة مع أعضاء في الكونغرس لحثهم على منح التفويض، الذي طلبه رئيسهم للقيام بالعدوان على سورية.

وفي الأثناء، تتحرك الإدارة الأميركية، نحو الحلفاء من أجل تأمين حشد كبير من المشاركين في العدوان، أو داعميه سياسياً، فقد قام وزير الخارجية الأميركي جون كيري بجولة أوروبية، حصل خلالها على ما يمكن وصفه بالتأييد السياسي لمشروع العدوان الأميركي، فضلاً عن حماسة فرنسا الفائضة أصلاً، لأن تكون شريكاً مباشراً في الحرب العدوانية، ولمزيد من الدقة، فإن فرنسا هي الدولة الوحيدة، التي أعلنت موقفاً واضحاً وصريحاً بمشاركة الولايات المتحدة في الحرب التي تعتزم القيام بها.

وفي باريس المتحمسة للعدوان، التقى كيري وزير الخارجية السعودي، ووزير الخارجية المصري، والوزير القطري، وعدداً آخر من الوزراء العرب، كما التقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وربما يلتقي مزيداً من المسؤولين العرب في أوروبا، أو حتى في بلدانهم خلال الأيام القادمة.

الموقف العربي

لقاءات كيري العربية تأتي من باب تحصيل الحاصل، ليس لأن الكثيرين من هؤلاء مجرد متلقي أوامر من واشنطن فقط، بل لأن الكثيرين منهم أيضاً، أشد حماسة من أوباما نفسه، وربما حتى من نتنياهو لشن العدوان على سورية.

الدلائل على ذلك كثيرة جداً، ففي الوقت الذي يتحدث فيه الأوروبيون صراحة، عن ضرورة إكمال المحققين الدوليين في الاستخدام المزعوم للسلاح الكيماوي عملهم، والذهاب بهذه النتائج إلى مجلس الأمن الدولي، للحصول على قرار منه بشأن التحرك المطلوب، فقد عقد مجلس التعاون الخليجي اجتماعاً خلال وجود كيري في أوروبا، وأصدر بياناً يطالب فيه بتعجيل العدوان على سورية.

وكانت جامعة الدول العربية، قد أصدرت موقفاً مسبقاً بتحميل الحكومة السورية مسؤولية الهجوم الكيماوي، وشكلت غطاء مبكراً للعدوان على بلد عربي، دون سؤال، ودون تحقيقات، ودون تفكير في عواقب الكارثة التي ستنجم عن إطلاق يد الحرب الأميركية على بلد عربي عضو ومؤسس للجامعة.

صدرت بعد ذلك مواقف وتصريحات تحاول التنصل من القرار/ العار، ولكن الجامعة أثبتت مرة أخرى، حقيقة كونها مؤسسة أكثر من عاجزة، بل مرتهنة وتعمل ضد المصالح العربية، في خدمة ما تريده واشنطن، وما تريده واشنطن هو بالضبط ما تطلبه تل أبيب.

حتى كتابة هذه السطور، يتحدث وزير الخارجية الأميركي عن موافقة عشر دول على المشاركة في الحرب على سورية، وعند التدقيق في المواقف المعلنة للدول، نعثر على أربع فقط، هي الولايات المتحدة، فرنسا، تركيا، كندا، وربما دولة خامسة، لم يتم تحديدها بعد بشكل كامل، وإذا أضفنا إلى هؤلاء “إسرائيل” فإن الدول الباقية هي دول عربية، (أعلنت ثلاث منها عن وضع قواعدها العسكرية بتصرف واشنطن).

تتناقل وسائل إعلام متعددة معلومات عن استعداد الدول النفطية الخليجية، لدفع فاتورة العدوان كاملة، وعدم تحميل الاقتصاد الأميركي، تكاليف تدمير بلد عربي آخر، بعد العراق وليبيا، كذلك تتحدث هذه الوسائل، عن تحرك دولتين خليجيتين نحو النواب الأميركيين وعرض رشى عليهم من أجل التصويت لصالح تفويض أوباما بشن الحرب.

بالطبع ليس في كل هذا ما يشكل أدنى مفاجأة، بالعودة إلى الحربين على العراق وليبيا، يمكن العثور على مشهد مماثل، كما أن هذه الدول متورطة فعلاً بالحرب على سورية منذ أكثر من عامين، ولو أنها قامت بالتحرك الذي تفترضه الروابط العربية، خصوصاًَ تلك التي تسهب في الحديث عنها، لأمكن تجنيب سورية الكثير من الويلات، ولجرى إنتاج حل عبر الحوار، ولكن هذه الدول اختارت أن تتورط أكثر فأكثر في الحرب على سورية، وهذه المرة بشكل مباشر، ليس إلى جانب واشنطن وحسب، بل إلى جانب الكيان الصهيوني أيضاً.

