السبت 7 أيلول (سبتمبر) 2013

أميركا المأزومة ... وخيارا أوباما الصعبان

السبت 7 أيلول (سبتمبر) 2013 par عبداللطيف مهنا

بعيدًا عن حمى التجييش الإعلامي العدواني الجارف المهيمن على سمع وأبصار العالم، هناك حقيقة لا تحجب شمسها غرابيل طغيان الزيف المأزوم، ويشهد عليها تاريخ العدوانية الأميركية العريق، وهي أن كل حروب واشنطن، وبلا استثناءٍ، قد تذرَّعت لشنها بالأكاذيب وكان التخطيط لها سابقا على اصطناع ذرائعها.
حين يبدأ الانحدار الامبراطوري يعز التعقُّل وتنتفي الروية، ويتداعى الاتزان، ويتسيَّد الارتباك، وحينها قد يغدو المنطق المهيمن ضربًا من الجنون. إنها واحدة مما تحتمه لا من مناص سنن السيرورات التاريخية للامبراطوريات الآخذة في الأفول، وبالتالي هو ما نشهده سائدًا الآن في ملتاث معسكر الحرب الأميركي، هذا الذي بات يشهد ضربًا من انفضاض أغلب حلفائه من حوله بشكلٍ أو بآخرٍ، أو هم خذلوه بقدرٍ ما اختلفت درجاته ... المعسكر المدجج الشاحذ آلة حربه الهائلة، والذي تتصاعد الآن دقات طبول حربه من جديدٍ بعدما لاح لعالمنا، ولأيامٍ قليلةٍ خلت، وكأنما هي إلى انخفاض، وهي دقات لم تجد راقصًا عليها سوى الفرنسي الذي يجهد اشتراكيوه في اقناع ما عداهم يمينًا ويسارًا وغالبيةً شعبيةً رافضةً للحرب بصوابية التعلق بذيل المحارب الأميركي، يضاف له المتيسر دومًا من راقصي امتدادات هذا المعسكر الإقليمية وفي مقدمتهم التركي ... فماذا بعد؟!
فيما يشيعه الأميركان ما يؤشر إلى تزايدٍ في الاحتمالات باقتراب أيام آخر طورٍ من أطوار تصعيد عدوانهم القائم والمستمر أصلًا على سوريا، وأجوائهم التي يلبدها الوعيد تنحو، حتى الآن على الأقل، إلى تأكيد ما ينتووه، وبغض النظر عن سيناريوهاته وحدوده المعلنة أو المبيَّتة وتداعياته اللا متوقعة وغير الممكن التحكُّم فيها أو توقُّع مآلاتها، وسواء أقدموا عليه أو تراجعوا عنه، فالمشهد في كلا الحالين يعلن للعالم من حولهم أن أميركا مأزومة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وأن عليه وقد ابتلي بمعاصرة راهنها المأزوم أن يفسِّر، من الآن فصاعدًا، كافة سياساتها المترعة بغرائب مفارقاتها ودواهي ارتباكاتها ومحموم حماقاتها وعدوانيتها، على هذا الأساس وحده لا غير...
الصمود، والتحدي، السوريان، والتفاف المحور الممانع والمقاوم من حولهما، ووضوح المواقف والاختيارات الاستراتيجية الإيرانية، وثبات الموقف الروسي، مقابل ضروب التهتك التحالفي وجار الارتباكات في معسكر العدوان، تفاقم من المأزومية الأميركية، وتزيد من تعابير سعارها ... ليس أمام الامبراطورية المهتاجة وأوباماها وصهاينتها إلا سبيلان لا ثالث لهما:
إما الذهاب إلى الحرب، التي يسمونها ضربة، حيث الحصيلة، في زمن بداية الانحدار الامبراطوري ومحدودية القدرة، وإن عظمت آلة فتكها وتطورت، ليست سوى إعادة إنتاج خيباتهم العراقية والأفغانية، بل والأسوأ منهما مردودًا. وإما التراجع عن ما هي بصدده، بما يعنيه ذلك من ركونٍ إلى محاولات البحث عن حلولٍ سياسيةٍ يدعو العالم للجوء إليها، من شأنها إنزال أوباماها العالق بأغصان شجرة تهديداته التي اعتلاها، أو بدء الامبراطورية في سلوكٍ أكثر تواضعًا واتساقًا مع واقع حال مرحلة بدء أفولها ... هل هذا ممكن؟!
بعيدًا عن حمى التجييش الإعلامي العدواني الجارف المهيمن على سمع وأبصار العالم، هناك حقيقة لا تحجب شمسها غرابيل طغيان الزيف المأزوم، ويشهد عليها تاريخ العدوانية الأميركية العريق، وهي أن كل حروب واشنطن، وبلا استثناءٍ، قد تذرَّعت لشنها بالأكاذيب وكان التخطيط لها سابقا على اصطناع ذرائعها، وأن الامبراطورية الاستعمارية المأزومة اليوم في حال من يصعب عليها أي من السبيلين المذكورين تمضي فيه. من هنا كان هروب أوباما إلى الكونجرس، بعد أن صاح بالخارج أمسكوني قبل أن أفعلها بتوفير استهدافاتي ولا من مجيب ... الكونجرس، أو لجنة الخارجية فيه، أجازت قرار الحرب، وعلى الكونجرس البت تصويتًا آن انعقاده. هنا يتبادر إلى الذهن السؤال الذي لن تبخل الأيام المقتربة بالإجابة عليه، وهو: ترى هل تملك الامبراطوريات، وفق قانون السيرورة التاريخية المحتومة لها، القدرة على التراجع الحصيف، أو يتوفر لمثلها ترف الانكفاء الهادئ الموازي لضرورات راهنها المنحدر، لا سيما وإدارتها قد بدت في نظر العالم الفاقدة لصوابية الرؤية وفي حال من ينعدم لديه بقية من تعقُّلٍ؟!
إنها حرب عدوانية على سوريا، استعمارية بكل معنى الكلمة، ولا يهم أصحابها أنها تقع خارج كل القوانين والمواثيق والأعراف الدولية، ولا انعدام تأييد الرأي العام لديهم لشنها، كما لا تتفق وأبسط ما تقتضيه أدنى معايير الأخلاق والقيم الإنسانية ... حرب على المحور الممانع المقاوم، واستطرادًا، على مستجد القوى الكونية الصاعدة المعترضة على البلطجة الاستعمارية والتفرُّد الطغياني بقرار العالم ... هذه القوى التي شرَعت إطلالاتها الكونية ذات التصاعد المتزايد في قوة شوكتها في تسريع تآكل هيبة الامبراطورية العدوانية وتراجع حولها وطولها ... حرب، ونعني هنا منها تحديدًا هذا المستجد المنوي من أطوار عدوانهم على سوريا، يمكن لأساطيلهم المحتشدة إشعال شرارتها الأولى لا التحكم في مسار اندلاعاتها اللاحقة ... وأخيرًا، علينا أن لا ننسى أن سوريا بما تعنيه في أمتها كانت وظلت دائمًا في قلب مخططاتهم المعادية لهذه الأمة والمستهدفة لهذه المنطقة، وعليه، فمن الشائن والمعيب، بل والمهين والذي لا يليق بأمتنا، أن نسمع كيري يقول، وهو يحاول إقناع كونجرسه بتبني حرب إدارته، إن “بعض الدول العربية عرضت تمويل الضربة الأميركية على سوريا” ... أميركا مأزومة، وللعرب أيضًا صهاينتهم!!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 56 / 2165300

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2165300 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 24


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010