الأربعاء 28 آب (أغسطس) 2013

القدس أولاً وأخيراً

الأربعاء 28 آب (أغسطس) 2013 par محمد عبيد

التطورات المتسارعة في الفترة الأخيرة، وتصاعد حدّة الهجمة الصهيونية على الكل الفلسطيني، وتركُز العدوان الهمجي على مدينة القدس المحتلة، وسكانها الأصليين من الفلسطينيين، يثبت مجدداً أن الهدف الأول والأخير للكيان المحتل يتمثل في إلغاء القدس الفلسطينية بطابعها الإسلامي ومعالمها المسيحية، وشطبها من التاريخ الضارب في القدم، وتحويلها إلى ما يسمى “عاصمة موحدة”، لما يأمل الكيان به ويعمل على تثبيته باسم “الدولة اليهودية” .

كانت القدس منذ البداية وما زالت، مركز الحلم التوسعي الصهيوني، وبؤرة اهتمام مجرمي الحرب الذين واصلوا نهج سابقيهم في خنق المدينة وأهلها، ومحاولة تزوير تاريخها، وتسويق الرواية المكذوبة عنها عالمياً وتأييد وحتى الحكومات التي زعمت أنها معنية بالتسوية وحل الصراع التاريخي، كانت متورطة بالكامل في دعم مخططات تهويد المدينة وتدمير معالمها كذب الدعاية الصهيونية، ولم تدّخر جهداً في ضرب صمود الفلسطينيين المرابطين فيها، من خلال الإرهاب المنظّم، وسياسات الاقتلاع والتهجير وهدم المنازل .

مخططات توسعية بالجملة، أعلنت منذ اليوم الأول لإعلان الطرف الأمريكي الغارق في الانحياز للصهيونية العالمية، استئناف المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني و”الإسرائيلي”، وآلاف الوحدات الاستيطانية التي أقرت مشاريع إنشائها وطرحت العطاءات لزرعها في أراضي القدس المحتلة، باتت أمراً واقعاً في ظل هذه المفاوضات التي لم تجنِ للفلسطينيين سوى إضفاء الشرعية على الكيان المارق، ومئات أوامر الهدم والاقتلاع والطرد صدرت بحق المقدسيين لإنشاء “حدائق تلمودية”، ودعم لا ينتهي لغلاة المستوطنين الموغلين في جرائم تدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية، من جيش الاحتلال وشرطته، ومحاولات متواصلة لتحويل الحرم الإسلامي المقدّس إلى موقع لأداء الطقوس اليهودية تحت حراب الجيش المحتل .

من أجل هذه الغاية يحاول الكيان المحتل ضرب كل ما يتعلق بالقدس المحتلة، وما الجريمة الأخيرة التي ارتكبها في مخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين الذي لا يبعد مرمى حجر عن المدينة، والذي يتحدر الكثير من المقيمين فيه من المدينة المقدسة وقراها المهجّرة، يثبت أن الاحتلال يستهدف ما هو أكثر من المكان، فهو يستهدف الذاكرة، ويستهدف الفلسطينيين الرافضين إسقاط حقهم في العودة، ويستهدف كل ما يثبت فلسطينية القدس، والأرض المحتلة عامة، ومن أجل ذلك لم ولن يتورع عن ارتكاب المزيد من المجازر بحق الكل الفلسطيني .

الاحتلال يتقن استغلال الفرص ويبرع في كسب الوقت، ويوظّف المفاوضات المزعومة في مصلحة مشاريعه، ويؤكد أكثر من مرة وعلى أكثر من لسان أن لا مكان لدولة فلسطينية على الأرض المحتلة، ويثبّت ذلك على الأرض بمزيد من التوسع والضم، ولذلك نراه يزعم الحرص على مسيرة التسوية، ويمارس سياسات إفشالها وإسقاطها .

على السلطة الفلسطينية التي أعلنت عقب جريمة قلنديا إلغاء جولة المفاوضات أن توقف هذه الملهاة التي يستغلها الاحتلال، وعليها أن تتوجه إلى خطوات عملية في مقاومة هذه الهجمة المتصاعدة، من خلال التحرك باتجاه الانضمام إلى مؤسسات العدالة الدولية، ورفع قضايا ضد الاحتلال، بدلاً من امتهان التلويح بهذه الخطوة من دون الإقدام عليها .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 36 / 2165248

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165248 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010