الدور “الإسرائيلي”

يغفل الأميركيون تماماً الحديث عن الدور “الإسرائيلي” في العدوان على سورية، ولكنهم في المقابل يركزون على كون حماية “إسرائيل” أحد أهداف العدوان، جرى ذكر “إسرائيل” و“أمن إسرائيل” عشرات المرات على لسان المسؤولين الأميركيين الذين كانوا يدافعون عن قرار العدوان على سورية، أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، تحدث كيري، وهاغل (وزير الحرب) وديمبسي (رئيس الأركان) باللغة ذاتها، بدا أمن كيان الاحتلال شاغلهم الأساسي، وبين “ديمبسي” أنه جرى وضع خطط لحماية إسرائيل".

وبعد أن كاد المسؤولون في دولة الاحتلال يفضحون دور كيانهم في الحرب، أمر نتنياهو وزراءه بالتزام الصمت، حول كل ما يتصل بالعدوان على سورية، ولكن من يتابع وسائل إعلام الاحتلال الصهيوني، ولو بالحدود الدنيا، يستطيع تلمس حماسة الصهاينة للعدوان، وتحريضهم واشنطن على القيام به، معددين ما يصفونه بالمزايا الإستراتيجية، والانعكاسات الإيجابية للحرب الأميركية على كيان الاحتلال، لكن الجمل المستبطنة في كل هذا الضخ الإعلامي، تظهر “إسرائيل” شريكاً كاملاً في الحرب والعدوان، وهذا في الحقيقة أمر متوقع، وهذه هي إحدى الوظائف الأساسية لوجود الكيان الصهيوني أصلاً.

ثمة حديث كثير عن أن دولة الاحتلال ستكون هدفاً للرد السوري على العدوان، هنا يتساءل البعض عن سر حماسة الصهاينة للحرب، وهم الذين سيتلقون مئات وربما آلاف الصواريخ، وفي الإجابة على السؤال، يجب الانتباه إلى أن الصهاينة يرون في التورط الأميركي المباشر في الحرب، تعويضاً عن عجزهم في مواجهة مفتوحة مع سوريا ومحور المقاومة.

بالطبع تغفل غالبية الإعلام العربي، الحديث عن الدور “الإسرائيلي”، وتكتفي بتكرار ما يضخه المسؤولون الأميركيون حول الأهداف المعلنة للعدوان على سورية، ومع أنها ليست المرة الأولى التي يتبنى فيها جزء كبير من الرسمية العربية، المواقف “الإسرائيلية” ذاتها، فإنها حقاً المرة الأولى التي تكون فيها الأمور على هذه الدرجة من الوضوح.

هي أيام فاصلة، ليس فقط بانتظار قيام واشنطن بجولة جديدة من أفعال القتل والعدوان اللذين كانا على الدوام صنو وجودها، أو تراجعها مرغمة، اتقاء للفشل، ولكن أيضاً لتغيير كثير من التوصيفات والمفاهيم التي سادت لعقود طويلة.

المفاوضات العقيمة.. والمستمرة

شدد وزير الخارجية الأميركي جون كيري، على أن المفاوضين الفلسطينيين و“الإسرائيليين”، يظهرون تصميماً على متابعة المفاوضات، وقد جاءت هذه التصريحات في أعقاب وصف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية للمفاوضات بـ“العقيمة”، وتزايد التعليقات المشككة بالجدوى من المفاوضات المستأنفة بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال.

نتنياهو اتهم السلطة بتسريب فحوى المحادثات لوسائل الإعلام، ما اعتبره مسبباً لفشلها، لكن ما يطرحه المفاوضون الصهاينة يبين مواقف لا يمكن للمفاوضين الفلسطينيين القبول بها، ومن ذلك الطلب “الإسرائيلي” بالسيطرة على المعابر مع الأردن، والاحتفاظ بمحطات للإنذار المبكر في الضفة الفلسطينية.

إذا أضيفت هذه الطروحات إلى ما هو معروف مسبقاً، عن رفض العودة إلى حدود العام 1967، والإصرار على المواقف المعروفة بشأن قضايا القدس واللاجئين والمياه وغيرها، فإن التفاوض يصبح عقيماً وعبثياً في الوقت نفسه، وواضح أن حكومة الاحتلال، تواصل مع وجود المفاوضات، ما توصف بعمليات “المطاردة الساخنة” في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية، وخلال هذه العمليات تقوم بالقتل (على غرار ما حدث في مخيم قلنديا) والاعتقال الذي يطاول أعداداً متزايدة من الفلسطينيين.

تصر واشنطن على استمرار المفاوضات، وتضغط باتجاه إبقاء الطرفين داخل مربع التفاوض، بصرف النظر عن النتائج المتحصلة عنها، عادة يكون الاهتمام الأميركي منصباً على وجود “العملية” وليس على تحصيل نتائج منها.

تعرف السلطة مدى “العقم” في هذه المفاوضات، وحجم العبث فيها، وتصر على مواصلتها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2166096

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2166096 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010