الأحد 28 تموز (يوليو) 2013

الإخوان ليست مصر وحماس ليست فلسطين:ضرورة العودة للأصول

بقلم: د. محمد أشرف البيومي
الأحد 28 تموز (يوليو) 2013

من المقاييس الهامة بل المحورية للحكم علي تجمع سياسي أو اجتماعي أو شخصيات عامة هي مدي تضحية أي من هذه الجهات بمصالحها الخاصة في سبيل حماية المصالح الوطنية العليا ووضعها فوق كل اعتبار؟ وليس إعطاء الأولوية لتحقيق مصالح الحزب أو الجماعة أو الحركة علي حساب الوطن. لقد وقفنا ضد الإخوان عندما فضلوا مصالح “الدعوة” التي هي في الواقع مصالح ذاتية علي مصلحة الوطن : تهنئة بيريز- دور الوسيط بين حماس والكيان الصهيوني-مشروع إقليم قناة السويس- الموقف الموالي لأمريكا في سوريا-...الخ. كذلك كان موقفنا من شخصيات “يسارية” و“قومية” لقبولها تعيين مبارك لهم في مجلس الشعب أوالشوري، ووصفنا نزول “ناصريين” علي قوائم الإخوان في انتخابات عامة وأخري نقابية بالآنتهازية ثم بإدانتهم للإخوان بعد ذلك بالللاأخلاقية. هل تعني هذه المواقف إدانة لمصر أو لمفاهيم يسارية ومباديء دينية عريقة أو للقومية العربية أو للناصرية؟ إذا كان كذلك فهذا الخلط هو العبث بذاته. إن الحرص علي المباديء والأهداف الوطنية هو الذي يدفعنا لاتخاذ هذه المواقف. يبرر الانتهازيون مواقفهم تارة بأنهم عمليون أوسياسيون أو يعرفون أسرارا لا نعرفها أولغياب البديل أو ضرورة التواجد علي الساحة أو العمل من داخل الأنظمة لتغييرها. أو أننا نتمتع بإغضاب الآخرين كما يقول البعض. كل هذه الادعائات باطلة كما ان الأحداث أثبتت أنها غيرمجدية. إن الأولويات المقلوبة تؤدي حتي في المدي القصير إلي نزع صفة المصداقية لدي جموع كبيرة من المواطنين كما أنها، وهذا هو الأخطر تزعزع الثقة في المفاهيم نفسها. فكيف نثق في ناصري يطالب بضرورة إسقاط النظام السوري في تناغم واضح مع العدو الثلاثي المتمثل في الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية ولا يدين الإرهابيين وجرائمهم، أو كيف نثق في داعية اسلامي لا يلتزم بابسط القواعد الأخلاقية أم بيساري يبرر مواقف غير مبدئية وكأن الآخرين لا يفهمون ولا يعون. أليست هذه الممارسات وراء فقد الثقة بهم وبالأفكار الذين يدعون تبنيها؟

في السابق أيدنا حماس كمقاومة فلسطينية رغم اختلافنا مع معطيات ما يسمي بالإسلام السياسي، أما الآن عندما غاب عنصر المقاومة وبرزت مواقف بعض قيادات حماس اللاوطنية والمتسمة بالانتهازية وعدم المبدئية وضيق الأفق، فنحن لا نتردد بإدانة هذه المواقف. ولكن هل يعني ذلك أن ندين فلسطين بشعبها وما تعنيه كخط متقدم في كفاحنا ضد الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية ؟ إذا فعلنا ذلك فلنقدم التهنئة

لممثلي قوي الأعداء الثلاث بانتصار مدوي. إننا نعتبر تنامي ا لعداء من قبل شرائح واسعة مصرية للفلسطيين تطوراً خطيراً لا يفيد غير أعداء الأمة العربية. لابد إذاً من تحديد أسباب هذا الشعور المتنامي ضد فلسطين برمتها من قبل المصريين. لا شك أن أحد الأسباب الرئيسية هو ممارسات قياديين من حماس في الفترة الأخيرة و الخلط بين حماس وفلسطين رغم أنه من البديهي أن حماس ليست فلسطين. وعندما نتحدث عن حماس أو الإخوان أواليسار أو الناصريين علينا التمييز الصارم بين من يحملون الشعار وبين المنهج الفكري المعلن لأي تيار، وأن نميز مرة أخري بين أغلب القيادات والجموع التي تتبعهم خصوصا إما عن قناعة أو تعصب أوجهل وانسياق، وأن نستثني المقاومين الذين يضحوا بحياتهم من أجل الوطن.
ولكننا نكون غير منصفين وغير موضوعيين عندما نخص حماس وحدها كسبب للشعورالعدائي للفلسطينيين، فهناك أسباب أخري لا تقل أهمية من أهمها التدهور الشديد في فهمنا لما يسمي بالقضية الفلسطينية وإلي إعلام مغرض ظل عبر أربعة عقود يضلل العقول ويشوه ماهية الصراع العربي الصهيوني. لا يخدعنا الحديث المتكرر حول مركزية القضية الفلسطينية ومحوريتها وكونها البوصلة وغيره من التعبيرات التي توحي بالاهتمام البالغ والإخلاص المريع!

