الأربعاء 22 أيار (مايو) 2013

الكيان يغتال الدرّة مرتين

الأربعاء 22 أيار (مايو) 2013 par محمد عبيد

من لا يعرف قصة اغتيال الفتى الفلسطيني محمد الدرة في سبتمبر/أيلول من العام ،2000 مع أول أيام اندلاع انتفاضة الأقصى؟ ومن لم ير التسجيل المصور الذي بثته القناة الفرنسية لإعدام الطفل ذي الاثني عشر عاماً بدم بارد برصاص جنود الاحتلال؟ ومن لم يسمع والده صارخاً “قتلتوا الولد”؟

لا شك في أنه لا أحد في العالم لم يشاهد هذه الجريمة التي ارتكبها جيش الاحتلال في وضح النهار بحق هذا الطفل، ولا شك في أن الصورة لا تكذب، ولم تكن مفبركة أو من مكان آخر من العالم، فليس الضحية من يفبرك الأفلام ويتلاعب بالوقائع، وليس من يزوّر الحقائق، لأنها تجسيد للحقيقة وصورة واضحة للمأساة .

الكيان اغتال الدرة ثانية قبل أيام قليلة، عندما خرج كبير عصابة الإرهاب الدولية ورئيس وزرائه، زاعماً أن الفتى لم يقتل برصاص جيش الاحتلال، ومدعياً أن الفيديو مفبرك، وأن لجنة “تحقيق” شكلها المتهم الأول في قتل الصبي بدم بارد، قلبت الحقائق، وشككت في موته من الأساس، وفي مصدر النيران التي نقلته إلى الحياة الأخرى، وكادت تلحق به والده .

وزير الحرب الغارق في دم أبناء الشعب الفلسطيني موشيه يعالون ترأس هذه اللجنة الصورية، كونه كان زعم قبل إصدار ما اعتبرها نتائج تحقيق، أن مقطع الفيديو كان ضمن ما وصفه ب “حرب إعلامية”، وأطلق الحكم النهائي على الموضوع مسبقاً، وزاد على هذا الكذب والتدليس والتزوير قول نتنياهو إن “هناك طريقة وحيدة للرد على الأكاذيب هي الحقيقة” .

هذه طريقة الرد على الحقائق، نتنياهو يتحدث عن الحقائق لدحض الأكاذيب، وهو لم ولن يأتي في يوم من حياته على ذكر حقيقة واحدة، خلاف ما ينعب به كل يوم من أكاذيب “القوة الأخلاقية”، و”الديمقراطية”، وهو ماضٍ في كذبه حتى نهاية طريقه، ولن يتوقف يوماً عنه .

مجرم الحرب هذا لا يحتاج إلى قدر أكبر من الرد والاهتمام، بقدر ما يجب توجيه الردود ودعم الرواية الحقيقية عن جرائم الكيان المحتل في المحافل الدولية التي تستهدفها “إسرائيل” بعملية تزييف الوعي والذاكرة والتاريخ، والتي تعمل على جبهتها أضعاف ما تعمل على مستوى فلسطين المحتلة، والسبب بسيط جداً، ويتمثل في أن الخارج لا يخاطب بغير الدبلوماسية والسياسة، أما الشعب الفلسطيني فيخاطبه الاحتلال بلغة النار والمجازر والقتل بدم بارد واستباحة المقدسات والأرض .

أي عاقل يقبل بهذا السيل من الأكاذيب والترهات؟ وأي صاحب ضمير لا يقف مطولاً أمام أطول احتلال عنصري دموي في التاريخ الحديث؟ وأي منظمة أو وكالة دولية أو إقليمية تسمح لمثل هذا الكذب بالانتشار، وتتعامل معه كحقائق أو على الأقل كوجهة نظر تحتمل الخطأ أو الصواب؟

إنه عالم اليوم الذي يسمح لمثل هذه المأساة بالاستمرار، عالم الحقوق والحريات العابرة للقارات والحدود، عالم المقاييس المزدوجة، عالم السياسة التي لا تعترف بغير لغة القوة والإملاءات .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 65 / 2180806

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2180806 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40