الأحد 2 حزيران (يونيو) 2013

كفى ما حققتم من انجازات.. ارحلوا

د. أنيس مصطفى القاسم
الأحد 2 حزيران (يونيو) 2013
د. أنيس مصطفى القاسم

في هذا الوقت، الذي يتحقق فيه تقدم ملحوظ للحركة العالمية لمقاطعة اسرائيل ومعاهدها العلمية وصادراتها، وسحب الاستثمارات منها، بسبب سياساتها حيال الشعب الفلسطيني وانتهاكاتها للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني، الذي كسر فيه الكثير من الكتاب والصحافيين والاعلاميين في أمريكا وأوروبا بوجه عام، حاجز الخوف من الاتهامات المألوفة لمن يكتب الحقيقة عن اسرائيل أو الحركة الصهيونية،
والذي تُحاصِرُ فيه منظمات حقوق الانسان الفلسطينية، وأنصار الحقوق الفلسطينية من المحامين الاجانب القادةَ السياسيين والعسكريين الاسرائيليين، فلا يجرأون على مغادرة اسرائيل خوفا من اعتقالهم ومحاكمتهم كمجرمي حرب، والذي حققت فيه المقاومة اللبنانية والفلسطينية في غزة انتصارات فرضت واقعا جديدا على الارض لصالح القضية الفلسطينية في الصراع العربي الاسرائيلي، ونزح الى الخارج حوالي نصف مليون اسرائيلي. وكشف استطلاع للرأي أن حوالي مليون منهم سيهاجرون بتجدد القتال وتهديد نتنياهو بفرض غرامات على من يهاجرون. والذي حقق فيه الشباب العربي وأنصار القضية الفلسطينية في العالم انتصارين ساحقين ضد اسرائيل في أول الحروب الالكترونية، رغما عن استغاثة اسرائيل بالشباب اليهودي في كل أنحاء العالم، ثم بامريكا وفرنسا في حرب الايام الثمانية لحماية المواقع الحساسة والبنية التحتية في اسرائيل.
والذي يتأهب فيه الشعب الفلسطيني لانتفاضة ثالثة، ليس من المستبعد أن تواكبها هذه المرة حرب الكترونية ثالثة ستكون أشد ضراوة من سابقتيها. والذي يفرض فيه الاسرى الفلسطينيون في سجونهم ومعتقلاتهم الاسرائيلية نوعا جديدا من النضال يضربون فيه أرقاما عالمية قياسية جديدة. والذي أدينت فيه اسرائيل بشكل متكرر بانتهاكاتها للقانون من قبل محكمة العدل الدولية ومجلس حقوق الانسان وتقارير الخبراء الدوليين ولجان التحقيق الدولية، وتهيأت الفرص لمحاسبتها اذا توفرت الارادة الفلسطينية والعربية لذلك. والذي اعترفت فيه الامم المتحدة بدولة فلسطين بحدود الرابع من حزيرن/يونيو 1967، أي بدولة معروفة الاراضي والحدود والعاصمة، مستجيبة لما توعدت به القيادة الفلسطينية من تحريك القضاء الدولي لمحاسبة اسرائيل على جرائمها. والذي تخوض فيه الشعوب العربية معركة مصير هذه الامة ومستقبلها في مواجهة مؤامرات داخلية وخارجية لتحويل الثورات العربية عن مسارها وأهدافها. والذي تتعاظم فيه الشكوى الاسرائيلية والخوف من النتائج التي بدأت تحققها هذه التطورات والتحولات ومثيلاتها، وتواجهها اسرائيل بخطوات متسارعة في تنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين، لفرض وقائع على الارض تصعب ازالتها.
