الأحد 27 حزيران (يونيو) 2010

قراءة هادئة لتصريحات المقبول

الأحد 27 حزيران (يونيو) 2010 par د.امديرس القادري

نقلت لنا صحيفة «القدس العربي» تصريحات خصها بها أمين سر المجلس الثوري لحركة «فتح» السيد أمين مقبول وذلك في عددها الصادر يوم الأحد الموافق العشرين من حزيران (يونيو)، صاحب هذه التصريحات تحدث فيها عن الأزمة المالية التي تعاني منها حركة «فتح» والتي تقوم الآن لجنتها المركزية بإحصاء ممتلكاتها وأموالها لتقدم بعد ذلك تقريراً مفصلاً عنها يبين ما هو للحركة وما هو عليها.

المعلومات الواردة في تصريحات أمين سر الحركة تستدعي التدقيق والتعليق الهادىء، ولا ناقة لنا في ذلك سوى تحري حقائق هذه الأزمة تعميماً للفائدة، وهذا إذا سلمنا جدلاً أن السيد الأمين هو بالفعل أميناً وصادقاً في أقواله وحديثه الذي أدلى به إلى الصحيفة.

وحتى لا نظلم ولا نتجنى فلا بد من وضع القارىء في صورة أبرز ما حاول السيد أمين سر الحركة الإشارة إليه وأماطه اللثام عنه وذلك من خلال ذكر النقاط التالية :

أولاً : أسباب الأزمة تعود إلى النقص الحاد في التبرعات والمساعدات المقدمة للحركة، فلا أحد يعطيها فلوس لا إيران ولا غير إيران (وفي ذلك غمز باتجاه حركة حماس)، وعليه فإن الحركة تعيش الآن وتنفق مما تبقى معها من أموال.

ثانياً : الدول العربية أصبحت ترسل أموال الدعم إلى السلطة ومنظمة التحرير وما عادت تعطي «فتح» فلساً واحداً وهذا سبب رئيسي آخر لهذه الأزمة.

ثالثاً : اللجنة المركزية والمجلس المالي يعكفان حالياً على حصر الأموال والممتلكات، ولا يوجد سقف زمني محدد لهذه المهمة ولذلك فالكل ينتظر التقرير الذي سيتضمن كل التفاصيل الخاصة بهذا الإحصاء.

رابعاً : أشارت الصحيفة وبناء على معلومات كشفت عنها مصادر قيادية في الحركة أن الصورة الأولية للتقرير خلقت خلافات كبيرة الأمر الذي استدعى تأخير عرض التقرير.

خامساً : مصادر الصحيفة ذهبت إلى التأكيد على أن ظهور الأزمة على السطح يعود إلى رفض اللجنة المركزية تلبية مطالب مفوضية الانتخابات البلدية والقروية في الحركة والتي طالبت بتسعة ملايين دولار في حين وافقت لها اللجنة المركزية على نصف مليون فقط ! وذلك بحجة الأزمة المالية التي تعاني منها الحركة.

سادساً وأخيراً : أكد أمين سر الحركة على أن التقرير وفي حال ما تم الانتهاء منه فلن يكون معروضاً على طاولة النقاش في الحركة، وهذا يعني أن العنوان المالي هو سر من أسرار الحركة التي لا يجوز أن يطلع عليها الجميع.

وليسمح لنا أمين السر أن نعقب على ما ورد في حديثه بسؤال نستهل به هذا التعقيب، هل نحن أمام حركة مقبلة على إعلان إفلاسها المالي؟ وهل هنالك من علاقة بين الإفلاس المالي والإفلاس السياسي الذي تقوده بعض قيادات هذه الحركة؟ أسئلة بريئة تبحث عن جواب، فتاريخ الشعوب لم يعرف حركة وطنية دخل على صندوقها (إذا افترضنا أن لها صندوق مالي واحد) أموالاً بالحجم والمقدار الذي دخل على حركة «فتح» التي كانت تهيمن هيمنة تامة على منظمة التحرير وكل مؤسساتها، وعلى صحة ذلك يشهد القاصي والداني، فمن هو المعني بالإجابة عن عمليات صرف وتبخر هذه الأموال سوى حركة «فتح» ذاتها؟

