السبت 20 تموز (يوليو) 2013

بريطانيا الديمقراطية جداً

السبت 20 تموز (يوليو) 2013 par أمجد عرار

هناك في بريطانيا من لا يريد لأحد أن يقول الحقيقة، حتى لو على شكل تغريدة سريعة في موقع تواصل اجتماعي . لا داعي لأحد أن يفهم طبيعة “إسرائيل”، لأنه إذا فهم، سيعرف أن حكومته تقتطع من قوت يومه وتدعم به كياناً عنصرياً محتلاً ومجرماً . من يعلّق على “إسرائيل” سيعلّق حزبه عضويته، لأن بريطانيا ما زالت تعلّق آمالاً على هذه القاعدة الاستعمارية .

بالمناسبة . . بريطانيا ديمقراطية جداً وعاشقة للحرية جداً جداً، وأحزابها كذلك، ألا يقول المثل “طينة من مطينة؟” . بريطانيا لديها حكومة يتناوب عليها حزبان، وليس حزباً واحداً مثل الدول “الشمولية” . هناك شركاء صغار لا يقدّمون ولا يؤخّرون في المسار الديمقراطي شيئاً .

بريطانيا لديها حزب الديمقراطيين الأحرار أي أنه يجمع الديمقراطية والحرية معاً . هل تريدون أروع من هذا؟ . الديمقراطية تعني أن تسمح ولا تمنع، هذا الحزب ملتزم بهذا، فهو سمح لنفسه بتعليق عضوية نائب من أعضائه اسمه ديفيد وورد لأنه لم يمنع شيطان التهوّر من دفعه لانتقاد “إسرائيل” . ديفيد وورد “زادها كثيراً” في ترجمة حرية الكلمة إلى تعليق مر عن “إسرائيل” . هو اعتقد أن الديمقراطية الغربية تبدأ بحرية الكلمة، فحتى اسمه “وورد” يعني الكلمة، لكن حزيه للأسف يريد منه الالتزام بالشق الأول من اسمه “ديفيد”، فهو يتقاطع مع الاسم الأول ل “ديفيد بن غوريون” .

هل دفعكم الفضول لمعرفة تغريدة ديفيد وورد على “تويتر” التي استحق بسببها تعليق عضويته في الحزب؟ هو كتب “أخيراً سيخسر الصهاينة المعركة . . إلى متى يمكن لدولة الفصل العنصري في “إسرائيل” أن تبقى؟” . بنظر الحزب هذه ليست تغريدة بل قذيفة، أي كلام يخرج عن دائرة منح “إسرائيل” الحق المطلق في “الدفاع عن نفسها” من إرهاب طفل مقدسي عمره خمس سنوات، وفي تكبيل أسير يحتضر، من يديه ورجليه في سرير شيء يسمّونه مستشفى، أي كلام غير هذا لا يمكن إدراجه في قائمة التغريد .

من يتأمل كلام وورد يجد “العذر” للغاضبين، فالتساؤل عن العمر الافتراضي لكيان عنصري يذكّرهم بعمر “المملكة التي (كانت) لا تغيب عنها الشمس”، وأصبحت اليوم تمر سريعاً تحت أضواء طائرة عابرة . أما كلامه عن حتمية خسارة الصهاينة للمعركة فهو يزعج بلفورهم في قبره، هل يريد وورد أن يذهب وعده وكل الرعاية والدعم البريطاني للكيان، هباء منثوراً؟ .

لا يريد حزب الديمقراطيين الأحرار أن يقرأ أو يسمع ما يذكّره بماض مؤلم . ألا يكفي أن هناك من لا يزال يشاهد “التغريبة الفلسطينية”؟ . إنه ماض يؤشّر إلى أن “الديمقراطية” في بريطانيا عميقة الجذور . آباؤنا وأجدادنا يتذكّرون هذا لكنّهم للأسف لم يتعلّموا شيئاً من تلك “الديمقراطية”، واكتفوا بحفظ الأمثال التركية التي تنكر على الكف ملاطمة المخرز . جنود الاستعمار البريطاني كانوا يعصرون “الديمقراطية” إلى آخر قطرة، يدخلون القرى بكل “حرية” ومن دون أية قيود . كانوا يجمعون الفلاحين في الساحات ويمارسون “حق الاختيار”، وينتقون عدداً من الشباب ويصفّونهم على الجدار ويطلقون عليهم النار . لكنّهم، والحق يقال، كانوا يسمحون لأمهاتهم بالبكاء، ومن يقول غير هذا يكذب .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165288

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165288 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010