الاثنين 15 تموز (يوليو) 2013

اجتماعات تطبيعية تخدم الكيان

الاثنين 15 تموز (يوليو) 2013 par د. فايز رشيد

عُقد اجتماع في رام الله (الأحد 7 يوليو الحالي) بين نشطاء “إسرائيليين” وفلسطينيين، نظمته مبادرة جنيف في المدينة الفلسطينية، أطلق عليه “اجتماع لبحث استئناف المفاوضات بين السلطة و”إسرائيل” . من ناحية ثانية عُقد في الكنيست (الاثنين 8 يوليو الحالي) اجتماع لأعضاء كنيست ووزراء “إسرائيليين” مع فلسطينيين لبحث الموضوع ذاته .

اجتماع رام الله حضره سياسيون من حزبي الليكود وشاس، وأوضحت صحيفة “معاريف” أن المشاركين من الجانب “الإسرائيلي” هم: أعضاء سكرتاريا الليكود ومركزه، إضافة إلى رؤساء الفروع في الحزب، كذلك أعضاء مجالس بلدية، وحاخامات، ومستشارون سياسيون “إسرائيليون” . من الجانب الفلسطيني حضر ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس مبادرة جنيف، إضافة إلى محمد المصري عضو المجلس المركزي الفلسطيني، وأشرف العجرمي وزير الأسرى السابق، ومسؤولون كبار آخرون في السلطة .العجرمي شارك أيضاً في اجتماع الكنيست إضافة إلى الأكاديمي الفلسطيني خليل الشفافي .

بداية، نستغرب أن يتم مثل هذا الاجتماع في ظل استمرار تصاعد الاستيطان الصهيوني وتهويد القدس ومنطقتها، لقد أقرت حكومة الكيان بناء 10 آلاف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، وفي ظل التنكر “الإسرائيلي” للحقوق الوطنية الفلسطينية . ومع مَنْ تم عقد الاجتماع؟ مع نشطاء متطرفين من حزب الليكود الحاكم حزب نتنياهو، ومع نشطاء من الحزب الديني شاس، هؤلاء جميعهم لا يعترفون بالحقوق الفلسطينية . ماذا أراد النشطاء الفلسطينيون من عقد مثل هذا الاجتماع؟ هل أرادوا إقناع “الإسرائيليين” بحقوق شعبنا؟ ثم ألا يدركون الخلفيات الأيديولوجية والمواقف السياسية لهؤلاء الذين لا يعترفون بوجود الشعب الفلسطيني من الأساس؟ للعلم أغلبية أعضاء سكرتاريا ومركز الليكود وكذلك المندوبون من شاس هم من عتاة المتطرفين ممن يسمون “بالصقور” في الكيان الصهيوني، وبالتالي لا يمكن فهم عقد الاجتماعين سوى أنهما اجتماعان تطبيعيان بامتياز!

من زاوية ثانية، فإن أحد الأهداف التي عقد الاجتماعان على أساسه، هو وثيقة جنيف سيئة الصيت والسمعة والتي جرى إقرارها في ديسمبر/كانون الأول عام 2003 بين وفد صهيوني برئاسة يوسي بيلين وآخر فلسطيني برئاسة عبدربه . ماذا عنت هذه الوثيقة في حينه؟ لقد عنت كما تعني الآن: أن حق العودة تنازل عنه الفلسطينيون للكيان الصهيوني . هذا في الوقت الذي لم تنشأ فيه دولة فلسطينية حتى منزوعة السلاح وبسيادة ناقصة! وثيقة جنيف المشؤومة، استفاد منها الكيان الصهيوني كثيراً وهي تتضمن تنازلاً فلسطينياً ليس إلا .

