الاثنين 8 تموز (يوليو) 2013

تصفيق

الاثنين 8 تموز (يوليو) 2013 par نافذ أبو حسنة

لمرتين استمعنا إلى صوت تصفيق في قاعة فندق “فينيسيا” التي دعت السفارة الفلسطينية في بيروت، صحافيين إليها للقاء مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أثناء زيارته إلى لبنان.
في المرة الأولى حين اختتم نقيب الصحافيين اللبنانيين “محمد البعلبكي” واحدة من كلماته الحماسية المعتادة، عن فلسطين ولبنان، ووقوف الأخير إلى جانب الأولى.. دوما. تصفيق طبيعي هادئ إكراما للرجل، الذي يقدم نصا معتمدا للمناسبات الفلسطينية التي يدعى إليها. حتى أن الرئيس أرفق التصفيق بالهمهمة المسموعة التي كان يصدرها بين الحين والآخر، منذ دخوله المتأخر إلى القاعة.
في المرة الثانية جاء التصفيق مدويا، رغم أنه صدر عن عدد محدود من الحضور، ثلاثة أشخاص فقط، يبدو أنهم من الموظفين في القسم الإعلامي للسفارة. أما مناسبة التصفيق فغريبة حقا وغير مفهومة، فضلا عن أن الكلام الذي رآه هؤلاء مستحقا للتصفيق، كان من النوع الذي يتطلب الاستنكار، أو ربما الصمت الاستنكاري في أحسن الأحوال.
قدم رئيس السلطة عرضا غير مثير عن مباحثاته في بيروت. كان ما يقوله معروفا سلفا. عن إصراره على تحييد المخيمات، ووضع السلاح داخل المخيمات وخارجها بإمرة الدولة اللبنانية، واعتبار الفلسطينيين ضيوفا لفترة مؤقتة في لبنان. لم يتحدث عن الحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان. وعندما فتح الباب للأسئلة، لم يتطوع أحد لسؤاله عن موضوع لا جواب له. أو أن أجوبته من النوع الذي بات معروفا حد الملل من تكرار الاستماع إليه دون نتيجة عملية تذكر.
أحد الزملاء طرح سؤالا عن المصالحة، وعن استقالة رئيس وزراء السلطة رامي الحمد الله، ثم أعقب سؤاله بطلب إجابة صريحة. خصوصا لجهة تأثير عزل الرئيس المصري محمد مرسي على جهود المصالحة. أيضا لم يكن في الإجابة أي جديد، سوى القول: إذا أردت اعتبار عزل مرسي مساعدا على المصالحة، فلك أن تراه كذلك.
الزميلة مريم البسام مديرة الأخبار في تلفزيون الجديد، أرادت (ربما) إضفاء شيء من السخونة على أجواء اللقاء الرتيبة، فسألت الرئيس عن موقفه من المقاومة. قالت: نعرف موقفك. لم نسمعك تتحدث عن المقاومة، هل يمكن أن نسمع منك كلمة مقاومة مسلحة؟
بدأ الرجل رده بالقول: لم أقلها، ولن أقولها. كلمة مقاومة مسلحة لن أقولها. وفجأة دوى التصفيق في القاعة صادرا عن ثلاثة أشخاص، تصادف جلوسهم خلف الزميلة البسام التي استدارت مدهوشة، لترى هؤلاء الذين أبدوا ردة فعل غير متوقعة. لم يكن في موقف رئيس السلطة أي جديد، وهو كلما تلقى هذا السؤال، أجاب عليه بذات الطريقة، وخصوصا خلال زياراته إلى لبنان. لكن ما يحمل على الدهشة هو التصفيق لهذه المواقف. هل صارت كلمة مقاومة مزعجة إلى هذا الحد؟ وبالتالي صار التعريض بها ورفضها مستجلبا للتصفيق؟ لقد اعتدنا ما هو معاكس لهذا الأمر تماما. تمنيت لو أستطيع سؤال هؤلاء عما دفعهم للتصفيق. افترضت أنهم أرادوا (ربما) دعم الرئيس أمام ما عتبروه إحراجا، أو سؤالا محرجا. وأرجو أن يكون الأمر كذلك حقا وحسب.
متشجعا بهذا التصفيق، أعاد رئيس السلطة ترداد العبارات المعروفة عن “الصواريخ العبثية” مشددا على أنه لا يريد أن يدمر شعبه مقابل إطلاق صاروخ لا يفعل شيئا، وغير ذلك مما هو معروف من خطابه تجاه “المقاومة” مفهوما وسلوكا. وبضمن ذلك تبنيه المقاومة الشعبية السلمية.
ما لبثت إحدى الموظفات في السفارة أن تطوعت لدعم موقف الرئيس، مستشهدة بمقال في صحيفة عبرية، يبدي تخوفا من المقاومة الشعبية. وهنا اختلط الأمر بسبب أماكن الجلوس، واعتقد أن الزميلة التي طرحت السؤال أولا وصلت إلى اقتناع بمرافعته. والتي دعمها بالحديث عن “المواقف التفاوضية الصلبة”. بالنسبة لتبادل الأراضي مثلا: “كل سنتمتر بمثله وقيمته”. لم أفهم شيئا. ولم امتلك حافزا كافيا لطرح السؤال أو الاستفسار عن المقصود بالمثل والقيمة. بالأحرى خشيت إجابة تخدم التشوش لا الوضوح.
بعد قليل جاء دور القدس. قال رئيس السلطة: “لا مفاوضات ولا حلول دون عودة القدس الشرقية كاملة”. لم يصفق أحد. لأسباب عديدة لم يصفق أحد.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165923

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165923 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010