الخميس 11 تموز (يوليو) 2013

مصر: ثورة في الثورة... وكفى تصعيدا!

الخميس 11 تموز (يوليو) 2013 par د. فايز رشيد

نالوا رضا أوباما ودولته, بعد أن قام مرسي بتشديد الحصار على قطاع غزة، وإغراق الأنفاق بالمياه العادمة، وتنكروا لشعاراتهم السابقة بإزالة “الدولة الإسرائيلية” و“خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود”. خلال سنة واحدة من حكمهم، زادت مديونية مصر وأصبحت ذات أرقام فلكية. زاد الجوع وتصاعد عجز الميزانية، أنهكوا الاقتصاد المصري.

هستيريا حادة! بهذا يمكن وصف حالة الإخوان المسلمين بعد تنحيتهم عن الحكم! ما جرى هو ثورة تجديدية لثورة الـ25 من يناير. ما جرى ليس انقلابا وإنما تصحيح وضع شاذ. الجيش لم يتسلم السلطة، بل أحالها إلى رئيس المحكمة الدستورية وهو مدني. الأخير أصدر إعلانا دستوريا سمّى القضايا بأسمائها وتواريخها. بضعة شهور فقط ومن ثم تعود مصر إلى سابق عهدها, بالتالي فأين هو الانقلاب؟ نعم سقطت دولة الإخوان في مصر إلى غير رجعة، كما يبدو حتى الآن على الأقل. هؤلاء الذين اختطفوا ثورة الـ25 من يناير بعد أن ركبوا موجتها متأخرين، وكانوا قد عادوا من اجتماع مع ممثل مبارك، عمر سليمان للتوصل إلى حل دون التغيير. استغلوا الثورة ليقيموا دولتهم, وليقيموا نظام الاستئثار وإقصاء كل الآخرين, وأخونة المناصب. لم يصدقوا أنفسهم أنهم استولوا على السلطة بمساعدة الصديق الأميركي بعد مباحثات طويلة أفضت معه إلى اتفاق. يفعلون بموجبه كل ما يُرضيه وحليفه الاستراتيجي، الدولة الصهيونية, فأعلنوا تمسكهم الدائم باتفاقيات كامب ديفيد, وأصبح رئيس دولة الكيان: الصديق العزيز للجالس في قصر الاتحادية. الإخوان لم يمتلكوا مشروعا سياسيا للنهوض بمصر، بل أرادوا تفصيل مصر على برنامجهم الخاص من خلال أخونة الدولة, بالتالي انكشفوا أمام الذين انخدعوا بهم, لذا فشلوا فشلا ذريعا في كل شيء, وأصبح الطلاق بينهم وبين الجماهير مسألة موضوعية, طبيعية, ممكنة الحدوث, وهذا ما حصل.
نالوا رضا أوباما ودولته, بعد أن قام مرسي بتشديد الحصار على قطاع غزة، وإغراق الأنفاق بالمياه العادمة، وتنكروا لشعاراتهم السابقة بإزالة “الدولة الإسرائيلية” و“خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود”. خلال سنة واحدة من حكمهم، زادت مديونية مصر وأصبحت ذات أرقام فلكية. زاد الجوع وتصاعد عجز الميزانية، أنهكوا الاقتصاد المصري, وتفشّت البطالة بين المصريين, وتزايد الفقر, لذا ليس غريبًا أن يقول استطلاع للرأي أُجري في مصر مؤخرًا, وقام به المركز المصري لبحوث الرأي العام “بصيرة” لصالح قناة“الحياة مصر” ونشر الثلاثاء في الثاني من يوليو ـ تموز الحالي, لمعرفة آراء المصريين بعد عام من حكم الرئيس المصري والإخوان: بأن 73% من المصريين يرون أن مرسي لم يتخذ أي قرار جيد خلال عامه الأول في الحكم، فيما رأى 63% أن أحوالهم المعيشية ساءت كثيرًا.
يتمسك الإخوان ورئيسهم, الذي اعتقد ومارس أنه رئيس على جزء من المصريين, وليس كلهم “بالشرعية الانتخابية”! ألم يدركوا أن كافة القوى الديمقراطية والوطنية والقومية الناصرية, صوتت إلى جانب مرسي في محاولة لاستبعاد مرشح (الفلول). لمّا فاز مرسي تنكر لكل وعوده السابقة مثلما الإخوان: تنكروا لشهداء ثورة الـ25 من يناير، وأداروا ظهورهم لكل القوى الأخرى، وراحوا “يسلقون” دستورًا على هواهم من أجل تمكينهم في الحكم. حاصر بلطجية الإخوان المحكمة الدستورية, وحاول مرسي تفتيت النظام القضائي المصري والتعدي على صلاحياته، ولم يستطع. حاولوا التسلل إلى الأزهر وعينوا الإخوان في غالبية مناصب المحافظين للمناطق، جاءوا بمسؤولين غير أكفاء (كفاءتهم تتلخص فقط في أنهم إخوان) إخوانيين ليسيطروا على الدولة. القطط السمان في عهد مبارك جرى استبدالها بقطط الإخوان السمان كثيرًا, الذين استولوا على ثروة مصر.
