الأحد 23 حزيران (يونيو) 2013

«إسرائيل» أولى بقطع العلاقات معها

الأحد 23 حزيران (يونيو) 2013 par د. فايز رشيد

خطوة مفاجئة تلك التي اتخذها الرئيس المصري محمد مرسي بقطع علاقات مصر نهائيا مع سوريا. قرار مرسي جاء بعد تصريحات كثيرة وردت على ألسنة العديد من المسؤولين المصريين بأن مصر باتت تؤيد تسوية سياسية للصراع في سوريا. كان ذلك بُعيدْ الاتفاق الأميركي ـ الروسي, على عقد مؤتمر جنيف2 بشأن سوريا. للأسف فإن خطوة الرئيس المصري غير موفقة, لأنها تزيد النار اشتعالا في هذا البلد العربي, الذي يمتد فيه الصراع للعام الثالث على التوالي. الخطوة خاطئة أيضا لإنها تجيئ من الشقيقة الكبرى للدول العربية، والتي من المفترض أن تساهم في حل الأزمات في البلدان العربية. أيضا فإن مبدأ قطع العلاقات الدبلوماسية يعزز الصراع الذي أُريد له أن يتخذ منحىً طائفيا، رغم أنه صراع بين نهجين، وطني عروبي ممانع ومقاوم, ونهج يريد تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية متحاربة, تصب أولا وأخيرا في مجرى تفتيت الأقطار العربية التي تخطط له إسرائيل وحماتها, من أجل أن لا تقوم قائمة للعرب.
لقد خططت الدول الاستعمارية في بداية القرن الزمني الماضي لمنع وحدة شطري الوطن العربي في آسيا وإفريقيا, بزرع دولة عدوة لسكان المنطقة وصديقة للاستعمار. جاءت بعد ذلك اتفاقية سايكس بيكو التقسيمية التآمرية, ثم كان وعد بلفور وتم إنشاء الدولة الإسرائيلية. بعد عقود عديدة على تلك الأحداث يُراد تفتيت الدولة العربية الواحدة, وتسميم وتخريب وحدة النسيج الاجتماعي العربي في البلدان العربية. هذا ما أدى إليه غزو العراق، وهذا ما يخطط لسوريا حاليا, والإرهاصات للصراع الطائفي المذهبي والإثني تجد صدىَ لها في أكثر من دولة عربية. اليوم في سوريا وغدا في دولة ثانية وبعد غدٍ في ثالثة، وهكذا دواليك.
بالطبع المستفيد الأول والأخير من هذه الصراعات الدائرة هي إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاؤهما، فالصراع المفترض أنه أساسي هو الصراع العربي ـ الصهيوني, الذي تحول إلى صراعات داخلية في الأقطار العربية، وصراعات أخرى بينية تتجلى في الصراعات التي قد تنشأ بين الدول العربية, أيضا على أساس طائفي مذهبي, على أرضية سنّي وشيعي, وكل ذلك على حساب الصراع التناقضي الأول مع المشروع الإسرائيلي.
الخطوة المصرية خاطئة بكل المعاني والمقاييس, وكان من الأولى قطع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل, وكذلك إلغاء اتفاقية كمب ديفيد, التي أخرجت الدولة العربية الأكبر من الصراع العربي ـ الصهيوني. إسرائيل هي التي خططت لإيذاء مصر واقتصاده وتخريب وحدة نسيج شعبها وتماسكه وليس سوريا. إسرائيل هي التي دفنت الأسرى المصريين أحياءً في سيناء في حرب عام 1967، وهي التي صدرت إلى مصر آفة القطن لتخريب وإتلاف هذا المنتوج الأساسي المصري, وهي التي غزت الأسواق المصرية بالمخدرات, وزرعت الجواسيس في القاهرة، وهددت بتدمير السد العالي وغير ذلك من المجازر مثل مجزرة بحر البقر والموبقات الأخرى. سوريا والجيش العربي السوري كانا حليفين لمصر وجيشها في حرب أوكتوبر عام 1973, التي أراد السادات من خلالها تحريك الجمود السياسي بين إسرائيل ومصر, وليس تحرير الأرض المصرية والأراضي العربية الأخرى المحتلة. من اقترف الفظائع ضد مصر هي إسرائيل وليست سوريا، بالتالي لا يمكن لرئيس هذا الكيان أن يكون صديقا عزيزا, لا لمصر ولا للعرب أجمعين, بل هو عدو محتل لأرض عربية، ولا يعترف بأي من الحقوق الوطنية سواء للفلسطينيين او للسوريين في هضبة الجولان العربية السورية او اللبنانيين في مزارع شبعا. الأولى بقطع العلاقات أن يكون مع إسرائيل وليس مع سوريا.
على صعيد آخر، وفي نفس السياق أشرف حزب الحرية والعدالة الحاكم في مصر, على مؤتمر عقده السلفيون في القاهرة، واطلقوا على أنفسهم اسم “المجلس التنسيقي الإسلامي العام” وقد أصدر المجلس في ختام أعماله بيانا دعا فيه إلى الجهاد في سوريا، باعتبار ما يجري فيها “حربا على الإسلام والمسلمين” بمعنى آخر هي“شيعية على السنّة”.
ليسمح لنا هؤلاء، بالقول أيضا بأن الجهاد في فلسطين وضد المحتل الغاشم لأرضنا الفلسطينية والأخرى العربية هو الأولى، العدو يرفض الانسحاب من الأراضي المحتلة،بل اتخذ قرارات بضم القدس والجولان إلى إسرائيل , ويعتبر الضفة الغربية “يهودا والسامرة”، هذا العدو مثلما قلنا، أولى بالجهاد ضده من العدوان على سوريا. إسرائيل قامت وما تزال تقوم بتهويد المسجد الأقصى( أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين) وتريد هدمه, وبناء هيكل سليمان في محله، حفرت الأنفاق من تحته, في محاولة غير مباشرة لهدمه. إسرائيل تعبث بمقابر المسلمين ومنها مقبرة “مأمن الله” وتدنس أضرحة الأولياء والصالحين, ويقوم المتطرفون الإسرائيليون, وعلى سمع ومرأى جنود الاحتلال وتحت حراستهم، باقتحام باحات المسجد الأقصى بين الفينة والأخرى. إسرائيل ماضية في استيطانها ومصادرة الأراضي الفلسطينينة, وهي ماضية في مجازرها واعتقالاتها واغتيالاتها للفلسطينيين وللعرب أيضا، فهي قامت وما تزال تقوم باعتداءات على الدول العربية، وآخرها مهاجمة أهداف عسكرية في سوريا. إسرائيل هي عدو الدين والقومية والوطنية العربية, وهي عدو للحرية والعدالة، وهي العدو الأساسي للمسلمين في كافة أنحاء المعمورة، وهي العدوة للعرب، فالعربي الجيد بالنسبة للحاخامات هو“العربي الميت” والعرب“ليسوا أكثر من صراصير” ويجوز “قتلهم حتى أطفالهم ونساءهم وشيوخهم”! إسرائيل هي التي تمارس العنهجية والبلطجة والعنصرية والاستعلاء. ديننا الإسلامي الحنيف دعا إلى قتال( قتال إسرائيل) بكل ما يستطيعه المسلمون من قوة ومن رباط الخيل، بالتالي يصح طرح السؤال اليست إسرائيل هي الأولى بالجهاد ضدها من سوريا؟ سؤال نطرحه برسم كل الذين دعوا إلى الجهاد في سوريا؟.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 68 / 2165940

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165940 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010