السبت 7 أيلول (سبتمبر) 2013

لماذا التفاوض إذاً؟

السبت 7 أيلول (سبتمبر) 2013 par محمد عبيد

الإقرار بسلبية أمر ما، وتأكيد أنه “عقيم” ومن دون نتائج أو فوائد، لا يمكن إلا أن يعني أمراً واحداً، مفاده أن من يصدر عنه هذا الاعتراف عازم على عدم الاستمرار فيه، ومقبل على تركه فوراً، كون ضرره أكبر بكثير من أي منفعة تتراءى سراباً في الأفق .

أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه أقرّ قبل أيام بأن مفاوضات التسوية التي استؤنفت برعاية أمريكية، وعقدت في سياقها ست جلسات بين الجانبين الفلسطيني و”الإسرائيلي”، من دون نتائج ولم تحقق أي اختراق، ووصفها بأنها عقيمة، وحمّل الطرف الآخر مسؤولية الفشل بسبب إصراره على مواصلة الاستيطان . وقال “نحن نرى الآن ما كنا نتوقعه بأن الأمل أن تتقدم ضعيف للغاية، بل هو أمل معدوم في هذه اللحظة، انها مفاوضات عقيمة” .

ومع صراحة هذا الكلام ووضوحه، مضافاً إليه تأكيدات كثيرة صدرت من أكثر من مسؤول فلسطيني، وعلى لسان كبير المفاوضين صائب عريقات، وعضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير حنان عشراوي، فإنه لم يسفر عن مجرد التلويح بوقف عبثية الاحتلال وإحباط هدفه المعلن من استئناف التسوية، المتمثل بكسب الوقت والغطاء لعمليات التهويد والضم والتوسع واقتلاع الفلسطينيين .

الحديث الفلسطيني يدور الآن عن لقاء يجمع لجنة المتابعة العربية المكلفة ملف التسوية، مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، غداً الأحد، إلى جانب لقاء يعقده الرئيس الفلسطيني محمود عباس معه في اليوم ذاته، والهدف من اللقاء مطالبة الرجل الملتزم مصلحة “إسرائيل” بالضغط عليها لوقف عبثها وجرائمها .

المشكلة الحقيقية لا تكمن في التفاصيل فقط، فحتى الإطار العام للعملية غارق في المشكلات، والدليل على ذلك أن المفاوضات استؤنفت تحت عنوان عام هو وقف الاستيطان أو تجميده، لكن ذلك لم يكن، بل على العكس كان تكثيف عمليات التوسع، وطرح عطاءات جديدة، وسلب مزيد من الأرض، وتأكيدات أكثر من وزير وسياسي وحتى رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو الاستمرار في ذلك .

لكن الأنكى من ذلك، هذا الإصرار الفلسطيني والعربي على مواصلة المراهنة على الإدارة الأمريكية، وعلى إمكانية أن يتغير موقفها أو أن تتعدّل موازين انحيازها الكامل للكيان المحتل و”أمنه”، وفي هذا تشجيع لواشنطن وقبلها “إسرائيل” على إفشال هذه المفاوضات ضمناً، من خلال استمرار الاحتلال في مخططاته، واستمرار الإدارة الأمريكية في انحيازها المفضوح له .

كان توقيت إعلان استئناف مفاوضات التسوية وحده كفيلاً بكشف عدم جدواها وعقمها، وتوقع أنها لن تسفر عن نتيجة تذكر في مصلحة الجانب الفلسطيني، فالظروف المحيطة لا تخدم إلا مصلحة الكيان المحتل، وانعدام الاستقرار في المنطقة كلها كان عاملاً أساسياً في تنبهه وحليفته الكبرى إلى ضرورة الإقدام على عملية “تحريكية” مفرغة من أي مضمون، تمنحه الشرعية والوقت والغطاء .

أي مفاوضات لن تكون مثمرة في ظل العجز الفلسطيني بالدرجة الأولى عن إنهاء الانقسام، وفي ظل انشغال الدول العربية المؤثرة وعلى رأسها مصر في إعادة إرساء النظام، وستخدم مصلحة العدو فقط .

mohamed.obeid@gmail.com



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 26 / 2165426

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165426 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010