استهزأوا بالزعيم الخالد جمال عبدالناصر، عندما تحدث الرئيس مرسي عن فترة الستينيات بهزءٍ كبير من خلال القول: “الستينيات وما أدراك ما الستينيات”. اتهم العريان عبدالناصر بتهجير اليهود المصريين إلى دولة الكيان الصهيوني وطالب بإعادتهم، رفعوا مسؤولية الحكومة عن ضريح عبدالناصر، وفنّشوا الموظفين المكلفين بالعناية بالضريح. انطلقوا في كل قراراتهم وسياساتهم من الحقد الأسود والتنكر للزعيم الخالد، تقزّمت مصر في عهدهم، وأصبحت مثل أي دولة صغرى بعد أن كانت زعيمة العالم العربي، والمنطقة, وإفريقيا, وكانت ذات تأثير كبير على الصعيد الدولي! لأنهم ذوو أفقٍ ضيّق صغّروا وزن مصر، كان شعارهم بالنسبة للقوى الأخرى تصفويًّا “أقتل واحد....أقتل مية....مش حنسيبها للحرامية”!
اكتشف المصريون حقيقة الإخوان خلال سنة واحدة فقط من حكمهم. سنة من الفشل والأوهام والادعاءات المزيفة، احتكروا الدين الإسلامي الحنيف ووظفوه من أجل إقصاء كل القوى الأخرى التي اعتبروها (عدوَّة) لهم! لقد صعَّد الإخوان المسلمون الوضع وجعلوه أقرب إلى الاقتتال الداخلي والحرب الأهلية. لقد قدم الجيش الأدلة لهجوم جماعة إرهابية على دار الحرس الجمهوري مما أدى إلى وفاة ضابط ومجند وإصابة ستة جنود بإصابات خطرة. ونتيجة الاشتباك قتل 55 وأصيب حوالي 500 إننا نتأسف على كل قطرة دم أريقت في مصر، فهي أولا وأخيرا دماء الشعب المصري.
يتمسك الإخوان زورًا وبهتانًا بالشرعية، كانوا يختالون في التفرد بالقرارات والاستهانة بالآخرين، وعندما قام هؤلاء باعتصامات مليونية ليس في ميدان التحرير فحسب، وإنما في كافة ميادين وساحات المدن المصرية بلا استثناء, مطالبين برحيل الرئيس مرسي، قام الإخوان بحشد مؤيديهم في ساحات أخرى. سلَّحوا أعضاءهم، واتهموا الجماهير بالتزوير تمامًا كما اتهموا الجيش المصري بالقيام بانقلاب, رغم إدراكهم أن هذه المؤسسة العريقة مدرسة في الوطنية المصرية والمحافظة على الجماهير. لقد أصدر القائد العام للقوات المسلحة خريطة مستقبل وبيان تهدئة, رفضهما الإخوان. إنهم ما زالوا يصعدون بغض النظر عن كل التداعيات السلبية على الوطن المصري، وبالتالي على الأمة العربية بأسرها.
إن حركة “تمرد” التي جمعت أكثر من 22 مليون توقيع طالبت برحيل مرسي، وهي المؤلفة من شباب الثورة, سيجري دمجها في مؤسسات الدولة ليكون أعضاؤها شركاء في القرار، وهذا ما يتوجب أن تكون عليه الأحوال. لقد نزل إلى الشارع ما يزيد على 34 مليون مصري ( وفقا للتقديرات) هتفوا من أجل تنحية مرسي.
لقد حاولت آن باترسون السفيرة الأميركية في القاهرة ولا تزال للتأثير على ما يحدث في مصر بتهديد الجيش المصري ونقل السيناريو السوري إلى مصر, من خلال الضغط على الجيش: بإرجاع مرسي ليوم واحد ليتخلى هو طوعيا عن الرئاسة, ومن خلال التأثير على حزب النور السلفي من أجل عرقلة تشكيل الوزارة. لذلك فإن المصريين يطلقون عليها لقب “المندوب السامي” وطالبوا بطردها.
يبقى القول: إننا نتمنى على الإخوان المسلمين أن لا ينتهجوا مزيدا من التصعيد, وأن يدركوا مصلحة مصر باعتبارها الأولوية على مصالحهم التنظيمية الخاصة.... فهل يستجيبوا لنداء العقل؟ وبخاصة أن مصدرا عسكريا مصريا تحدث عن جواز مشاركتهم في الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 50 / 2176540

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2176540 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40