أما الادعاء الآن بأن الأموال تذهب إلى السلطة فهذا مردود جملة وتفصيلاً، فالحركة لا تزال تسيطر على هذه السلطة وتشكل عمودها الفقري، ولا يقف في طريق الإستحواذ المالي سوى رئيس الوزراء سلام فياض الذي تطالبون يومياً بإزالته بالرغم من أن المذكورأعلاه ومهما كان مدعوماً من الأمريكان والرباعية الدولية والصهاينة فإنه يبقى تلميذاً صغيراً في مدرسة «فتح» المالية.

إن الأزمة التي تتحدثون عنها اليوم ليست سوى نتاج طبيعي للفساد المالي المتجذر ومنذ سنوات طويلة، وهذا ما يفسر طبيعة الخلافات بين الأقطاب والرؤوس على ما يمكن القول عنه بمهزلة التقرير الذي يتحدث عنه أمين السر والذي لم يفاجئنا قوله بأن هذا التقرير لن يعرض ولن يبحث في صفوف الحركة، وبالتالي ما هي الفائدة منه يا ترى؟! يا سيادة الأمين أنا أطمئنك بأنه لن يكون في الحركة وحتى قيام الساعة تقرير مالي واضح وشفاف وقائم على الأصول المحاسبية فأرجو لك التحلي بالهدوء والإبتعاد عن التشنج الواضح بين خبايا تصريحاتك، لأن الضرر سيعود عليك وحدك، فاستر على ما رأيت، وعلى ما سمعت، وعلى ما يجري من أمامك وخلفك، ألم تسمع بالمثل القائل بأن الذي على رأسه بطحة يحسس عليها!

الحركة أيها الأمين بحاجة إلى هدم وإعادة بناء من رأسها وحتى ساسها، وعندها فقط يمكن أن نرى لها تقريراً مالياً نزيها وواضحاً في الفلس قبل الدينار، لقد تبخرت ملايين وماتت بموت أصحابها، وبالتالي فإن العثور على أصولها هو ضرب من ضروب الخيال والمستحيل، و لن يتم العثور عليها حتى تفتح دفاتر المسؤلين عنها يوم القيامة، فالبحث عنها في الدنيا أشبه بمن يبحث عن مستقبله عند قارئة الفنجان.

كم تمنيت لو أنك تمنعت عن هذه التصريحات، لأن فيها حديثاً يبعث على الغثيان، فالقضية الوطنية والتي كنتم دائماً تصرون على أنكم عمودها الفقري (كل فلسطيني فتحاوي حتى يثبت العكس) ليست بحاجة إلى الأموال، إنها في أمس الحاجة إلى الرجال الذين يعرفون كيف تتساقط تحت أقدامهم الأموال، الحركة يا سيادة الأمين بحاجة إلى برنامج سياسي وطني واضح يرفض التعامل مع الصهيوني الغاصب ويدعو إلى مقاومته بشتى الطرق والسبل، الحركة بحاجة إلى من يعيد لها موقعها بين الجماهير التي احتضنتها في زمن البندقية والكفاح والجهاد والشهادة، الحركة بحاجة إلى أن يقودها المخلصون من أبنائها الذين انخرطوا في صفوفها ليعطوها لا ليسرقوا منها وعندها سوف يكتب تقريرها المالي بالدم وليس باليورو أو الدولار، وإذا ما ولد هذا التقرير فسنضعه تاجاً على رؤوسنا لأنه لن يتضمن أبداً ما نخاف ونخشى الكشف عنه كما هو حالكم اليوم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 71 / 2181952

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2181952 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40