فنتسائل متي أصبحنا نتكلم عن “القضية الفلسطينية”؟؟ كنا في السابق نتحدث عن صراع عربي ضد كيان صهيوني عنصري استيطاني مغتصب وحليف استراتيجي للاستعمار(الأمبريالية) هكذا كان يقول عبد الناصر الذي يحتفل غالبية الشعب العربي بالثورة الرائدة التي قادها والتي بدأت بانقلاب عسكري أيده الشعب بقوة. ما الذي حدث؟ جاءت هزيمة 67 العسكرية وبدأت المراجعة والصمود وحرب الاستنزاف ولكن صعد دور الرجعية العربية وظهرت مقولات خبيثة من اهمها شعار“تحييد أمريكا” والمغزي الحقيقي لهذا المفهوم المغرض هو انه بالامكان فصل امريكا الامبريالية عن الصراع ونزع العنصر الامبريالي عنه. من الضروري التأكيد علي أن هذا الفصل يريح دول الرجعية العربية وشخصيات انتهازية ويسمح لهم بادعاء وقوفهم ضد إسرائيل وفي نفس الوقت تستمر صداقتهم لأمريكا المغلوب علي أمرها من قبل اللوبي الصهيوني ( في لغتهم اللوبي اليهودي) التي تتحكم في السياسات الأمريكية ويستدلون في ذلك علي شواهد حقيقية ولكنها في الواقع تعبرعن تطابق كبير بين الإمبريالية وصنيعتها إسرائيل والتي تقوم بدور القاعدة العسكرية المتقدمة لها والعامل الأساسي لاستكمال الهيمنة علي العالم العربي وإضعاف مجتمعاته ودوله وجيوشه. المهم أختزل الأمر وأصبح مجرد“صراع عربي صهيوني”.