إن تصريحات نتنياهو عن موافقته على إقامة الدولة الفلسطينية العتيدة هي بهدف ومضامين سياسية وإعلامية فارغة واستهلاكية، ولا يعني رئيس الحكومة الصهيونية ما يقوله، ويُدرك تماماً استحالة تحقيق هذه المسألة . ما الذي يُثبت صحة هذا الكلام؟ بالمعنى العملي ووفقاً للمعطيات على الأرض، من الاستحالة إنشاء هذه الدولة بالمعنى الجغرافي نتيجة الاستيطان المتواصل والجدار العازل، واستمرار مصادرة الدولة الصهيونية للأراضي في الضفة الغربية بادعاءات عديدة، أمنية وغيرها . بعد المصادرة تبقى ما نسبته 12% من مساحة فلسطين التاريخية، وهذه أجزاء متناثرة من الأراضي التي تقع عليها المدن والقرى في الضفة الغربية، أي أنها مقطعة الأوصال .

على صعيد آخر فهذه النسبة القليلة من الأرض مرشحة للتناقص المستمر لعدم إيقاف “إسرائيل” استيطانها في الضفة الغربية، التي ما زالت هي وقطاع غزة واقعتين تحت الاحتلال، وليس في الأفق ما يشي بإمكان إزالته على المدى القريب المشهود .

رغم كل هذه الحقائق، يحرص مندوبو السلطة الفلسطينية وهم من ذوي المناصب العليا فيها على عقد اجتماعين مع المتطرفين الصهيونيين . وللعلم، كشف العجرمي في لقائه في الكنيست (في التاريخ نفسه) ووفقاً لإذاعة الجيش الإسرائيلي (الثلاثاء 9 يوليو الحالي) أن مباحثات (قبل عامين) جرت في منزل نتنياهو، وترأسها من الحانب الفلسطيني ياسر عبد ربه! هذه القضية كشفتها أيضاً قبل شهرين مواقع إلكترونية “إسرائيلية” ونقلتها الصحف الصهيونية .يأتي كل ذلك في الوقت الذي تؤكد السلطة الفلسطينية أن ما من مفاوضات تجريها مع الجانب “الإسرائيلي” منذ ثلاث سنوات . بالطبع أجريت لقاءات ومفاوضات مع “إسرائيل” من خلال اجتماعات عديدة جرت في العاصمة الأردنية عمّان، بين مسؤولين “إسرائيليين” وفلسطينيين سُمّيت في حينها “مفاوضات استكشافية” . قبل ذلك أجرت السلطة مفاوضات مع الكيان من خلال ما سُمّي ب (مفاوضات الرسائل) . على من تضحك السلطة؟ إن هذا منتهى الاستهانة بعقول الفلسطينيين .

في أعقاب اجتماع رام الله أكّد عبد ربه “أن السلطة الفلسطينية مستعدة لاتخاذ خطوات غير مسبوقة في عملية التفاوض مع “إسرائيل”، كما أشار إلى أن الجولة الأخيرة لجون كيري أثارت توقعات إيجابية لدى الجانب الفلسطيني” . باختصار شديد ودون فذلكة كلامية فإن “الخطوات غير المسبوقة” تعني بالخط العريض تنازلات عن حقوق وطنية فلسطينية جديدة أخرى . هذا ما قصد أن يؤكده المسؤول الفلسطيني . أما عن الانطباع الإيجابي بعد جولة كيري الأخيرة في المنطقة، الذي فهمه الجانب الفلسطيني، فهو محض وهم ليس إلاّ . هم يريدون في السلطة إقناع أنفسهم بهذا الانطباع رغم خياليته، وعدم انعكاسه على الواقع .لم تحقق جولة كيري الأخيرة أي تقدم . هذا ما صرّح به صائب عريقات مسؤول المفاوضات في السلطة وهذا ما كشفته الحقائق الموضوعية .

يبقى القول إن السلطة الفلسطينية تعيش خواء سياسياً وهي تريد إلهاء نفسها بحركة سياسية حتى لو قدمت فيها تنازلات جديدة . الاجتماعان الأخيران هما محض تطبيع .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 52 / 2178151

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2178151 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40