الاثنين 8 تموز (يوليو) 2013

حتى تموز آخر .........

الاثنين 8 تموز (يوليو) 2013 par أيمن اللبدي

غسان تموز جديد !

كيف َ أنتَ يا صديقي اليوم ؟

تموز جديد ولكن يا غسان طعمه هذه المرة أيضاً طعم جديد ومختلف قليلا ...نعم مختلف ، طبعا لا أخفيك فرجالك ما زالوا في الشمس كما تركتهم بل قد ازدادوا عددا وصار لنا أكثر من خزان واحد ، وماجد رحل وخبزه المر ّ فلم يعد هناك من خبز وما عاد المرّ على ذات المرارة يا صديقي ، لقد أخذ سقفا جديدا في انهيار طعمه ، ربما كان عليه أن يقول الخبز الذلّ إذا هذا ما تبقى ، أما محمود يا صديقي فقد قرر أن يقفز عن فرسه الأخيرة هذا الشتاء ، وسميح أصابته صعوبات النفس ولكنه بخير ، حسنا الجميع أصبحوا اليوم راحلين مثلك ربما ليس لذات الاتجاه ،ربما هم راحلون على نحو ما لا نتبين فيه موقع الخطى ولا زمان الوصول ولا زمان العودة من جديد لو أردنا العودة ، طبعا تعلم ما أقصد يا غسان ولا بد أبو علي قد زارك حينما كنا لم نرحل بعد وكانت لنا خطى نحسن قراءتها .

آه يا غسان كم لدي من أخبار وكم أتوق لسردها ولكن أتعلم يبدو أن هذه الأخبار ما زالت في غير موعدها ، اسمع أيها الفارس النبيل ، لا زال أهم ما تريد أن تسأل عنه موجودا هنا ، إنها تئن تحت وطأة كتل الأسمنت الغادرة بيد أن شطآنها ما زالت هناك ، وجبالها ما زالت ترتفع عصية مقاومة ، وزيتونها كلما نقصت منه شجرة بأنياب بلدوزراتهم تصلبت الأرض حول شجرة أخرى وأفسحت للمزيد ، وتستقبل نيسانها مثلما تستقبل تموزها بشغف وانتظار ، نعم يا صديقي ما زالت تنتظر ولم يتغير في انتظارها سوى بعض الطقوس حيث بدأت تنتظر الجميع معاً دفعةً واحدة ، ربما غيّرت رأيها في انتظارهم فرادى حيث أتوا مرة منذ عدة مواسم ولم تكن لحيفا فغضبت مثلك يوما وقالت لا بد من وصول جديد .

ربما يحسن أن نقول أن حروفنا ما زالت حروفنا وهي الثابت الوحيد الذي لم تفلح فيه المتغيرات ، عبثا لم يستطيعوا انتزاعها بعد فهي ما زالت ملكنا ولا غائب فيها إلا بعض من فرسانها مثلك يا غسان ، حسنا أعتذر ليس غيابا بل توقفا مؤقتا عند بيدر كبير لا زلنا نحصد فيه ونعيد له ربحه الوفير ، يمكنك أن تعتمد علينا في ذلك ، ويا إلهي بقي أيضا لدينا ما استعصى على أن يسلبوه ونحسن فيه ما نحسن في حروفنا ، نعم إنها خزان الذاكرة الذي ما خرقته صواريخهم ولا أقنعتهم ونحسن فيه الدق عليه كثيراً يا غسان ، لا تخف على هذا الخزان فلقد تركته حياً نابضاً بطعم العنفوان ، وهذه هي عجيبتنا الوحيدة التي بطعم لا يتغير ولا يتأثر بما يمر من ساعات .

ربما خيولنا التي غادرت كانت أسرع في مغادرتنا قبل الأوان بيد أنها كانت أيضا أسرع في تعليمنا كيف تكون الثقة والصلابة في الاتجاه وفي الخطى ، صديقك فارس فارس استقبل أبا حسرة الأيوبي فترة من الوقت بيد أنه أمعن في وصف ما مرّض بالحارة هذه الأيام حتى أضجره فما عادا يطيقان المزيد ، لا أعلم لماذا يا صديقي ربما لأنهما يراقبان خيولا لا تحسن في لغة الخيل كثيرا سوى أول الصهيل ! حسنا ربما هناك أسبابهما فما عاد هناك ما يوصف بأنه مفارقة بعد أن تطبّع المستحيل وغدا روتينيا في آخر الأمر ، لكن لا يهم يا صديقي فلا زال هناك ما يمكن الحديث عنه من جديد طالما أن الصهيل مثل الحروف لن يستطيعوا مصادرتها أو تغييبها .

تموز هذا غريب يا غسان ، فهناك من لا يعلم أن تموز أتى وربما يقفز عن تموز إذا أتى ، بيد أنا يا صديقي نحسن انتظار تموز وأيار معا ، لا نبكي فيهما وإن كتبنا كثيرا عن بكائياتنا في القتيلات والذبيحات ووسعنا أن نحزن كبرتقالك ، ولكنا أيضا ننتظرهما لنؤكد لهما حينما يمران معا أنا لا زلنا هنا وأنا لا زلنا نحن وليس شيئا آخر ، نحبهما قدر ما نخشاهما يا غسان ، ولكننا نحبك أكثر منهما معا ، نحبك يا صديقي وهذا أيضا لم يحسنوا في قنصه ، بعضهم سمع أن حبك تحريض وإرهاب ، آه..أعلم أنك تضحك الآن ، ونحن نضحك معك فليكن تحريضا وليكن إرهابا وسنحسن هذا الحب مثلما سنحسن هذا الإرهاب.

بقيت لنا أن نقول قبل وداعك في انتظار تموز جديد لك أن أول من يرفض فينا ولا زال على رفضه هم أخوات وأخوة لميس ، حسنا في الحقيقة هم يولدون هكذا ، بعضهم بدَّل صرخاته عند ولادته إلى “لا” ، طبعا لن يستطيعوا أن يفهموا ذلك وليس ممكنا أن يتهمونا بحشو حروفك في الأرحام يقرؤونها قبل الوصول ، تعلم هم يدقون خزان الرحم حتى قبل وصولهم يا غسان ، هذا يجعلني سعيدا ويجعلك قبلي سعيدا ، إنهم يحبونك يا غسان ونحن نحبك ، حسنا يمكنك بعد هذا أن تطمئن كثيرا وأن تودعنا سعيدا حتى تموز آخر .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 47 / 2166038

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع مستشار التحرير   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2166038 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010