السبت 15 حزيران (يونيو) 2013

الغرب والعرب والصناعات العسكرية الصهيونية

السبت 15 حزيران (يونيو) 2013 par عبداللطيف مهنا

افتعل الغرب« إسرائيله» زارعًا الكيان الصهيوني في القلب من دنيا العرب، فكانت نكبتهم في فلسطين المستمرة إلى أن يأتي يوم تحريرها. هذه واحدة من مسلمات الصراع الدائر في بلادنا منذ ما ناف على القرن، والذي على مسألة حسمه يتوقف مستقبل أجيالهم بل مصيرهم برمته. ومنذ البدء، وباعتبار هذا الكيان في نظر مُختلِقيه يشكِّل قاعدةً وثكنةً متقدمةً لهم ووكيلًا مؤتمنًا له دوره ووظيفته في خدمة استراتيجياتهم الاستعمارية في المنطقة، مدوه بكل أسباب الحياة، من الرغيف حتى الصاروخ، وكان هم تثبيته فيها على رأس أولوياتهم، وحيث هم الأدرى بكونه كيانًا هشًّا وجسمًا غريبًا ملفوظًا في منطقةٍ لا تتقبله وستظل ترفضه وتقاومه، أتاحوا له كل ما يتوفر لديهم من أسباب القوة والمنعة المادية والمعنوية، ودأبوا على تغطية جرائمه وحماية ارتكاباته مهما كبرت، ووضعوه في الهيئات الدولية بمنزلة العصمة وما فوق المساءلة أمام ما يعرف بالقوانين والمواثيق والأعراف المعتمدة كونيًّا وكافة القيم والشرائع التي تدين بها الإنسانية.
على مدى الصراع، ظلت وتظل ترسانات الموت المتطورة في الغرب مشاعًا مباحًا فحسب للصهاينة وحدهم ينتقون منها ما شاءوا، حتى قبل حصول حلف الناتو نفسه على بعض المتطور من ما حوته بعضها، ولا يتوقف الأمر عند هذا، فالخبرة الغربية الرائدة في صناعة الدمار رهن أيديهم دائمًا. الفرنسيون هم أول من زوَّدوهم بأسلحة الشامل منها وبدأوها له بمفاعل ديمونا النووي، والأميركان كان لهم اليد الطولى في بلوغ ترسانة كيانهم الراهنة من القنابل والرؤوس النووية ما بلغته، والألمان تكفَّلوا بمدهم بالغواصات القادرة على حملها وإطلاقها ... ويمكن أن نستطرد فلا نترك تقريبًا بلدًا غربيًّا واحدًا، صغر أم كبر، لم يسهم بشكل أو بآخر في دعم ما بلغته الصناعات العسكرية الصهيونية من تطورٍ، كغيضٍ من فيض سواها من صناعات كيانهم العدواني، بحيث بلغت قيمة قوائم التصدير المعتمدة من منتجات هذا الكيان العسكرية في الربع الأول من هذا العام فقط 8،9 مليار دولار.
في مقدمة هذه الصناعات وصادراتها المتعاظمة تأتي ذات التقنيات التكنولوجية المتطورة، تلك التي باتت واحدة من وسائل ذاك الهدف الأساس المشار إليه، أي تثبيت هذا الكيان وفي خدمة جارية عملية فرض وجوده في المنطقة وترسيخها في العالم. فالصناعات التكنولوجية المتطورة باتت نافذةً له لمد جسور التعاون وتقوية العلائق مع دولٍ يتزايد عديدها في العالم، ومنها من لم تكن لتعترف به، أو كانت تاريخيًّا تقف إلى جانب القضية العربية، كالهند والصين، وحتى بعض الدول الإسلامية كالباكستان وتركيا، مثالًا لا حصرًا.
في بريطانيا وعد بلفور، والحاضنة الأولى التي أنجبت الكيان، والمشاركة الكبيرة في وصول الصناعة العسكرية هذا المدى المشهود. هيئة حكومية تدعى “دائرة الأعمال. التجديد والأهلية” مهمتها الإشراف ومراقبة صادراتها الأمنية. هذه أصدرت مؤخرًا تقريرها الشامل للأعوام الأخيرة الأربعة، والمتضمن لما يربو على 29 صفحة على الإنترنت، وبما أن كثيرا من الصناعات العسكرية في فلسطين المحتلة ذات مكوناتٍ بريطانيةٍ أمنيةٍ ومدنيةٍ تخضع لرقابة هذه الهيئة، وحيث إن على الصهاينة أن يطلبوا إذنًا بريطانيًّا بإعادة تصديرها لبلدٍ ثالثٍ، واستنادًا لطلبات السماح هذه، والتي قدَّم الكيان منها المئات لشراء أو إدراج معداتٍ ذات مكوِّنات بريطانية يقوم بإعادة تصديرها، سرد التقرير أسماءً لثمانيةٍ وعشرين بلدًا تتوزَّعها القارات الخمس، ومنها دول غربية الولايات المتحدة في مقدمتها، موضحًا تفصيلًا ما تضمنته قوائم صادراته إليها.
إنه ما من غرابةٍ هنا، فالعلاقات الدولية تقوم أصلًا على المصالح وفي قاموسها ليس ثمة من سياساتٍ خيريةٍ، أما الصداقات والعداوات فمعيارها أولًا وأخيرًا هذه المصالح، بيد أن من اللا معقول أو ما ليس من السهل تصوُّره، وإن حفلت حقبة الانحدارات في الراهن العربي الرسمي بما بلغه دركها المشهود من عجائب، أن تتضمن قائمة الدول التي تستورد أسلحةً من الكيان الصهيوني أربع دولٍ عربيةٍ ذكرها التقرير ساردًا ما صدَّره الصهاينة إليها من معداتٍ تفصيلًا، وهو ما أعادت صحيفة “هآرتس” نشره، ومن بين هذه، منظومات: حرب إلكترونية، ورصد جوي، ورادارات أرضية ومحمولة جوًّا، واتصالات عسكرية، وتشويش أجهزة شائعة، وتشويش على إطلاق الصواريخ، وبصرية لتحديد الأهداف، وللتزوُّد جوًّا بالوقود. كما ضمت هذه المعدات، أعتدة توجيه عسكرية، وأجهزة خداع بصرية، ومكوِّنات لطائرات بدون طيار وطائرات حربية، وخوذات وشاشات قمرة علوية للطيارين ... هذه المعدات يعلم الصهاينة علم اليقين أن زبائنهم العرب لن يستخدموها ضدهم، لذا طلبوا من بريطانيا براحةٍ السماح لهم بإعادة تصديرها لهم فسمحت بكل سرور!!!
ما مر ذكره هو فقط بعض مما يتعلق بالمكوِّنات البريطانية في الصناعات العسكرية الصهيونية، فما بالك بالمكوِّنات الأميركية الأضخم بما لا يقارن ولا يقاس، يضاف إليها المشاركة المباشرة في التصنيع، بوينج مثلًا تشارك في إنتاج منظومة صواريخ “حيتس”، ناهيك عن وجوه التمويل والتطوير الأميركية المتعددة لهذا التصنيع.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 29 / 2165551

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

2165551 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 29


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010