وعندما نسترجع مسار الصراع عبر أربعة عقود لا بد من ملاحظة أن التخلي عن مكون أساسي من الصراع يواكبه شعار براق مخادع.
بعد ذلك صعد توصيف جديد فأصبحنا نتحدث هو صراع عربي اسرائيلي هنا نزعت صفة الكيان الصهيوني العنصري الاستيطاني. صعد مع التوصيف الجديد شعار الحقوق الفلسطينية. هنا اصبحت اسرائيل دولة عادية قامت حروب بينها ودول عربية ولا زالت منتهكة للحقوق الفلسطسنية التي لابد من استرداد جزء منها واختفت كلمة صراع وحل محلها “القضية العربية الاسرائيلية”وبذلك اصبحت القضية مثل العداء بين فرنسا والمانيا مثلا وهنا برز شعار كل عداء ينتهي بمفاوضات وصلح ومعاهدات وظهرت شعارات منادية بالسلام آخرها “السلام خيارنا الاستراتيجي” ووقع اتفاق كامب دافيد ومعاهدة “السلام” وأعلن السادات أن “أكتوبر آخر الحروب”. أصبح هذا الشعار مقتصراً علي الدول العربية فقط ولا ينطبق علي إسرائيل التي انطلقت تشن العدوان تلو الآخرعلي العراق ولبنان وسوريا وفلسطين وكان رد الفعل العربي الرسمي: آسفين فلقد قالو لنا أن أكتوبر آخر الحروب.
تطور الامر فنزعت صفة “العربية” فاصبحنا نتحدث عن “القضية الفلسطينية الإسرائيلية” وبرز شعار “نقبل ما تقبله المنظمة ونرفض ما ترفضه” وهنا انجز الاعداء خطوة متقدمة في تمييع الصراع فالشان اصبح فلسطينيا محضا والعرب مناصرين في احسن الاحوال وبعد كامب دافيد وادعاء ساداتي بان المنظمة رفضت استلام الضفة وغزة عبر مفاوضات في مينا هاوس اثار الاعلام المصري حملات تشويه ضد الفلسطينين وقضيتهم. تحت هذا الشعار المغرض أصبح من الممكن التضامن أو نبذ الفلسطينيين فالمسألة أصبحت فلسطينية محضة. لم يتوقف دهاء العداء عند هذا الحد فبصعود تيار الإسلام السياسي وانحسار التيارات القومية واليسارية أصبحت القضية عداء ديني بين المسلمين واليهود وتردد شعار “خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سيعود” وهو شعار يقدم خد\مة كبيره للصهيونية التي طالما سعت إلي وحدة يهود العالم سواء أشكيناز لا علاقة لهم بيهود خيبر أو سيفارديم. وظن رافعي الشعار أننا ضده لكونه دينيا وليس لأنه غبيا أحمقاً. في هذا المجال أصبح مسيحيو فلسطين وكأن لا وجود لهم وكأن الصهاينة لم يشردوهم أو يطردوهم أو ينهبوا أراضيهم وممتلكاتهم مثلهم مثل المسلمين وأصحاب الديانات الأخري.
تتشكلت حكومة حماس في غزة وفتح في الضفة اي كيانين فلسطينيين ولدا تحت عباءة اتفاق أوسلو وتمت انتخابات تحت الاحتلال رغم ما يقوله خالد مشعل بأن “السلطة جاءت إلينا” عندما اعترض البعض علي الجمع بين السلطة والمقاومة. هذا القول ينافي الحقيقة فالاشتراك في انتخابات في إطار أوسلو هو السعي إلي السلطة! وحتي إن ركضت السلطة إلينا فليس من الضروري احتضانها.أما سلطة فتح فنجحت في قمع الشعب وأصبحت كيان تابع لإسرائيل. قام الشعب الفلسطيني بانتفاضات مجيدةوقدم ضحايا كبيرة ونماذج رائعة للصمود والتحدي ولكن قياداته انحرفت في اتجاه المساومات والاتفاقات والتنازلات والتلاعب بمضامين الصراع وأصبح الاهتمام الأول لدي بعض القيادات بالثروة بينما استمر ترديد شعارات الثورة. ضاعت “القضية” بين أوهام الحلول السلمية و التفاوض من أجل التفاوض مع إسرائيل والتفاوض الذي لاينتهي من أجل الوحدة بين فتح وحماس.
في مؤتمر فلسطيني عقد في سوريا في يناير 2008 (حيث كانت المقاومة الفلسطينية في حماية الدولة السورية) حذرنا في بيان وزع علي قيادات حماس جاء في البند الثاني “إن هدف الكيان الصهيوني العنصري هو شرذمة المنطقة العربية الي كيانات اثنية او دينية متصارعة ولهذا نقف ضد تشكيل اي سلطة في ظل الاحتلال سواء في رام الله اوغزة باي شكل بما في ذلك امارات دينية في غزة او غيرها” . أصبحت حكومة غزة “إمارة إسلامية” وتبريرا لذلك برز مفهوم نصرة الإسلام لا بد أن تسبق نصرة الله لفلسطين. تتالت مواقف قيادات حماس التي تستحق الإدانة الشديدة والواضحة من الانضمام لمعسكر الأعداء لسوريا والارتماء في أحضان قطر والمشاركة في صفوف الارهابيين ضد الجيش والشعب السوري مما أعطي معني عدم الوفاء بعدا جديداً بعد أن قدمت سوريا النظام والشعب كل مساعدة واحتضان للمقاومة والشعب الفلسطيني وهذا واجبهم. إن مواقف قيادات من حماس المناصرة للإخوان في مصر وتدخلهم في شئون مصرية بحتة تحمل حماس مسئولية كبري نحو تدهور الموقف الشعبي المصري يشاركهم في هذه المسئولية النظام الساداتي والمباركي بادواتهم الاعلامية والامنية .

والآن يتحمل الوطنيون والقوميون الذين يعارضون حقيقة الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية ويقفون مواقف متناسقة مع ذلك عبئا كبيرا من أجل تصحيح المفاهيم و بعث روح جديدة مبنية علي الفهم العميق والمعرفة المتكاملة. وهكذا يكون الاحتفال بذكري ثورة يوليو.

العملية السلمية: اختزال مبرمج للصراع عبر أربعة عقود

- تعريف الصراع *** العنصر المنتزع *** الشعار المصاحب
[(صراع عربي ضد كيان صهيوني عنصري استيطاني مغتصب وحليف
استراتيجي للاستعمار(الأمبريالية)
)]

- صراع عربي صهيوني *** الإمبريالية والرجعية *** تحييد أمريكا

- قضية عربية - إسرائيلية *** كيان صهيوني استيطاني *** السلام خيارنا الاستراتيجي وأكتوبر آخر الحروب

- قضية فلسطينية - إسرائيلية *** القضية العربية *** نقبل ما تقبله المنظمة ونرفض ما ترفضه

- عداء إسلامي يهودي *** لم يبقي شيئا *** خريطة الطريق والعملية السلميةو الوحدة ( بين فتح وحماس)



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2178077

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2178077 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40