الأحد 2 حزيران (يونيو) 2013

العفو الدولية ....المساواة بين الجلاد والضحية

الأحد 2 حزيران (يونيو) 2013 par د. فايز رشيد

ساوت منظمة العفو الدولية “أمنستي” بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية, في تقريرأصدرته عن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في الرابع عشر من نوفمبر الماضي. لقد ورد في التقرير“إن الجانبين الفلسطيني و«الإسرائيلي» استخدما الأسلحة بشكل عشوائي ضد المدنيين وانتهكا القانون الإنساني الدولي”.
حرّي بنا القول إن تقرير المنظمة الدولية غير منُصف, فهو يساوي بين الجلاد والضحية، بين من يمارس فعل الاحتلال على الغير منذ عقود طويلة, وبين المظلومين المحتلة أراضيهم، والمغتصبة إرادتهم، بين من يمارس حصاراً على قطاع غزة منذ سنوات طويلة, وبين المحاصَرين. بين من لديهم ترسانة هائلة من الأسلحة والصواريخ والطائرات الحديثة، يقذفون بها حمماً تسقط على المدنيين العُزّل, ومن ليس لديهم سوى مؤخراً صواريخ أقل ما يقال عنها بدائية ذات مدى قصير،غالبيتها مصنّع ذاتياً.
العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة في نوفمبر الماضي هو جزء من سلسلة اعتداءات اقتُرفت ضد القطاع وذهب ضحيتها الآلاف من الفلسطينيين وجرح أضعاف أضعافهم. لقد استعملت إسرائيل الأسلحة المحرّمة دولياً مثل:الأسلحة الفوسفورية, القنابل العنقودية والأخرى الانشطارية, وهدمت آلاف البيوت والعشرات من مؤسسات البنية التحتية في القطاع مثل المدارس والجامعات وأماكن التعليم والكهرباء والمياه وغيرها. الأسلحة الفلسطينية لم تؤد إلا إلى جرح عدد قليل من الإسرائيليين, أقل من عدد أصابع اليد الواحدة! فكيف يتساوى فعل المعتدي والمعتدى عليه، الذي يرد على العدوان المقتَرف.
للأسف لم يتطرق تقرير العفو الدولية إلى نتائج العدوان الإسرائيلي على أرض الواقع وبين النتائج الفعلية لرد فصائل المقاومة. تقرير المنظمة الدولية يلائم حرب بين دولتين مختلفتين على منطقة حدودية يتنازعان عليها عسكرياً، وليس بين محتل غاشم وبين المحتلة أرضهم. تدرك المنظمة الدولية “أمنسي” أن قرارات الأمم المتحدة شرّعت المقاومة العسكرية ضد الاحتلال من الشعوب التي يمارس ضدّها، بما في ذلك الكفاح المسلح، فليس عدلاً أن تقترف الدولة المحتلة العدوان بالأسلحة المتطورة الحديثة،وأن تكتفي المقاومة بنثر الأزهار على المعتدين!.
لم تكن فيتنام لتنتصر ولا كذلك مطلق حركة تحرر وطني على صعيد القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، لولا مقاومة المحتل عسكرياً، وتحويل احتلاله إلى مشروع خاسر بالمعنى الديموغرافي والآخر الاقتصادي والثالث الاجتماعي الإنساني, ولم يكن محتل ليخرج من الأراضي التي يحتلها لولا المقاومة المسلحة. فرنسا حاولت فرنسة الجزائريين العرب بعد احتلال بلدهم لعقود طويلة. حاولت تشليحهم من حضارتهم وثقافتهم وتاريخهم العربي، وحاولت طويلاً من أجل أن ينسوا لغتهم العربية الأم، ونشر الثقافة والعادات الفرنسية في أوساطهم , ولولا مقاومة جبهة التحرير الوطني الجزائرية المسلحة لبقيت الجزائر مستعمرة فرنسية حتى هذه اللحظة.
الاستعمار مطلق استعمار، يحتل بلداً أو بلدانا معينة لأجل أهداف استعمارية ظالمة، اغتصاب إرادة شعب البلد المعني، مصادرة الثروات، جعل هذا البلد سوقاً تجارياً لبضائع البلد المستعمر وتحقيق طموحاته التوسعية في الأرض والبحر(إن كان للأرض المستعمرة شؤاطى بحرية) والأجواء, وأهداف أخرى غيرها. تماماً هذا ما تُمارسه الدولة الصهيونية، وفوق كل ذلك تصادر الأراضي الفلسطينية وتسعى إلى ضمها للدولة الصهيونية. تملأ الأرض بالمستوطنات, تخلع الأشجار, تعتقل الآلاف من البشر. في إحصائية لجهات مختصة فإن ما ينوف على ثلاثة أرباع مليون فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ( من بين مليون ونصف المليون فلسطيني يسكنونهما) قد مرّوا بتجربة الاعتقال. حتى اللحظة يوجد (4000) أسير فلسطيني معتقلين في السجون الإسرائيلية، منهم مئات متواجدون في السجن قبل توقيع اتفاقيات أوسلو، وقبل تواجد السلطة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، وترفض إسرائيل إطلاق سراحهم. ما نكتبه هو جزء بسيط من معاناة الفلسطينيين جرّاء الاحتلال منذ عقود طويلة، فأين هي عدالة تقرير منظمة العفو الدولية؟.
هل استمع معدّو تقرير العفو الدولية إلى الطرق التعذيبية التي تنتهجها المخابرات الإسرائيلية ضد المعتقلين الفلسطينيين أثناء التحقيق؟ وهل دوّنت أعداد المرضى بأمراض مزمنة منهم كالسرطان والجلطات القلبية والدماغية وغيرها؟ هل حاول مدونو التقرير الاستماع إلى تجارب الأطفال الفلسطينيين (دون السن القانونية) المعتقلين في السجون الصهيونية وهم بالمئات؟ والآلاف منهم مروا بتجربة الاعتقال. هل حرص كاتبو التقرير على السماع من والدة الشهيد الطفل محمد الدرة ووالده عن كيفية استشهاده؟ هل استمعوا إلى آهات عشرات الآلاف من الأمهات والزوجات والشقيقات والبنات والأبناء الفلسطينيين ممن استشهد أقاربهم في السجون أو ذهبوا بالرصاص الإسرائيلي الحي في الشوارع؟ ألم تسمع المنظمة الدولية عن سياسة تكسير عظام الفلسطينيين التي انتهجها رابين؟.
هذا جزء بسيط من معاناة شعبنا الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي,لا نقولها من أجل إبكاء العيون ومخاطبة العواطف لدى الناس، إنها الحقائق التي يعرفها كل الناس، بمن فيهم معدو تقرير منظمة العفو الدولية (أمنستي) ورغم كل ذلك يساوي التقرير بين الجلاد والضحية! أليس غريباً هذا؟!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2166058

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2166058 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 28


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010