الخميس 5 أيلول (سبتمبر) 2013

مجلة الثبات: العدوان على سورية.. عدوان على فلسطين

الخميس 5 أيلول (سبتمبر) 2013

يسيطر قلق شديد على عدد كبير من القيادات الفلسطينية، جراء التهديدات الأميركية بشن عدوان على سورية، ومن المفارقات اللافتة للانتباه، أن ممثلي الاتجاهات الفلسطينية المختلفة، يتشاركون الإحساس ذاته بأن العدوان على سورية، إن وقع، يمثل خطراً داهماً وجدياً على فلسطين والقضية الفلسطينية.

وإذا كانت المشاعر القومية، والقناعة الراسخة بأن الروابط بين سورية وفلسطين عميقة جداً، ولطالما وصفت فلسطين بأنها جنوب سورية، تلعب دوراً أساسياً، في رفض العدوان واعتباره عدواناً مباشراً على فلسطين، فإن تحليل الوقائع يفضي إلى النتيجة ذاتها.

غزة.. خطوة تالية

ترى قيادات فلسطينية في غزة، أن الخطوة التالية لشن العدوان الأميركي على دمشق، ستكون عدواناً صهيونياً واسع النطاق على قطاع غزة، يهدف إلى تصفية بنية المقاومة القائمة فيه الآن، لقد شكل القطاع على مدى السنوات المنصرمة جزءاً من محور المقاومة، ومنظومة الممانعة، ونظر إليه دوماً من قبل الاحتلال، بوصفه خطراً ماثلاً، وجبهة من جبهات المقاومة في أي صراع مفتوح، وقد تعرض القطاع لاعتداءت صهيونية متلاحقة لضرب بنية المقاومة، وإخراجها من دائرة الصراع، وأقله شل قدرتها على التأثير والفعل.

وعلى الرغم مما شاب اصطفاف المحور المقاوم من إشكالات، فما زال القطاع من ضمن هذا المحور، ويعامل ويتعامل بوصفه كذلك، بهذا المعنى يبدو مفهوماً تماماً أن يسيطر القلق على القيادات الفلسطينية في القطاع.

ووفق مصادر فلسطينية مقربة من قيادات المقاومة، فإن الأخيرة تعتبر بداية أن العدوان على سورية، هو عدوان مباشر على القطاع، وترى أن الاحتلال سيعتبر الفرصة سانحة للقيام بعدوان كبير يستهدف غزة، سواء أكانت جزءاً من المواجهة الشاملة، منذ لحظة بدئها أم لا، ففي كيان الاحتلال يتحدثون دوماً عن “شوكة في الخاصرة، وتهديد ماثل”. وفي ظروف التحريض على القطاع والفلسطينيين في الأشهر الأخيرة، وبصرف النظر عن دوافع البعض وأغراضه من هذا التحريض، يتصور الصهاينة أن توجيه “ضربة ماحقة لبنية المقاومة في قطاع غزة” تتوفر لها بيئة مناسبة.

ورغم تشديد المصادر على أن القطاع ليس لقمة سائغة، وأن قوى المقاومة قادرة على إيلام العدو كثيراً، إلا أن هذا لا يخفف من الإحساس المتزايد بمخاطر شديدة وثيقة الارتباط بالتهديدات الأميركية لسورية.

وأكثر من ذلك، فإن هناك من يشير إلى أن العدوان على سورية، سيفتح الطريق واسعاً أمام مخططات تصفية القضية الفلسطينية، بشكل نهائي، وذلك عبر ضرب أحد أهم مرتكزات الدعم للقضية الفلسطينية وشعب فلسطين.

نقطة التقاء.. ورشوة

عند هذه النقطة المتصلة بمخططات تصفية القضية الفلسطينية، يمكن العثور على إجماع فلسطيني، حتى من قبل أولئك الذين يقومون بالتفاوض، أو الذين لا تربطهم علاقة طيبة بدمشق، ويتحدث مقربون من دوائر السلطة، عن أن الأخيرة كانت تخوض المفاوضات، وهي مدركة لأهمية ودور العامل السوري، وهو عامل مؤثر في حسابات الاحتلال و“الوسيط” الأميركي أيضاً، وأن تغييب هذا العامل، سيعني استفراداً كاملاً للسلطة ومفاوضيها، وتمهيداً لفرض تنازلات قاسية عليها.

