الأحد 23 حزيران (يونيو) 2013

أيُّها الحاكِم: “مش فارقة معي” و“مش رايِح”

بقلم:أحمد الدبش
الأحد 23 حزيران (يونيو) 2013

أحمد الدَبَشْ أَطلَقَت عِدَّة مجموعات شبابيَّة حملة إعلاميَّة واسِعة جديدة، مُناهِضة للاستدعاءات السياسيَّة، والاعتقالات اليوميَّة، التي تُمارِسها أجهزة جمهوريَّة المُقاطَعَة؛ اصطلح القائمونَ عليها تسمِيتها “مش فارقة معي”، لمواجهة تَصاعُد حملات الاعتقال، والاستدعاء السياسي، في الضفَّةِ الغربيَّةِ المحتلَّة؛ داعِيةً شباب الضفَّة، وطلبة الجامعات لعدم الاستجابة لاستدعاءاتِ الأجهزةِ الأمنيَّةِ، ورافِضةً بكلِ قوَّة لما تُشكِّلهُ هذه الاعتقالات، والاستدعاءات، من انتهاكٍ صارِخ للحريّات، وتهديد حقيقي لكلِّ جهودِ المصالحة؛ وتأتي أيضًا كحملةٍ ثانيةٍ، بعد الحملةِ الأولى التي أطلقها الشباب قبل نحو عاميْن، تحت عنوان “مش رايح”.

وبحسب الإحصائيَّة التي أعلنتها لجنة أهالي المعتقَلين السياسيّين في الضفَّة، فقد نفَّذت أجهزة أمن السُلطة 55 حالة اعتقال، وأكثر من 63 استدعاء سياسي، منذ بداية شهر حزيران/يونيو الحالي.

وبيَّنت اللجنة أنّ معدَّل حالات الاعتقال، والاستدعاء السياسي آخِذ في التَصاعد، منذ لقاء المصالحة الأخير، في العاصمة المصريَّة القاهرة؛ حيث أظهرت الإحصائيَّة أنّ تركيزَ أجهزة السُلطة في حملاتِها، كان على الأسرى المحرَّرين، وطلبة الجامعات، وذوي الشهداء والأسرى؛ حيث بيَّنت اللَّجنة، أنّ 33 أسيراً محرَّراً تعرَّضوا للاعتقالِ، بالإضافة إلى 5 من ذوي الشهداء، فيما وثَّقت اللَّجنة 17 حالة اعتقال سياسي لطلبة في جامعاتِ النجاح، وبير زيت، والخليل، والقدس المفتوحة، وخضوري، منذ مطلعِ حزيران/ يونيو.

إن هذه الاعتقالات جزء من التنسيقِ الأمني الواضِح، بين العدو الصهيوني وجمهوريَّة المقاطَعَة، على مدارِ سنواتِ الانقسام، وخاصةً بعد أحداث عام 2007، تحت ذرائع “إطالة اللسان، وتفريق شمل الأمَّة”؛ ما يُميِّز هذه التهمة؛ أنها أمنيَّة قمعيَّة؛ ابتكرتها الأجهزة الأمنيَّة المتعاوِنة مع العدو؛وغلَّفتها بقراراتٍ صادرة عن المحاكِم الشكليَّة؛ وهي التجرُّؤ على نقد السُلطة؛ أو المُطالبة بحلَّها؛ أو المُطالبة بإلغاءِ الاتفاقِ الأمني مع العدو؛ أو توجيه نقد لرئيسِ السُلطة، أو أحد أبنائه... إلخ.

وتُعتَبَر الاعتقالات السياسيَّة في الضفَّة الغربيَّة، نهجًا تسير عليهِ جمهوريَّة المقاطعة، لضمانِ وجودِها المرهون بالتنسيقِ الأمني مع العدو، وتسيير مَصالِحهُ؛ حتى إذا أدّى ذلك إلى سقوطِ ضحايا، كما حدثَ مع المُسِن سعدي السخل، الذي فقد حياته مؤخَّرًا، على يدِ جهازِ المخابرات.

وعلى وَقعِ مأساة وفاة المُسِن السخل، أتذكَّر ما قالهُ دايتون عندما مَدَحَ الأجهزة الأمنيَّة الفلسطينيَّة. ففي اجتماع مع مسئولين فلسطينيّين، بتاريخ 24 يونيو/ حزيران 2009، امتدحَ دايتون - المشرف على الأجهزة الأمنيَّة الفلسطينيَّة في الضفَّةِ الغربيَّةِ - “جماعة المخابرات”، ووصفهم بأنهم “جَيِّدون، الإسرائيليّون يحبّونهم، ويقولون إنهم يَعطونَ بنفسِ القدر الذي يأخذونهُ منهم”؛ وأضاف: “ولكنهم يُسبِّبونَ بعض المشاكل للمانحين الدوليّين؛ لأنهم يُعذِّبونَ الناس”.