في هذا الوقت بالذات وهذه التطورات والتحولات والمواقف والفرص تحركت لجنة متابعة المبادرة العربية لاسرائيل في جامعة الدول العربية، لا لدعم ما في هذه التطورات والتحركات من ايجابيات لصالح القضية الفلسطينية أو لتعديل مواقف الانظمة أو تفعيل نشاطات توقفت، مثل اعادة الحياة لنظام المقاطعة أو لمعاهدة الدفاع العربي المشترك أو للجنة القدس، التي اسسها مؤتمر التعاون الاسلامي برئاسة الملك المغربي في أعقاب حريق المسجد الاقصى، أو باللجوء الى الامم المتحدة لتجميد عضوية اسرائيل فيها، أو للجمعية العمومية للدول الاطراف في معاهدة جنيف الرابعة لفرض عقوبات على اسرائيل، لخرقها أحكام المعاهدة أو لمحكمة الجنايات الدولية، كما توعد الرئيس الفلسطيني، لا لم يتحرك وفد الجامعة العربية الى واشنطن لبحث القضية الفلسطينية باسم الدول العربية، في أي من هذه الاتجاهات أو غيرها، كما كانت تتحرك الدول الافريقـــــية ضد النظــام العنصري في جنوب افريقيا، وانما أصدر الوفد بيانا قدم مبادرة عربية جديدة أشد خنوعا من سابقاتها، رسالتُها أن الدول العربية قد يئست من مقاومة المشروع الصهيوني، ولذا فهي على استعداد لازالة ما بدا أنه عقبات في طريق استكمال تنفيذه، وذلك لتيئيس الشعب الفلسطيني والشعوب العربية من امكانية النجاح في مقاومته، وهذا التيئيس هو شرط نجاحه من المنظور الصهيوني كما عبر عنه جابوتنسكي في مقاله الشهير ‘الجدار الحديدي’.
بداية، وقبل مواصلة الحديث، تفرض علينا الامانة في التعليق أن ننقل ما جاء في ذلك البيان ليكون تحت نظر القارئ ويتأمل في ما تميز به من عبقرية تفريطية في صياغته باسم الدول العربية، ومن بينها ادولةب فلسطين. يقول البيان حسبما نقلته وكالات الأنباء:
ايفهم وفد الجامعة العربية أن السلام بين الفلسطينيــــين والاسرائيليين خيار استراتيجي للدول العربية، ويحدد التزامها بمبادرة السلام العربية التي تقوم على حل الدولتين بحدود الرابع من يونيو 1967 والدول العربية مستعدة لتبادل طفيف للاراضي بشكل متواز ومتشابهب. لن نعلق على كل ما جاء في البيان، ولكننا نلاحظ بشكل عام خلوه التام من أية اشارة استنكار او احتجاج أو لوم أو عتب، لاسرائيل على ما تفعله ولو في القدس فقط، ناهيك عن التعبير عن غضب لما يجري أو انتصار للمدينة وأهلها الصامدين. كلمة تشجيع واحدة، كلمة أمل أو تحية، من اثنتين وعشرين دولة تضم أكثر من ثلاثمئة مليون نسمة. لقد هزلت عندما يكون حماة ديار العروبة والاسلام أنظمة كهذه. هذه الدول التي تدعو العالم كله لتزويد االمعارضةب السورية بالسلاح، وتمول الحركات االاسلاميةب وتوجهها الى سورية بدلا من فلسطين، هي ذاتها التي تضيق الخناق على المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وتشارك في الحصار المفروض عليها من اسرائيل، وتصادر ما تستطيع مصادرته من سلاح يهرب اليها من مصادر غير عربية وللأسف، تناصبها هذه الدول العداء، بدلا من أن تكون حدودها مفتوحة لنصرة المقاومة، على الأقل كما فتحتها أمام المعارضة السورية. فعلا لقد هزلت.
هذه المبادرة العربية الجديدة سعت للاستجابة للطلبات الامريكية والاسرائيلية التي تشرعن ما قام به الاحتلال من مخالفات لاتفاقية جنيف الرابعة وللقانون الدولي ولقرارات الجمعية العامة للامم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ومجلس حقوق الانسان



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2181825

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2181825 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40