ويشير هؤلاء إلى أنه بخلاف الانطباعات الظاهرة، فإن الاحتلال والولايات المتحدة، يتصرفون تجاه الفلسطينيين والعرب على أنهم “كتلة واحدة” ويدركون أن إضعاف سورية، هو إضعاف مباشر لفلسطين، وأن ما يمكن تقديمه للفلسطينيين بوجود دور لدمشق، ينبغي عدم التفكير بتقديمه، حين غياب دمشق عن المعادلة.

ويذكرون أيضاً، بكلمات الأميركيين الشهيرة، بعد ضرب بغداد، لقد قال مسؤول أميركي، مخاطباً العرب جميعاً، “أنتم مهزومون.. والمهزوم لا يمكنه وضع الشروط”، حينها كان كثير من العرب شريكاً في ضرب بغداد، والتمهيد لاحتلالها من قبل الأميركيين، معتقداً أن واشنطن تعد مكافأة له على ذلك، أما النتيجة الحقيقية والفعلية فمعروفة للجميع.

هذا الواقع كان وراء الموقف الفلسطيني الجامع في رفض العدوان الأميركي، (صدرت بيانات بهذا المعنى عن كافة القوى الفلسطينية في الضفة والقطاع والأراضي المحتلة عام 1948) والتحرك الشعبي الرافض له، عبر سلسلة من الأنشطة في أماكن متعددة.

ولكن الحقيقة تقتضي القول: إن المواقف الفعلية من قبل السلطة الفلسطينية لم تكن منسجمة مع الإدراك المعلن لحجم المخاطر التي تتهدد فلسطين، جراء التهديد بالعدوان على سورية، فالموقف الفلسطيني في الجامعة العربية كان دون المستوى المطلوب، أقله الاقتداء بالموقف الرسمي اللبناني، وهو ما لم يحدث، ويتردد أن رشوة سعودية جرى تقديمها عشية التصويت، حيث وجه الملك السعودي بمساعدة بقيمة مئتي مليون دولار للبلديات الفلسطينية، قد فعلت فعلها في تغيير الموقف الذي كان أعلنه وزير خارجية السلطة، رياض المالكي، قبيل توجهه إلى القاهرة، وقال فيه برفض العدوان والتدخل الخارجي في سورية.

جرى تقديم الأموال السعودية عبر صندوق “المدن الإسلامية”، والتوقيت لافت جداً، مضى وقت طويل على الأزمة المالية الطاحنة التي تواجهها السلطة، وقد طلبت هذه مساعدات عاجلة من الدول العربية وغير العربية، لتأتي الاستجابة السعودية على شكل رشوة مكشوفة.

قيمة التصويت الفلسطيني

ربما يعتبر البعض، أن لا كبير قيمة للتصويت الفلسطيني في جامعة الدول العربية، ويقولون: إن فلسطين ليست دولة حتى يتجاهل هؤلاء عن عمد القيمة المعنوية الهائلة، والأثر الذي يحدثه موقف فلسطيني حاسم ضد التدخل الأجنبي، وفي مواجهة العدوان، من قدموا الرشوة الأخيرة، كمن قدم الرشوات السابقة يدركون جيداً القيمة المشار إليها، وربما أكثر من الجهاز الرسمي الفلسطيني المتهالك نفسه.

وخيار فلسطين الحقيقي، يتحدد في ضوء صالح القضية الفلسطينية، والمتمثل هنا برفض العدوان على أي بلد عربي، خصوصاً سورية، الحاضنة للقضية الفلسطينية، والداعمة لمقاومة الشعب الفلسطيني، على مر تاريخ القضية، كما يتمثل بالإصرار على خيار المقاومة، خياراً وحيداً في المواجهة مع الاحتلال، وفي مواجهة العدوان الغربي، والذي باستهدافه سورية، إنما يستهدف فلسطين.

- عبدالرحمن ناصر



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2178485

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2178485 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40