الاثنين 29 تموز (يوليو) 2013

أيام خالدة من تموز

الاثنين 29 تموز (يوليو) 2013 par معن بشور

كان حلم المصريين أن يستعيدوا السويس بعد سنوات من الاغتصاب الاستعماري الذي أثقل مصر بالديون “فاشترى” منها استثمار ذلك الممر البحري البالغ الأهمية في طرق المواصلات العالمية، ثم جاءت ثورة 23 يوليو 1952، ليعلن قائدها جمال عبد الناصر بعد أربع سنوات، وفي يوم ترحيل الملك فاروق من الإسكندرية في 26 يوليو تأميم قناة السويس وعودتها للمصريين، لتبدأ حروب ومعارك ما زالت مستمرّة حتى اليوم للانتقام من مصر وثورتها وقائدها الراحل.
وكان حلم العراقيين بعد ثورة 14 تموز 1959، أيضاً أن يروا نفط العراق يعود للعراقيين بعد عقود من سيطرة الشركات البريطانية والغربية على نفط بلادهم وبيعه، فجاءت ثورة 17 تموز 1968، بقيادة البعث لتعلن تأميم النفط بعد أقل من أربع أعوام في الأول من حزيران 1972، ولتبدأ حروب ومعارك، ما زالت مستمرة حتى اليوم للثأر من شعب العراق وثورته ووحدته وقيادته التي أممت النفط.
وكان حلم السوريين بعد الحرب العالمية الأولى أيضاً وأيضاً أن ينعموا بحكم عربي للمرة الأولى بعد قرون، فجاء المستعمر الفرنسي لاحتلال سوريا عام 1920، فذهب وزير دفاع الحكومة العربية الشهيد البطل يوسف العظمة على رأس 1500 جندي لمواجهة جحافل الجيش الفرنسي الزاحف نحو دمشق، فكانت معركة ميسلون الخالدة في 25 تموز 1920، التي استشهد فيها يوسف العظمة، مؤسساً باستشهاده مقاومة عربية سورية لهذا المستعمر، ما زالت مستمرة حتى الساعة من أجل أن تبقى سوريا القوية المنيعة درعاً لقضايا الأمّة، فاستمر الثأر من روح ميسلون حتى اليوم حيث توسع قوى الشر سوريا قتلاً وتدميراً وخراباً وتحول دون أي حلّ يخرج السوريين من محنتهم.
وفي لبنان شن العدو الصهيوني حرباً عدوانية ضخمة في 12 تموز 2006، كان عنوانها تدمير المقاومة التي حرّرت أرضها من الاحتلال عام 2000، وفشل العدوان لكن الحرب ما زالت مستمرة حصاراً وتشويهاً وتحريضاً، وأخيراً قرار أوروبياً يريد الثأر من قوة شعبية لبنانية وعربية وإسلامية صاعدة باتت في لبنان والمنطقة.
إن هذه الأيام التموزية الخالدة في حياة أمّتنا المعاصرة، والتي تكرّرت على نحو أو آخر في هذا البلد العربي أو ذاك، إنما نؤكّد أن أمّتنا ما زالت تخوض معركة الاستقلال بوجه التبعية والارتهان، معركة الحرية في وجه الاستبداد والطغيان، معركة العدالة بوجه الظلم والاستقلال، معركة الكرامة في وجه الإذلال والامتهان.
إن هذه الأيام التموزية تؤكّد أن إرادة الشعب أقوى من أي مخططات تسعى لمصادرتها أو إسقاطها من الحساب، بل هي بالمرصاد لكل من يحاول الالتفاف عليها أو تزوير وجهتها.
وها هي إرادة شعب مصر تتجلى في الميادين يوم 26 تموز 2013، لتستعيد أمجاد ناصر وانتصاره على العدوان الثلاثي، ولتعيد التذكير بالعداوة الاستعمارية الدائمة لهذه الأمّة، ومن حسن المصادفة أن تتلاقى 26 تموز هذا العام مع ذكرى معركة بدر الخالدة التي تبقى حافزاً لكل مؤمن بانتصار قضيته العادلة.
فمن يخالجه التعب أو اليأس لحظة، فليتذكر أن أمّتنا تقاوم منذ أكثر من قرنين، بل أنها لم تلق السلاح في هذا البلد أو ذاك البلد منذ أن وطأت أقدام الغزاة الأجانب أرضها، فكما واجهت الفرنجة وحروبهم الممتدّة على قرنين ونيف، والتتار والمغول وغزواتهم المتلاحقة، فإنها لا بدّ أن تهزم الموجة الاستعمارية – الصهيونية الجديدة من هذه الهجمات، وإن طال الزمن، خصوصاً إذا عرفت كيف توحد صفوفها دون انقسام، وتدرك طبيعة التمييز بين الرئيسي من التناقضات والثانوي منها، وتبحث عن الخطاب الجامع لا الخطاب المفرق، وأن تعتمد على الفئات الأكثر استعداداً للبذل والعطاء بدلاً من الدوران في حلقة المجموعات المترهلة ذاتها، وأن تمارس النضال بالفعل لا بالاستعراض والشعار والمزايدات، بل أن تنبذ العنف الأهلي والتطرف اللفظي، مفردات وممارسات، لصالح الحوار السلمي والتفاعل الديمقراطي والتكامل بين تيارات الأمّة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 64 / 2181284

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2181284 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40