وفي ظلِّ هذا الأجواء، صرَّحَ “محمود عباس”، خلال كلمته أمام المنتدى الاقتصادي العالمي (26/5/2013)، والتي قال فيها :“وضعنا خلال العام الماضي يدنا على 96 جندي إسرائيلي، تائهين في القرى، والمدن الفلسطينيَّة، ومعهم سلاحهم، وخلال 10 دقائق، تمَّت إعادتهم إلى أهلِهِم مُعزَّزينَ مُكرَّمينَ”؛ مضيفًا: “إن خطف الجنود ليس من ثقافتِنا، ولا يُمكن أن نَقدِم على مثل هذا العمل، ونحنُ لا نستعمل هذه الأساليب؛ لا يمكن أن نَختطِف أحد؛ هذه الأساليب ننبُذها بالكامل؛ نريد أن نعيش مع جيران نحترمهُم، ويحترموننا” .

إن غرابة هذه التصريحات، تفوق حالة العُهر السياسي، الذي يُمارَس في جمهوريَّة المقاطَعَة؛ فمن لا يعرف عباس، فهو صاحب التاريخ الحافِل بالاتصالاتِ السِرِّية مع العدو الصهيوني؛ هذا التاريخ الذي بدأ منذ سبعينيّات القرن العشرين؛ وأُكمِلَ في أروِقَة أوسلو؛ عندما فَتَحَ المزاد؛ وبَدأ في بيع البلاد؛ فكلّنا يعرف أُطروحات المدعو “عباس”؛ وكيف، ومتى، وأين يُقدِّمها؟ هذه الأطروحات التي تربَّى عليها ذلك العبَّاس؛ فلم يكن مُفاجِئاً لنا ما أَقدم عليه؛ لقد قرَّر هذا العباس الارتباط بالأعداء؛ واعتبارهم المَثل الأعلى لهُ. وكتعبيرِ عن هذا الارتباط، أصبح يُنفِّذ مشروعاً صهيونياً بجدارة.

ما لم يَقُلهُ عباس؛ أنه أصبح ينفذ مشروعاً صهيونياً بجدارة ؟! ألم يتباهي عباس؛ أن سلطتهُ تحت بسطار (حذاء) الجيش الصهيوني؟!

لسان حال الناشطين الفلسطينيّين، يا من نَصَّبت نفسك حاكماً؛ ألا يحق لنا أن نتساوى في المعاملةِ مع الجنودِ الصهايِنةِ المدجَّجينَ بالسلاحِ؛ لنستفيد من امتيازتِكَ لهم، لا سيما الترحيب، وإعادتنا إلى أُسَرِنا، والسماح لنا بالعيشِ بكرامةِ؟!

ولا أجد أبلغ من كلماتِ إسلام أبو عون، توصيفاً لحالةِ رفضِ الاعتقالِ السياسي، حين قال:

"ضد الاعتقال السياسي والاستدعاء ليس جزعاً أو خوفاً لا سمح الله؛

ولكن لأن دموع أمي التي تنهمر منذُ عشرينَ عاماً على اعتقال والدي غالية جداً؛

لأن دموع أمي ذُرِفَت عليْ أثناء غيابي لعشرِ شهور لدى الاحتلال، وشهريْن لدى السُلطة؛

لأن أهلي بحاجة إلى من يُعيلهم، ويقف معهم، في ظلِّ غياب الوالد؛

لأن الاعتقال السياسي وصمة عار على جبينِ القضيَّة الفلسطينيَّة؛

لأن الذي يعتقلني هو شقيقي الذي يَتكلَّف أمامي الكلمات في الشارع؛

لأن رأس السُلطة يُكرِّر في كلِّ مناسبة، أنهُ لا يَعتقِل سياسياً؛

لأن الاعتقال مُخالِف للقانونِ الفلسطيني، وأنا رَبّاني والدي على احترامِهِ؛

لأني رفضت واستنكرت اعتقال أشخاص من فتح في غزة، وأرفضهُ كذلك في الضفَّة؛

لأني أُقدِّس حريَّة الرأي، ولا أقبل أن يسألني أحد ماذا كَتَبت، وما رأيك، وماذا كنت تقصد؛

لأني اعتُقِلت، وقُدِّمت للمحكمةِ بتهمةٍ فارِغةِ المضمون، اسمها إثارة النعرات؛

لأن الاعتقال يزيد غِلّ القلوب، وأنا مبرمج قلبي على بُغض المحتل، وهو عدوي الوحيد؛

لأني مع الوِحدة؛ فلا أقبل أن أُرسِّخ بسلوكي، وما يُمارَس ضدّي الانقسام؛

(لأنني إنسان)".

وفي الختامِ؛ أُخبِرُكَ أيُّها الحاكِم؛ رداً على الاستدعاءِ، والاعتقالِ؛ بأنَّني: “مش فارقة معي”، و“مش رايِح”.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2166050

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع مواجهة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

2166050 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 30


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010