الاثنين 22 تموز (يوليو) 2013

دلالات مصادرة أراضي النقب

الاثنين 22 تموز (يوليو) 2013 par د. فايز رشيد

إنه الترانسفير الأكبر منذ العام 1948 تاريخ إنشاء الدولة الصهيونية التي قامت بتهجير ثلاثة أرباع مليون فلسطيني من وطنهم وأرضهم ومدنهم وقراهم، واستولت على 92% من أراضي منطقة 1948 تطبيقاً لقانون أساس سنّته الكنيست، يجيز للكيان الوليد السيطرة على الأراضي الفلسطينية بهذا الكم الهائل، واعتبارها الحق الطبيعي لامتلاك اليهود لها .

قانون برافر- بيغن الذي عملت على إعداد مشروعه حكومات “إسرائيلية” سابقة عدة بدءاً من : حكومة أرييل شارون 2001-،2006 مروراً بحكومة أولمرت، وصولاً إلى الحكومة الحالية والسابقة برئاسة نتنياهو، تم التصويت عليه بالقراءة الأولى في الكنيست في 24يونيو/ حزيران الماضي وهو يمكّن “إسرائيل” من مصادرة 800 ألف دونم من أراضي النقب، ويُدَمّر 30 قرية عربية، ويطرد أكثر من 40 ألفاً من سكانها .لقد قاوم شعبنا الفلسطيني في منطقة 48 وفي الضفة الغربية وغزة، ولا يزال تمرير هذا المشروع، بالإضرابات العامة، والتظاهرات، والاعتصامات، والاحتجاجات الأخرى . للأسف، كان لافتاً للنظر المنع والقمع الذي واجهت به سلطتا رام الله وغزة، المظاهرات الجماهيرية في المنطقتين، ففي رام الله قامت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية بالتصدي لتظاهرة كانت في طريقها إلى مستوطنة “بيت إيل”، فضلاً عن أن منظمة التحرير الفلسطينية أعلنت براءتها من بيان قيل إنه منسوب إليها، فأنكرت دعوة الشعب الفلسطيني إلى الإضراب العام، واقتصرت ردود فعلها على الإدانة والاستنكار، فيما لم ينظم أي فصيل فلسطيني فعاليات متزامنة مع فعاليات منطقة 48 (وبخاصة في النقب)، باستثناء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .في غزة قام أفراد من الأمن الداخلي التابع لسلطة حماس بحصار المتظاهرين الموجودين في ساحة الجندي المجهول وسط غزة، ومن ثم قاموا بملاحقتهم من بقعة إلى أخرى، بحجة عدم ترخيص التظاهرة المناهضة لقانون برافر، أو إبلاغ الجهات المعنية عن موعدها وأهدافها .

رغم كل ذلك أصر شعبنا في المناطق المحتلة العام 1967 على التظاهر، فقامت مظاهرة نسائية في غزة رفعت شعار “شعبي يقرر، شعبي حر، عمر برافر ما حيمر”، وفي الضفة الغربية جرت احتجاجات في أماكن متعددة . وفي رام الله كذلك .أما في منطقة 48 فنفذ إضراب عام، ومسيرات رفعت شعارات عديدة وبخاصة في النقب، حيث أصر الفلسطينيون هناك على الهتاف بشعار “من النقب طلع القرار . . بدنا نولع الأرض نار” . ليس منتظراً أن يكتفي شعبنا بهذه الاحتجاجات واقتصارها على تحركات محدودة، بل ستستمر طويلاً .

يأتي مشروع هذا القانون بقراءته الأولى في الكنيست ، ومن ثم سيتم تثبيته كقانون أساس يُلزم الحكومة بتنفيذه(أي حكومة كانت)، بعد القراءتين الثانية والثالثة، يأتي في ظل التغوّل الاستيطاني الصهيوني في الضفة الغربية وبخاصة في القدس ومنطقتها سعياً إلى تهويدها، وفي ظل الاعتداءات المستمرة من المستوطنين على أهلنا هناك . وفي ظل اجتماعات تطبيعية قام بها فريق من السلطة الفلسطينية برئاسة ياسر عبد ربه (صاحب مبادرة وثيقة جنيف المشؤومة) مع سياسيين ونشطاء صهيونيين من حزبي “الليكود” و”شاس”، وفي ظل احتمالات عودة المفاوضات بين السلطة و”إسرائيل” بعد جولة كيري الأخيرة (السادسة) في المنطقة .

لقد قام العدو الصهيوني بمشاريع سابقة من أجل تهويد الأرض الفلسطينية في منطقة العام 1948 مثل :مشروع “تهويد الجليل” ومشروع “تهويد القدس” الذي بادر إليه منذ العام 1967بعد النكسة مباشرة ، وبعد القرار الذي اتخذته الكنيست باعتبار القدس الشرقية أرضاً “إسرائيلية” في العام ذاته، والقدس الموحدة “العاصمة الأبدية ل”إسرائيل” . هذه المشاريع التهويدية تتماهى مع الهدف الصهيوني الذي يسعى إلى اعتبار أرض فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر، “أرضاً يهودية” . ويسعى إلى اعتبار “إسرائيل” دولة يهودية، وهذه هي الدلالة الأولى لمصادرة الأراضي في النقب .

الدلالة الثانية: تتمثل في أن ما يدّعيه نتنياهو وبعض أعضاء حكومته مثل تسيبي ليفني من موافقة على إنشاء دولة فلسطينية (حتى بالشروط “الإسرائيلية” لها) هو محض كذب، ففي هذه المرحلة وقبل شهر تقريباً، تم إنشاء لوبي في الكنيست جرت تسميته باللوبي “الإسرائيلي” للدفاع عن أرض “إسرائيل” التاريخية، وكان القصد منه اعتبار فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر، أرضاً “إسرائيلية” يهودية وجزءاً من أرض “إسرائيل” الكبرى . هذا يجري في القرن الزمني الحالي (بموافقة نتنياهو) وحزبه الليكود، وحزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة الفاشي ليبرمان، وحزب “البيت اليهودي” بزعامة نفتالي بينيت . هذه هي “إسرائيل” . أما الفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية، فوفقاً للوبي فإنهم يعيشون في الأرض “الإسرائيلية: يهودا والسامرة” . بالنسبة إلى حقوقهم السياسية فهم يستطيعون ممارستها في انتخابات مجلس النواب الأردني . هذا يتماهى مع أعداد تتزايد حجماً من بين أعضاء الكنيست يحاولون تشريع قانون يعتبر “الأردن الوطن البديل للفلسطينيين” . مرة أخرى نقول: هذه هي حقيقة “إسرائيل” .

الدلالة الثالثة: لا يمكن إقامة أي سلام مع الكيان الصهيوني، فإقامة السلام يتوهمها القائمون على السلطة الفلسطينية وبعض الحالمين العرب الذي يراهنون على إمكان قيام “إسرائيل” بحل عادل عبر ما يسمونه: حل الدولتين .

المطلوب من السلطة الفلسطينية والحكومات العربية، انتهاج استراتيجية جديدة بالنسبة إلى الكيان الصهيوني والا ستكون مثل النعامة التي تدفن رأسها في الرمل وتقول :لا أرى .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2165272

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2165272 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 2


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010