السبت 24 آب (أغسطس) 2013

طرائف أوسلوية!

السبت 24 آب (أغسطس) 2013 par عبداللطيف مهنا

من طرائف هذه التنفيذية التي تضيفها إلى هذا الفائض من المفارقات الأوسلوية، تحذيرها العرمرمي “أنها لن تقبل على الإطلاق أن تصبح المفاوضات ستارًا سياسيًّا لتطبيق أوسع مشروع استيطاني”، وكأنها لم تشهد، وكشاهد زورٍ، ولعقدين أجدبين من التفاوض، أنه لم ينجز هذا المشروع “الاستيطاني” الواسع فحسب، بل قارب على التمام وليس ثمة أكثر من بعض استكمالٍ لحواشيه.
لم تمضِ جلسة من مفاوضاتٍ أولى وتعقبها الثانية بعد، حتى بدأ فلسطينيو التفاوض بالجأر بمرير الشكوى. قالت مصادرهم إن “المفاوضات تراوح مكانها بسبب رفض الجانب الإسرائيلي حضور الوفد الأميركي للجلسات، الأمر الذي أُتفق عليه سابقًا مع وزير الخارجية كيري”! هنا بدا عليهم وكأنهم قد أُخذوا على حين غرةٍ، أو تفاجأوا بما لم تكن لتتفاجأ به حتى جداتنا أو بسيطات عجائزنا الفلسطينيات في زوايا أكواخ مخيماتنا المنسية، بمعنى وكأنهم لم يتوقعوا سلفًا بأن رعاة هذه المحطة التصفوية الجارية للقضية الفلسطينية، الأميركان، قد أنجزوا ما عليهم، وسلموهم باليد لاستفراد الجانب الصهيوني في الجلسة الأولى، وبالتالي أنهوا ما يهمهم في مهمتهم الرعوية، ليراقبوا من ثم وعن كثب سير ما يرعونه، وهم الآن ليسوا في وارد التدخُّل، لكنهم على أهبة الاستعداد له فحسب حين يطلب منهم حليفهم ومدللهم عونًا. حضر مارتن إنديك، مندوبهم، والقائم على المفاوضات، جلستها الأولى، لكنه لم يحضر الثانية استجابةً، كما قيل، للإصرار الصهيوني. كانت هذه، أي هذا الإصرار، واحدة أخرى وكأنما هي لم تكن في حسبانهم ... في كل الحالات، لعلهم غفلوا، أو تغافلوا، منذ البدء، عن مؤشرٍ أساسٍ لا يخطئه فهم الجدات، وهو تلزيم صهيوني عتيد من أمثال إنديك مهمتهم الطافحة بمعهود النزاهة! ولم يكتفوا بهذه، فأعقبوها بطرفةٍ أوسلويةٍ بامتيازٍ، هي شكواهم القائلة بأنه في حالة “عدم تدخُّل الإدارة الأميركية، وفق التعهدات التي قطعها كيري، سوف تنهار المفاوضات قبل أن تبدأ”! مشكلة هؤلاء أنهم مثلهم مثل من سعى إلى حتفه بظلفه، عادوا لما جربوه لعقدين من ولوجهم الكارثي للنفق الأوسلوي فوصلوا وأوصلوا معهم أعدل قضية عرفها التاريخ لهذا الدرك المفجع من التنازلات التفريطية التي وصلت إليه، والأدهى أنهم ما زالوا يوالون ويصرون على السير وفق ذات النهج وهدي ذات المنطق، هذا الذي جرَّدهم من البوصلة النضالية التي فرطوا بها على المذبح التسووي، ليسوقهم كيري من ثم على مثل هذا النحو، أي سوق مقامرٍ متعثرٍ لا ورقة لديه، ولا ورقة توت تستر عورة حاله المتهافتة، إلى حيث يسوسهم إنديك من خارج الجلسات وتتفرَّد بهم ليفني داخلها، وكل اعتمادهم هو على رهانهم الخاسر على رعاية الراعي الذي لم يعرف عنه إيفاءً بعهدٍ أو وعدٍ، وأريحية عدوهم المستفرد بهم. لعل هذه واحدة من البديهيات التي لا يجهلها أحد في الساحة الفلسطينية، إلا أن أصحاب هذا النهج التسووي المدمر قد أوغلوا بعيدًا في المنحدر فوصلوا إلى نقطة اللاعودة، هذه التي فضلًا عن كونها ليست في واردهم هي ليست في قدرتهم.
قبيل الجلسة التفاوضية الثانية سمعنا من الأوسلويين كلاما مشابهًا، جاء هذه المرة من لجنتهم التنفيذية، والمقصود هنا هو اللجنة التنفيذية لما كانت منظمة التحرير الفلسطينية، هذه التي جار عليها الزمن فغدت منظمةً باصمةً للتمرير بعد أن كان من المفترض أنها أداة للتحرير، حيث تُستل من غياهب النسيان والإهمال فحسب حين الحاجة لتوقيعها على تنازلٍ ما، ذلك بعد أن أفقدوها شرعيتها النضالية بالعبث بميثاقها، وعملوا على اهتراء مؤسساتها بتعطيلها والاستفراد بها. من طرائف هذه التنفيذية التي تضيفها إلى هذا الفائض من المفارقات الأوسلوية، تحذيرها العرمرمي “أنها لن تقبل على الإطلاق أن تصبح المفاوضات ستارًا سياسيًّا لتطبيق أوسع مشروع استيطاني”، وكأنها لم تشهد، وكشاهد زورٍ، ولعقدين أجدبين من التفاوض، أنه لم ينجز هذا المشروع “الاستيطاني” الواسع فحسب، بل قارب على التمام وليس ثمة أكثر من بعض استكمالٍ لحواشيه. لكنه يحسب لهذه التنفيذية أنها فطنت أخيرًا إلى أن “حكومة الاحتلال تقرر سلفًا تقويض كل الفرص أمام المفاوضات”! وكذا تأكيدها على رفضها الجازم، وإن بعد أن كان ما كان، “الربط بين إطلاق المجموعة الأخيرة من الأسرى وبين القرارات والخطط الاستيطانية” الجارية! يضاف له إعادتها إلى التداول، ولو إلى حينٍ، تحذير سحبته المفاوضات من التداول، بأن قيام الاحتلال “بأي خطوة عنصرية سيدفع القيادة الفلسطينية إلى المطالبة بتدخُّل المؤسسات الدولية” ... هنا لم تقل لنا أي خطوةٍ عنصريةٍ لم يقدم عليها الصهاينة بعد، أو هل بقي ما يفاجئوننا بها؟! وبعد هذا وكله، وعود على بدء، تعود التنفيذية لتستل من جرابها، لمنع “تقويض الفرص” التصفوية، مراهنتها المستدامة على الأميركي، عندما تحمِّل “الإدارة الأميركية المسؤولية الأولى عن وقف هذه الجرائم الإسرائيلية، ومحاولات إفشال العملية السياسية”... لم تجرؤ على التلويح بالعودة عن العودة للمفاوضات، وحاشاها أن تشكك في نزاهة راعيها الطافحة بالنزاهة!!!
... هَزُلت، وبات من غير المستغرب كل ما كان يعد مستغربًا، وفوق هذا وذاك مستدام هذا العجز الفصائلي المعترض على المسار التصفوي قولا لاعملًا، أو أولئك المستمرئين مقام أوسعتهم سبًّا وفروا بالإبل!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165272

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2165272 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 2


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010